شكّلت الثورة الجزائرية زخما نضاليا وثوريا كبيرا للأمة العربية في مواجهة أعدائها وتعامل الشعراء الغرب مع الثورة الجزائرية أنها ثورة قومية.[1]
1/الثورة الجزائرية في الشعر العراقي :
حظيت الثورة الجزائرية بإجماع الوجدان العربي ووقف منها المواطن العربي موقف المؤيد المتحمس لأحداثها وليس من السهل حصر سائر الموضوعات التي تطرق إليها الشعراء الثورة الجزائرية بالعراق لتعدها وتنوعها حيث انفعل شعراء العراق مع الثورة شعورا وصاغوه نظما فوصفوا بطولات الثوار و مجدوا معاركهم وجميلة وكفاح المرأة الجزائرية وهزيمة المستعمر الغاشم ….فتنوع بذلك شكل القصية بين العمودي والحر و الشعر الملحمي والشعر المسرحي …الخ
وذلك ما لمسناه أثناء اطلاعنا واعتمادنا على مرجع مهم خدمنا في هذه المداخلة هو كتاب الثورة الجزائرية في الشعر العراقي في القسم الأول لمؤلفه : عثمان سعدي .
2/ثنائية الشعر والثورة :
هذه المزاوجة بين الشعر والثورة جعلتنا نقف أمام متعتين ، متعة الفن الشعري في تنوعه بين العمودي والحر ومتعة الموضوع في سرد الوقائع الثورية الجزائرية في شكل منظوم .
فالشعر الذي يدعو إلى الثورة ويمهد لها ويغري بها ويلهب نارها ويسمع دويها ويدفعها إلى الأمام دفعا ويخرجها من ظلام الظلم إلى ضياء الحق ويجعل منها واقعا فعليا بعد أن كانت فكرة وحلما هو الذي نسميه ” ثورة الشعر”،[2] وإذا كان الشعر يظهر بعد أن تستقر الأوضاع وتتضح الأمور وتخمر الأشياء والأفكار في الذاكرة وتنمو تلك البذرة الطيبة فإذا هي شجرة مباركة جذورها في الأرض وفروعها في السماء هو شعر الثورة .[3]
3/تعريف بالشاعرة العراقية أميرة نور الدين:[4]
– ولدت في بغداد عام 1925 م
– عميدة معهد الفنون التطبيقية ببغداد
– حاصلة على رسالة ماجستير في الشعر الشعبي العراقي في منطقة الفرات الأوسط ،كلية الآداب ،جامعة القاهرة عام 1957 م .
القصيدة:[5]
4/المقاربة السيميائية للفظة في قصيدة ” تحيا الجزائر “:
إن التّواصل اللساني يعدّ أهم أشكال التواصل وأرقاها مع ذلك وسعت السيميائيات من اهتماماتها لتجعل جميع أشكال التواصل التي يستخدمها الإنسان في الاتصال مع الآخر موضوعا لها السيمياء لا تكتفي بلغة اللسان أو بالكلام ولا تكتفي بالأنساق البصرية بل تدرس مجمع الصيغ التعبيرية التي يستعملها الإنسان بشكل مباشر مع الآخرين بما في ذلك الحواس لالتقاط ما هو موجود في محيطه.[6]
فهي بذلك دراسة جميع السلوكات أو الأنظمة التواصلية.[7]
وتعتبر اللفظة والثورة وجهين لعملة واحدة إذ اللفظة سلاح فعال من أسلحة الثورة لا تقل فتكا عن الرصاص إنها على حد تعبير مايا كوفيسكي : ” قائد القوى البشرية”[8]
فـــــ” وجدان الأمة عقلها المفكر ولسانها الناطق وضميرها الحي وقلبها الخافق”[9]
فــــ “الملهم والملهَم يشترك كلاهما في صنع الإلهام الذي تكون له إضافة في التراث الإبداعي.”[10]
-سيميائية العنوان :
جاء العنوان في كلمتين لهما دلالة سيميائية : تحيا الجزائر
تحيا : فعل مضارع زمن طويل امتد من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل سيرورة زمنية أزلية تدل على الحياة الأبدية
الجزائر جمع الجمع وهو جمع جزيرة جزر الجزائر يدل على الجمع والتلاحم وهو هنا اسم بلد .
لفظة : قسما
تكرر القسم في هذه القصيدة النموذج فنجد أن أميرة نور الدين تقسم تسع مرات بأن الأعداء لن يحققوا مرادهم فهي تقسم بـــ : عزم الجزائر ،وبالمناضل ،بتصميم الشباب وبإيمان الشعوب وبنور النصر وبأعمدة المشانق و بدماء الشهداء وبنار في الضلوع وبدموع فتيات الجزائر هذا من البيت 01 لإلى البيت 06 من القصيدة .
والقسم هو ربط النفس بالامتناع عن شيء أو الإقدام عليه.و هذا التكرار في القسم دال على مشاعر انفعالية تحاول الخروج من دائرة السيطرة والاستعمار إلى عالم الحرية واللاقيود .وهو مؤكد الحصول بعد الإلحاح المستمر.
لفظة : ثائر :
تدل على الثورة والنهوض ضد العدو الغاشم و الحاكم المستبد ،واستعملته مذكرا ومؤنثا لأنها تخاطب شباب الجزائر ذكورا وإناثا في هذا العمر المفعم بالقوة والحركة والانفعالات والرغبة في الحرية القومية .
وهذا ما دلت عليه أيضا لفظة مناضل صابر …الخ
لفظة : المجازر ، النار، الحمى ،الكواسر
ألفاظ تدل على قوة الثورة وصلابة الحرب وبسالة الكواسر ( شباب الجزائر ) في مقاومته وكأنها بذلك تصور مشهد الثورة الجزائرية لدى الشعوب العربية .
لفظة : النصر
للدلالة على الحرية و الفوز بها، ولكن لا يتم ولا يتحقق هذا المفهوم إلا بالإيمان الخالص بقوة الشعب الجزائري بقلبه وروحه وكيانه وصرخته .
سيميائية حرف الروي :
اختارت الشاعرة حرف الرّاء كحرف روي لقصيدتها ووظفته للدلالة على الوقع الحربي والإيقاع الثوري المميّز، والرّاء بصفته الجهورية دلّ على هذا المشهد التاريخي الراسخ .
كلّ هذه الألفاظ الموحية المنتمية إلى حقل معجمي حقل الثورة تدل على انحياز الشاعر العراقي وتضامنه مع الشعب الجزائري .
بعد التطواف بمضامين البحث توصلنا إلى أن الثورة الجزائرية كانت حاضرة وبقوة في الشعر العراقي ،حيث تعد اللفظة سلاحا قويا يستخدم ضد العدو.كما أنها تحمل
دلالات موحية سيميائية معبرة تشفي غليل الشاعر الثوري .
*****
التهميش:
[1] ينظر : الدلالة الرمزية للجزائر وثورتها في الشعر العربي المعاصر- زرارقة الوكال –مجلة تاريخ العلوم- العدد 06ص :.438
[2] ينظر : جميلة بوحيرد الرمز الثوري في الشعر العربي المعاصر –رسالة ماجستير – فاطمة بوقاسة –إشراف :يوسف وغليسي – جامعة منتوري –قسنطينة –الجزائر-2006-2007-ص :24
[3] ينظر: المرجع نفسه والصفحة
[4] ينظر :الثورة الجزائرية في الشعر العراقي – عثمان سعدي – القسم الأول –المكتبة الوطنية –بغداد –دط -1981-ص : 259.0
[5] الثورة الجزائرية في الشعر العراقي – عثمان سعدي – القسم الأول –المكتبة الوطنية –بغداد –دط -1981-ص 260-261.
[6] ينظر :الدراسات السيميائية للقرآن الكريم –إياد عبد الله و آخرون – مجلة قرآنيكا – جامعة مالايا – ماليزيا –المجلد 07-2016-ص :.94
[7] ينظر :George Mounin-clefs pour la linguistique-collection clefs-19 édition-Paris – p 133.
[8] ينظر :أدب الحرب – حنامينة و نحاح عطار –دار الآداب –بيروت –ط : 02-1979- ص : 23.
[9] ينظر :جولة هع القصيدة – عمارية بلال –المؤسسة الوطنية للكتاب –الجزائر -19816 -ص :11
[10] ينظر :أدب الحرب – حنامينة و نحاح عطار –ص :13
*كلية الآداب و الفنون، جامعة حسيبة بن بوعلي-شلف، الجزائر
Leave a Reply