للأنغام تأثير كبير في الأذهان، ولو التصقت المعاني بالموسيقى ينجرف لها القلوب والأذهان. ولا تؤثر الأشعار العقول النضجة فقط، بل تترك أثرا كبيرا على العقول الصغيرة أيضا، يجد الأطفال من خلالها الكلمات والتعابير. لو وجد الصغار الكلمات من قصيدة تكون سهلةً على ألسنتهم وملائمة لطبيعتهم أصبحوا يتغرّدونها حينا بعد حين، يتذوقون أثناءه متعة لغوية، يستكشفون هكذا التراكيب اللغوية والكلمات الجديدة ويتدرّبون عليها. أنشدوا قصائد وأبيات سليمان العيسى- المذكورة في السطور التالية بتحليل يسير- تجدون فيها نوعا من العذوبة وسهولة التراكيب التي تتوافق مع طبيعة الطفل.
تحليل صوائت بعض الأبيات من أنشودة
ماما يا أنغاما
|
ولكن يجب علينا أن نركّز اهتمامنا على قرض الأبيات والقصائد للأطفال بشكل متطور أكثر. في الآونة الأخيرة ركّز شعراء العرب على قصائد الأطفال، وبرزت أسماء عديدة في هذا الحقل. رغم ذلك، كثير من هذه الأبيات لا تسدّ حاجات الطفل كما يجب وينبغي. لو ألقينا النظر على الأناشيد العربية لوجدنا أن أغلبية هذه الأناشيد رغم كونها تحمل المعاني السامية لا تتوافق مع ميولات الصغار أو حاجات الأطفال.
الأطفال طبعا يميلون إلى سهولة التعبير، وموسيقى جذابة خفيفة. ويمكننا القول بأنه ليس لهم علاقة مع القصائد والأناشيد إلا بهذين السببين، الذين يؤدّيان دورا رئيسيا في جذب طبيعة الطفل إلى الأنشودة حتى يصبح يغنّيها من تلقاء نفسه، ولا يحتاج أن يغنّي عليه المعلم كل مرة لتحفيزه على الغناء. ولأن تكون أنشودة الطفل جذابة، ينبغي أن تتضمن الأنشودة الأشياء التالية: (1) قلة الصوائت، (2) جزالة التنغيم، و (3) سلاسة المعاني.
لو نقوم بدراسة قصائد مشهورة لسليمان العيسى، نجد أنها تحمل في طياتها هذه المواصفات الثلاث والأكثر. فالصوائت صغيرة جدا في قصائده المشهورة، حتى مصراع واحد يتكوّن في بعض منها من الصائتين أو الثلاثة، ثم يزداد وينتهي أكثر فأكثر على ستة صوائت فقط[1]. كذلك، أنغام هذه القصائد لا تتألّف من الأنغام العربية التقليدية، بل يوجد فيها نوع من الجدة والطرافة، أما سلاسة معانيها فكأنها تحكي لهم قصة صغيرة يستطيعون أن يحفظوها ويردّدوها على مسامع زملائهم. ولأجل هذه الأسباب الرئيسية والأخرى سمي سليمان العيسى بـ شاعر الطفولة.
هناك عشرات الأناشيد باللغة الإنجليزية أو الهندية، يمكن أن نأخذ موسيقاها، ونردد الكلمات مثلها في العربية، وطريقة عرض المعاني فيها بعين الاعتبار، حيث يرغب الطفل إلى هذه الأناشيد من أول وهلة من السماع، وراح يغنيها لأيام عديدة. يجب أن يتم مراعاة هذه الظواهر الطبيعية خلال قرض قصائد الأطفال في الأناشيد العربية أيضا، حتى يجد الطفل في نفسه رغبةً وشوقا إلى الأناشيد العربية.
تحليل صوائت بعض الأبيات من أنشودة
قطتي صغيرة
|
حاليا، في الهند شاهدنا إقبالا ملحوظا للعلماء والباحثين على تعلّم وتعليم اللغة العربية، فكثير من المدارس العصرية الإسلامية بجنب المدارس الشرعية التقليدية بدأت تهتمّ بتعليم اللغة العربية، وتستقطب أولياء الأطفال إليها من خلال إدخال حصة اللغة العربية في المقررات المدرسية. يجب على مديري المدراس الإسلامية أن يعتنوا بتعليم اللغة العربية نظرا إلى هذه الظواهر ولا يستفيدوا من الأناشيد العربية السهلة المشهورة في تعليم اللغة، بل يقرضوا القصائد الجديدة الفصيحة
الخفيفة في اللغة العربية التي تتوافق مع ميولات الطفل الهندي أيضا، كي يميل الطلاب إلى اكتساب العربية. وإليكم
نموذجان من مثل هذه القصائد، حاولت تقريضها وترجمتها من الأناشيد الهندية إلى العربية:
ترجمة الأنشودة الهنديةEkkauwapyasatha | أنشودة قصيرة حاولت تقريضها | ||
الأنشودة الهندية | ترجمتها العربية | ||
Ek kauwa pyasa tha,
Jug me thoda paani tha. Kauwa daala kankar Pani aaya uper Kauwa piya paani Ho gayi kahaani Hoshyar kawwe ki Ho gayi kahaani |
زَاغٌ صَــــارَ غِــــــلًّا
كَــانَ الْــمَــاءُ غَــوْرًا صَبَّ الْحَصَى الزَّاغُ جَـاءَ الْأَعْلَـى الْـمَـاءُ مَـصَّ الـزَّاغُ الْـمَــاءَ تَـمَّـتِ الْـحِـكَـايَــــة لِـلـــزَّاغِ الـــذَّ كِـــيِّ تَـمَّـتِ الْـحِـكَـايَــــة[2] |
بَيْتِيْ مَحْبُوْبٌ | بَـيْـتِـيْ جَـيِّـدٌ |
مِثْلَ الْـحِصْنِ | بَيْتِيْ مَحْفُوْظٌ | ||
فِـيْـــــهِ أُمِّــيْ | فِــيْــــهِ أَبِـــيْ | ||
فِـيْـــهِ أَهْـلِــيْ | وَ أَلْــعَـــابِـــيْ | ||
فِـيْـــهِ زُجَـاجٌ | يَـبْــدُوْ مِـثْـلِـيْ | ||
أَنْـظُـرُ فِـيْــــهِ | صُـــوْرَتِــــيْ |
1- انظر ديوان الأطفال، سليمان العيسى ،الصادرة من منظمة اليونسكو سنة 1996م.
[2] لسماع الأنشودة الهندية على يوتيوب، يرجى زيارة الرابط https://www.youtube.com/watch?v=4pFSGO76NVg ويمكنكم غناء ترجمتها العربية على نفس الأنغام
Leave a Reply