الاستطلاع غريزة إنسانية جبل عليها الإنسان،وطبيعة ثانية له فطر عليها بعد المأكل والمشرب،والمسكن والملبس،ولذا توجدهذه الغزيرة لدى الطفل حينما يشعر ويدرك ما حوله،وإن الطفل جبل على الفطرة، كانت تستخدم الحواس الخمس في العهد القديم في وسائل الاستطلاع ، وبالتدريج توصل الإنسان إلى وسائل إعلامية جديدة وترقت العلوم والتكنولوجيا ولاتزال تترقى يوماً فيوماً حتى صار جميع محيط الأرض فى قبضةٍ واحدةٍ فيطلع إنسان اليوم على أخبار أقاصى البلاد في بضع ثوانٍ،
أما الصحافة فهي فى معناها الواسع أهم وسيلة للاطلاع فيناسب أن نلخص معناها اللغوي والاصطلاحي، فالصحافة بكسر الصاد ماخوذة من الصحف (ص ح ف) وجاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم عدة مرات: “إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى” (الأعلى19) فمعناها اللغوي الكتاب، والرسالة (1) ويقول صاحب أساس البلاغة: هي قطعة من جلد أو قرطاس يكتب فيه (2)
أما معناها الاصطلاحي” فهي جمع الأخبار والأنباء ونشرها وإذاعتها في وقت معين وهذا الوقت يمكن أن يكون ليوم أو أسبوع أونصف أسبوع أو شهر نصف شهر أو سنة أو نصف سنة. ومن أنواع الصحافة الصحف والجرائد والمجلات وكذلك تعتبر الأخبار التي تبث عن طريق المذياع أوالتلفاز(3) ويهمنا في هذا البحث الموجز الصحافة المكتوبة التي صدرت في صورة المجلات والجرائد في اللغة العربية في الهند.
فالصحافة العربية تطورت في الهند في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وإن كانت اللغة العربية سائدة في جو البلاد إلا أنها اقتصرت في المدارس والكتاتيب ،وكتب التفسير والحديث والفقة وما يتعلق بها، فقد نبغ في ربوع الهند عباقرة العلماء والمحدثين والفقهاء الذين كانوا يملكون فصاحة اللغة العربية وبلاغتها بأحسن روعة وجمال، مثل الشيخ علي بن حسام الدين المتقى (885-975ه) صاحب كنز العمال، والشيخ محمد بن طاهر الفتني صاحب مجمع بحار الأنوار، والشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي المعروف بالمجدد للألف الثاني (971هـ – 1034هـ) والشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي (958هـ – 1052هـ) والشيخ الإمام الشاه ولي الله الدهلوي (1114 – 1176هـ) صاحب حجة الله البالغة، والشيخ عبد العزيز بن الشاه ولى الله الدهلوى (1159 – 1239هـ) صاحب “فتح العزيز” و “تحفه إثنا عشرية” والشيخ إسحاق المحدث الدهلوى والشاه عبد الغنى المجددى (1235 – 1296هـ) والشيخ الإمام محمد قاسم النانوتوى (1248 – 1297هـ) والشيخ محمود الحسن الديوبندى (1268 – 1339هـ)، ومن إليهم من عباقرة العلماء وجهابذة المحدثين. فصرف هولاء العلماء تمام عنايتهم البالغة إلى كتاب الله وسنة رسوله لأنهم ينظرون إليها نظر التقديس والتكريم حيث نزل بها القرآن الكريم وفيها الأحاديث النبوية الشريعة ولذا لم يقدم أحد على إصدار مجلة باللغة العربية في الهند إلا بعد ظهور الصحافة الإنجليزية والفارسية والأردية وبعض اللغات المحلية الأخرى في الهند.
كما يقول الدكتور سليم الرحمن خان الندوي في هذا الصدد : “بما أن اللغة العربية لم تكن لغة التفاهم بالنسبة لأبناء البلاد ولم تكن لهم روابط ثقافية مباشرة بالبلاد العربية بالنسبة لأبناء البلاد بوعورة الطريق وبعد المسافة فإنها لذالك انحصرت في الأوساط العلمية فقط وكان يوجد فيها عدد قليل يقدرون على قراءة الكتابات العربية وفهمها دون القدرة على التعبير بها، وهكذا أصبحت اللغة العربية غير نشيطة في هذه البلاد “.(4)
بعد ما ظهرت الجرائد المطبوعة فى شتى لغات الهند قام بعض أولى العزم والحرص على العربية بإصدار جريدة باسم “النفع العظيم لأهل هذا الإقليم” وكانت هذه أول بادرة للصحافة العربية الإسلامية (5) وخلفت آثاراً بعيدة المدى فى أبناء هذا البلاد والذين كان لهم إلمام باللغة العربية، حيث تكشف لهم مجال التدريب والتنسيق وتتجدد صلتهم باللغة العربية.
صدر أول عدد لها فى 17 أكتوبر عام 1871م، وتولى مسئولية تحريرها الشيخ المولوى مقرب علي وأشرف عليها جى. دبليو. لايثير مدير التسجيل بجامعة بجانب.
كانت هذه الجريدة تحتوى فى بداية أمرها على ثمانى صفحات. ثم ازداد عدد قراءها فأضيفت صفحتان فأصبحت عشرة. وكانت تطبع على الحجر فى المطبعة البنجابية فى لاهور. وكانت تنشر فيها مواضيع دينية وأدبية واجتماعية، وكانت تعير اهتماماً بالغاً للمواضيع التعليمية والاجتماعية كما أنها حالفت مبدئياً فكرة السير سيد أحمد خان ونشرت دائماً كلمات مؤيدة له. وقد لعبت فعلاً فى إنجاح حركة السير سيد أحمد خان.
استمر صدور الجريدة بدون انقطاع إلى ما بعد وفاة صاحب المطبعة المنشى محمد عظيم الذى كان والد الشيخ مقرب علي صاحب الجريدة. وتوفى عام 1885، غير أنه لم تطل مدة صدورها عقب وفاته. ونظراً لاختلال شؤونها المطبعية فقد لجأ أصحابها إلى توقيفها. (6)
تعتبر جريدة “النفع العظيم لأهل هذا الإقليم” من أهم الجرائد العربية فى الصحافة الهندية قديماً. حيث قامت بخدمات واسعة فى نشر تعليم اللغة العربية. والتعريف بالأدب العربي الحديث والأدب الغربي. كما اطلعت مسلمى الهند على أخبار العرب السياسية والثقافية والاجتماعية فى الوقت الذى كانت أو كادت الهند منقطعة فيه تماماًعن البلاد العربية وكانت على مستوى عالٍ فى الطباعة والإخراج الفني بالنظر إلى مستوى الطباعة والصحافة فى ذلك العصر. كما كانت تتسم بالأسلوب الجيد وعرض الموضوع وتحليله بطريقة علمية. وقامت بدور هام فى تطوير الصحافة العربية فى الهند. والتى تطورت بسرعة فائقة حيث نجد اليوم عددا ضخماً من المجلات والجرائد العربية فى شبه القارة الهندية لا يقل عن الصحافة العربية فى البلاد العربية من حيث أهمية المقالات التى تنشر والأسلوب الأدبي الصحفى والإخراج الفنّي فكانت جريدة “النفع العظيم لأهل هذا الإقليم” بمثابة اللبنة الأولى التى قامت عليها وارتفعت الصحافة العربية بالهند.(7)
شفاء الصدور:
ذكر الدكتور أيوب الندوي : أنه “لم يجد جريدة عربية بعد هذه الجريدة فى الهند إلا بعد فترة طويلة لا تقل عن عشرين عاماً” (8) وقال بعضهم: مجلة البيان هى ثانى دورية عربية فى تاريخ الصحافة العربية فى الهند. فعندما توقفت جريدة “النفع العظيم لأهل هذا الإقليم” عن الصدور مضت فترة تقارب عشرين عاماً لم تكن فى الهند أي دورة عربية حتى صدرت مجلة “البيان” فى 20 ذى الحجة سنة 1319هـ الموافق مارس عام 1902م”. (9)
والحال أن مجلة “ثقافة الهند” الصادرة من نيو دلهى ذكرت فى عددها الأول من سنة 2009 ص 77-78 مجلة شهرية باسم “شفاء الصدور” التى صدر عددها الأول فى عام 1857م واستمر صدورها حتى عام 1877م، وكانت هذه الجريدة جريدة علمية أدبية أصدرتها كلية العلوم الشرقية بمدينة لاهور، وكانت تطبع فى مطبعة “انجمن بنجاب” بلاهور، وتولى مسؤولية تحريرها الشيخ العلامة فيض الحسن السهارنفورى الذى كان من نوابغ اللغة العربية وآدابها فى الهند خلال القرن التاسع عشر الميلادى.
وكان من أكبر اهتمام هذه الجريدة ومسؤوليتها نشر تعليم اللغة العربية فى طلاب الكلية الشرقية بلاهور خاصة وفى طلاب الدراسات العربية فى كل مكان عامة. ولذلك كانت تهتم الجريدة بشرح فنون الأدب العربي نثراً وشعراً. ولم يكن فيها المواضيع السياسية إلا قليل. أما المواضيع الاجتماعية والشؤون الدينية والأدبية فحدث عن البحر ولا حرج. إن هذه المجلة خلّفت الوعى السياسي لدى الطلاب، والمعرفة الطيبة بالأحوال الاجتماعية السائدة. والجدير بالذكر هنا أن سياسة هذه الجريدة تجاه السير سيد أحمد خان وحركته التعليمية لم تكن موافقة و مؤيدة له، وذلك لأن الشيخ فيض الحسن السهارن فورى لم يكن يؤيد فكرة السير سيد أحمد خان بسبب آراءه الشاذة فى تفسير القرآن الكريم. (10)
مجلة “البيان” :
بعد هذه الجرائد صغيرة الحجم ازدهرت مجلة مهمة فى تاريخ الصحافة العربية بالهند باسم “البيان” كانت المجلة فى حداثة عمرها شهرية ثم لفتت عنايات القراء والكتاب فأصبحت نصف شهرية، صدرت فى 20/ من ذى الحجة سنة 1309/ مارس 1902م ونالت شهرة كبيرة فى الهند وخارجها. أنشأها الشيخ الاستاذ عبد الله العمادى الذى كان من كبار العلماء والكتاب والمترجمين فى الهند. وله مؤلفات قيمة عديدة فى مختلف العلوم والفنون. قد جعلها صحيفة علمية سياسية أخبارية تاريخية. يشرف عليها الشيخ الفاضل عبد العلى المدراسى. وبعد مدة انفصل الشيخ العمادى عن رئاسة تحريرها وكذلك الشيخ المدراسى عن الإشراف عليها. وأشرف عليها المستشرق الألمانى الدكتور جوزيف هوروفنس أستاذ اللغات الشرقية فى كلية على جره الإسلامية. (11)
كانت تصدر المجلة باللغتين العربية والأردية وكانت تحتوى على 44 صفحة. وأول عمودها يحمل عنوان “هذا بيان للناس” وكان تتضمن محتوياتها تفسير بعض آيات من القرآن الكريم. وأخبار العالم الإسلامي والبحوث والتقريظ على الكتب المطبوعة حديثاً وسير وتراجم كبار الشخصيات الهندية.
استهدفت المجلة من خلالها اطلاع المسلمين العرب بما يعيشه المسلمون العجم. وتربية الأسلوب الرصين الخالى عن التكلف والزخرف كما يصرح الشيخ العمادى قائلاً “إن الخطة التى تسلكها “البيان” هى خدمة اللغة العربية وتوطيد دعائمها بالديار الهندية. وتحقيق الوفاق بها بين الهند والعرب. وقد صبغناها بصبغة علمية كما وشيناها بطراز من اللطائف العمومية فهذا يشحذ الذهن عن الكلال. وذلك يوضع الخاطر عن الملل. يذكر أنواع المكارم والنهى ويأمر بالإحسان والبر والتقوى وينهى عن الطغيان والشروالأذى “. (12)
ويكتب فى مكان آخر: “الغاية من إصدار هذه المجلة نشر اللغة العربية فى هذه الربوع وتقديم العلوم العربية فى بوتقة جديدة “. (13)
فيتضح من هذه المقتبسات أهداف المجلة التالية:
* نشر اللغة العربية فى الهند وتربية الذوق العربى فى الجيل الناشئ وتعريف أهل الهند بأساليب الإنشاء الحديثة السائرة فى البلاد العربية.
* تأدية وظيفة السفير والترجمان للمسلمين الهنود لدى إخوانهم فى البلاد العربية.
* تبادل الأخبار بين المسلمين الهنود والعرب.
* تقديم مقتطفات من الصحف العربية بين الفنية والأخرى على صدر صفحاتها لأهل الهند.
* تعريف أهل الهند بتحقيقات علمية جديدة تظهر فى مصر وغيرها.
وقد ساهم الكتاب البارزون والأدباء النابغون من الهند وخارجها فى نشرها ونتاجها بحصادهم الفكرى ونتاجهم العلمي من أشهرهم: عبد الله العمادى، ومحمد كامل آفندى الطرابلسى، والسيد جمال الدين الأفغانى، والشيخ محمد عبده، وشبلى نعمانى، والسيد سليمان الندوى، وعبد الرزاق المليح آبادى، وأنيسه اللبنانية، والسيد على الزينى، وعبد القوى الفانى، ومحمد سراج حسن.
ونالت المجلة إعجاب وتقدير كبار الشخصيات الهنود والعرب وأبدوا آراءهم القيمة بالكتابة إلى مدير المجلة. فها هى نبذة من بعض آرائهم:
كتبت جديرة “البوستة” فى عددها 444: “مجلة البيان تحث الإسلام والمسلمين على الفضائل ونبذ الرذائل. وهى أول جريدة ظهرت فى بلاد الهند باللغتين العربية والأردية نتمنى لها النجاح ولصاحبها التوفيق و الفلاح “. (14)
جاء فى عدد 883 من جريدة اللواء اليومية المصرية ما نصه: ” وقد عرفنا حضرة صاحب الجريدة بمسألة سيكون له شأن عظيم فى اتحاد العالم الإسلامى. وهى ترجمة أفكار الجرائد المصرية والسورية والتركية فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين إلى اللغة الأردية”.(15)
وكتب العلامة شبلى النعمانى: “جريدة البيان الغراء التى هى أحسن جريدة علمية أخبارية سياسية اقتفت أثر الجرائد المصرية أدركت شأوها فى رشاقة العبارة، وانتقاء الألفاظ، ولطف المعنى وحسن السبك “. (16)
ومدحت جريدة “مرأة الغرب” الصادرة من نيويورك الولايات المتحدة الأمريكية مدير تحريرها “العمادى” ما نصه: “لمنشئها الأديب عبد الله آفندى العمادى من مشاهير كتاب العربية فى الهند. والمجلة علمية سياسية تاريخية، جامعة للفوائد العلمية والتاريخية “.(17)
وكتب أشرف علي التهانوى: “جريدة البيان التى شطر عنها بالعربى الفصيح وشطر بالأردى الفصيح، أجدها طامحة باللطائف العلمية والنوادر الأدبية، والتحقيقات اللغوية، والسياسيات المدنية، والغوامض الفلسفية، والأخبار الوطنية والخارجية “. (18)
مجلة الجامعة :
فى عام 1912 أثار البريطانيون الشريف حسين بن على حاكم الحجاز آنذلك على الخلافة العثمانية التركية، وحضه على أن يستقل بحكم البلاد ويتربععلى عرشها، فخودع الشريف وطمع فى الجاه ونسىالقيادة الإسلامية السمحة، ورفع صوته ضد الخلافة العثمانية، وتسبب ذلك أسر كبار المجاهدين ضد الاستعمار مثل الشيخ محمود الحسن الديوبندى والشيخ حسين أحمد المدنى ومن إليهم. فاضطرب مولانا أبوالكلام آزاد وتشوش فكره الحرّى، وكان آنذلك مسجوناً من قبل الإنكليز. وكان يعانى المعاسر و المحازن الأليمة، رغم ذلك عقد على أن يصدر مجلة عربية يوقظ الأمة العربية من غفلتها وتنبهها من سباتها، ويوقفها حقيقة الحوادث والعواقب ويحفظها من الخسائر والمساوئ الفادحة ويخبرها من الدسائس والمكائد البريطانية التى تسببت ترك التضامن الإسلامى والإتحاد الأيمانى وتشتت شملهم فى الديار العربية وخارجها.
فأعد مولانا آزاد لهذه الخدمة الجليلة الصحافى النابغ والمجاهد الباسل الشيخ عبد الرزاق المليح آبادى وجعله رئيس تحرير المجلة وصار نفسه يشرف عليها وألحفها بجمعية الخلافة المركزية، فصدر أول عدد لها فى أبريل عام 1923م من مدينة كولكاتا. واستهدف مولانا آزاد بإصدار هذه المجلة إلى مساندة الخلافة العثمانية، ومعارضة سلطة الشريف حسين الذى كان حليفاً للحكومة البريطانية واتحاد جميع المسلمين بصفة خاصة وجميع الأمم الشرقية بوجه عام، والحصول على الحرية السياسية والفكرية، وتبادل الأفكار والآراء بين القادة والزعماء والمفكرين المسلمين المتواجدين فى أدنى الأرض وأقصاها. حتى يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً إذ اشتكى منه عضو اشتكى سائر الجسد بالسهر والحمى.
وإلى جانب ذلك كانت المجلة تستهدف إلى نشر اللغة العربية وتوطيد دعائمها فى الهند. وحقاً أنها قامت بدور عظيم فى هذا الصدد، بأن أحيى التراث العربي بنشر المقالات الدينية والثقافية.
بالرغم من ذلك لم يطل عمرها أكثر من عام واحد بالنظر إلى العوائق السياسية التى كانت أكبر سبب فى توقفها عن الصدور، والحكومة المستعمرة البريطانية أثارت حفيظة الشريف حسين ضد المجلة ومؤسسها فكان يخالفها من خلال مجلة حكومية “القبلة” ويسبها ويستهزئ بمؤسسها مولانا آزاد. يقول الشيخ عبد الرزاق المليح آبادى مدير مجلة “الجامعة”: “كانت مجلة “الجامعة” مجلة ثورية تتسم بالجرأة والأسلوب النقدى اللاذع. لذلك كانت سبباً لهجوم كثير من المسلمين علي الشريف حسين بن علي مما أثار حميته ضد المجلة، ونسي منصبه وبدأ يسبها فى مجلته الحكومية “القبلة” التى كانت تتميز بقراءها المثقفين حيث كتب فيها مستهزئاً بابى الكلام آزاد “أبوالكلاب” وكانت لغته لغة ركيكة. وكنتُ قد سمعته يخطب فى مكة المكرمة ففهمت من أسلوبه أن الكلمات التى نشرت فى مجلة القبلة ضد “الجامعة” كان مما أملاه هو نفسه على كاتبه “. (19)
وتعتبر هذه المجلة مصدراً مهماً للمعلومات عن الأوضاع السياسية لذلك الوقت عام 1923-1924م فى الهند والعالم الإسلامى خاصة فى تركيا والحجاز. ومن ثم عرف الناس أن الشعب الهندى يتطلع إلى الاستقلال من الاستعمار الانكليزى. وعرفوا أن حركة الخلافة ظهرت فى بلاد الهند لتحريرها من المستعمرين ولإنشاء الخلافة الإسلامية من جديد. فهى بمثابة مصدر تاريخى وسياسي فى آن واحد.
وهكذا نالت مجلة الجامعة صيتاً واسعاً بين السياسيين الهنود والعرب فقد تأثر بمقالات المجلة ومنثوراتها عدد كبير من النفوس فى البلاد العربية والإسلامية. وهذا واضح من تلك الرسائل التى كانت تستلمها المجلة وتطبعها فى صفحاتها بين حين وآخر.
مجلة “الضياء” :
مجلة عربية شهرية كانت تصدر في كل منتصف الشهر برزت على منصة الصحافة العربية في شهر محرم الحرام عام 1351 ه الموافق مايو 1932م و تولى رئاسة تحريرها الأديب الرشيق الشيخ مسعود عالم الندوي 1910م 1954م، وكان الشيخ سيد سليمان الندوى والشيخ تقى الدين الهلالى المغربى يساعدانه بالإشراف عليها. وكان فى هيئة تحريرها الأدباء المطبوعون الشيخ أبوالحسن الحسنى الندوى، والشيخ محمد ناظم الندوى، وفى الحقيقة كانت المجلة ترجماناً لنشاطات ندوة العلماء كما كانت وسيلة وطيدة لبث الفكر الإسلامى والدعوة الدينية فى الهند وخارجها. وكانت تعتبر من أهم روافد وقنوات الإتصال بين مسلمى الهند والعالم الإسلامى.
والجدير بالذكر أن “الضياء” ظهرت فى زمن كان الأسلوب العربى يتسم بالزخارف والألفاظ المحسنة البديعة وتكلف العبارة وغوامضها. فنهضت الضياء تزيل هذه المنمقات وتعيد العربية فى أسلوبها الخالص الساذج الطاهر من التكلف والزخرف، وتمد لها الحيوية والنشاط والسهولة المفهمةللخواص والعوام على السواء، حتى بلغت ذروة الكمال وأفق الأدب السليم. فلذا تعد هذه المجلة نقطة انطلاق لتطور الصحافة العربية وازدهارها فى الهند حيث تصدر الآنحوالى خمسين دورية – صغيرة وكبيرة – باللغة العربية. والفضل فى كل ذلك يرجع إلى مجلة “الضياء”.
حظيت مجلة الضياء بعناية وقبول من الأوساط المتعلقة العرب والعجم. وأشادت بها شخصيات علمية بارزة كتبت عنها جريدة الصنعاء اللبنانية: “فى مدينة لكناؤ مجلة عربية اسمها “الضياء” ينشرها الاستاذ الفاضل السيد مسعود عالم الندوى مطبوعة على الحجر، تشتمل على البحوث الإسلامية وعلى كل ما هو مفيد، ولا يوجد فى الهند مجلة عربية سواها وهى أفصح لغة وأروع أسلوباً من أكثر الجرائد والمجلات التى تنشر فى الأقطار العربية “.(20)
وشيدتها مجلة شامية باسم “العرفان”: “دخلت مجلة الضياء الهندية فى سنتها الرابعة. وهى تحمل مشعل الضياء والهداية. ولولا طبعها الحجرى وهو غير مألوف اليوم لعددناها فى طليعة المجلات العربية الراقية “. (21)
وكان ممن يمدها بمقالاتهم القيمة العباقرة الأفاضل فى عصرهم مثل الشيخ سيد سليمان الندوى، وعبد الرحمان الكاشغرى، وتقى الدين الهلالى، ورئيس أحمد الجعفرى، ومحمد اسعاف النشاشى، والسيد على الزينى، والعلامة السيد عبد الحى الحسنى، وبدرالدين الصينى، والشيخ عبد السلام القدوائى، والشيخ أبوالحسن على الندوى، والشيخ محمد شبلى النعمانى، وأمين أحسن الإصلاحى، وأبوالليث الندوى والأمير شكيب أرسلان ومن إليهم. (22)
ومن المؤسف جداً أن نور” الضياء” انطفأ فى مدة قصيرة، بعد أربع سنوات من صدورها عام 1935م (23) إلا أنها تركت أثراً خالداً فى الأمة الإسلامية لايزال نورها متزايداً باهتمام أبناءها بخطوتها التى مهدت السبل ويسرت الطرق لهم. وبهذا افتتح العهد الجديد المتقدم للصحافة العربية الهندية الذى طلع فى فجر “النفع العظيم لأهل هذا الإقليم”. فظهرت بعدها عديد من المجلات العربية التى نالت القبول والشهرة فى أقاصى البلاد وأدانيها. ولم تخلف الحكومة الهندية المستقلة فى تطويرها وتنميقها. فأسلط ضوءاً خاطفا على المجلات التى صدرت من قبل الحكومة الهندية .
مجلة ثقافة الهند:
بعد غياب مجلة “الضياء” لم تظهر أية مجلة عربية حتى بداية المنتصف الثانى من القرن العشرين. والسبب وراء ذلك عكوف الزعماء والقادة على جهود تحرير البلاد واستقلالها من براثن الاستعمار فعكفوا على المجهودات والمساعى التى تؤدى البلاد إلى الحرية والاستقلال. فلذا يعدّ هذا العصر عصر ازدهار ورقى للصحافة الأردية فى كافة أرجاء الهند عندما نالت البلاد حريتها عام 1947م وشكلت أول حكومة بها. وعين أبوالكلام آزاد وزير المعارف فى الحكومة. فأنشأ المولانا المجلس الهندى للروابط الثقافية وأصدر منها مجلة باسم “ثقافة الهند” بدلهى الجديدة، وصدر عددها الأول فى مارس عام 1950م. ولا تزال تصدر حتى يومنا هذا بدون انقطاع. وقام مولانا آزاد نفسه بالإشراف عليها. تولى رئاسة تحريرها الشيخ عبد الرزاق المليح آبادى. ثم تولى الرئاسة شمعون طيب علي لوكهندوالا من عام 1959م حتى عام 1971م وناب منابه الأستاذ الدكتور مقبول أحمد إلى عام 1984م. وخلفه الاستاذ الدكتور نثار أحمد الفاروقى إلى عام 1995م وبعد ذلك تولى إدارتها الأستاذ زبير أحمد الفاروقى. (24) وفى هذه الأيام يصدر هذه المجلة المجلس الهندى للعلاقات الثقافية بتعاون المركز الثقافى الهندى العربى بالجامعة الملية الأسلامية بنيو دلهى. ويقوم بتحريرها البروفيسر ذكر الرحمان مدير هذا المركز بكل جد ونشاط.
ركزت المجلة منذ حداثة سنها على نشر الحضارة الهندية قديمها وحديثها، ونشرت مقالات فى الأدب والسياسة والتاريخ والإجتماع. وانتقلت المواضيع العديدة من شتى اللغات كالإنكليزية والأردية والهندية والبنغالية وما إليها. ولا ريب أنها أحسن سفير بين الثقافة الهندية والعربية. وأوطد مصدر لدراسات الحضارات الهندية وثقافتها وآدابها ودياناتها لدى أبناء الضاد. فلذا حظيت بالقبول والتناول لدى الباحثين والأكادميين العرب.
وقد ساهم فى تحريرها عديد من الكتاب والباحثين أصالة ونيابة ونقلاً عنه مثل الشيخ سيد سليمان الندوى، والسيد عبد الحى الحسنى، والقاضى أطهر المباركفورى، ونسيم الدين الفريدى، ومحمد سليمان أشرف ومن أدباء غير العربية وى. ايس. اكروالا، وسوينتى كمار تشتارجى، و بشيشير براديب ومن إليهم.
مجلة صوت الشرق:
مجلة مصورة شهرية حكومية، صدر عددها الأول فى أكتوبر عام 1952م من مركز استعلامات سفارة الهند بالقاهرة، جمهورية مصر العربية، تحت إدارة خليل جرجس خليل. وتركز المجلة اهتمامها البالغ على توطيد العلاقات السياسية والاجتماعية بين الهند وجمهورية مصر العربية بوجه خاص والبلاد العربية بوجه عام. كما أنها تعرّف العرب بنشاطات الهند الأدبية، والفنون الجميلة، والتجارة والاقتصاد. وأكثر مقالاتها منقولة من الإنكليزية والهندية والأردية. وهى تعلّم أبناء العرب اللغة الهندية كما تنبئهم عن الأماكن السياحية والأكلات الهندية والمخترعات الحديثة من قبل الهنود. ومن المساهمين فى كتابتها الدكتور نجيب محفوظ الكاتب المصرى المعروف الذى نال جائزة نوبل فى الأدب عام 1988م. وأحمد حسن الزيات، والدكتور بطرس غالى، والدكتور عصمت عبد الحميد.(26)
ومن أهم العناوين التى نشرت فى المجلة على ما يلي:
“بين شقى الروح” لـدامو داران.
“جواهر لال نهرو رجل المبادئ والمواقف” للكتور بطرس غالى.
“الوضع الاقتصادى فى الهند” لوزير التجارة الهندى.
“مصر فى عيون هندية” للدكتور عصمت مهدى.
“مدارس بوابة الجنوب ” لسوبهادرا مينون
“أول عملية زراعة قلب فى الهند” لـ ن. س. جين
“الحصار” (قصة قصيرة)لبلبل شارما
“مفهوم القومية عند أبوالكلام آزاد” للدكتور أحمد القاضى
“هل يضحك الهنود” لـ س. م. مينون
“التأثيرات الجغرافية” همايون كبير
“الشركات الهندية تدخل الأسواق العالمية” لـ س. ك. جداوال
“روابط مصر والهند من أقدم العصور حتى اليوم” لـ سردار باتيكار سفير الهند فى مصر.
“ديموقراطية الهند نموذج للعالم الثالث” لـ عماد جاد
“سياسة الهند الخارجية” لـ سلمان خورشيد.(27)
مجلة الهند:
مجلة مصورة ثقافية قام بإصدارها السفارة الهندية بدمشق عام 1972م، مرة فى كل شهرين. تعتبر هذه المجلة مثل مجلة “صوت الشرق” مجلة سياسية اقتصادية صناعية تجارية وعلاقة موثوقة بين الهند وسوريا، وجلها فى شكل التصاوير والرسوم. تركز المجلة اهتمامها على نشر المقالات التى تدورحول التقدم التكنولوجى والتجارى فى الهند، كما أنها تنشر أدب الأفلام والسينيما والرياضة والسياحة. وفيها قسم خاص للأطفال الناشئين، وبرامج تعليم اللغة الهندية، ونشر الرسائل الموجهة إليها باسم “بريد القراء”. ولاتزال تصدر حتى يومنا هذا بنسق وانتظام منذ تأسيسها (28) . فلذا تناولتها أيدى العرب، وأشادت بها، ومدحت طباعتها وإخراجها الفنّى. يقول أحد قراءها العرب عبد العزيز اسماعيل: “رأيت بالصدفة أحد أعداد مجلتكم. فأثارت صورة الغلاف والعنوان فضولى حيث تناولتها ورحت أقلب صفحاتها وإذا بها بستان عنى بالأفكار القيمة حول عادات وتقاليد وتراث وأدب وعلوم وأعراف الهند. هذا البلد الصديق الذى تربطه بسورية روابط المحبة والإخلاص والوفاء.(29)
وإليكم بعض المواضيع المنشورة فى أعدادها المختلفة التى تشير إلى جدتها وابتكارها.
تطور العلاقات الهندية السورية،الأدوية والمستحضرات الطبية،الهند المحترفة،عروض تجارية من الهند،اليوغا،سلاما راجيف غاندى (شعر)ِ، رابندرنات طاغور، أشهر أدباء الهند، مساهمة الهند فى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام،أرجون: الدبابةالهندية المصنوعة حالياً،لمحة عن الفن الهندى وجمالياته،وازوان:الكرم الكشميرى. (30)
مجلة آفاق الهند:
مجلة شهرية علمية ثقافية مصوّرة حكومية أصدرتها وزارة الخارجية الهندية بعاصمتها نيودلهى عام 1988م. ثم بدأت تصدر باللغة العربية منذ عام 1992م. وأصدرت فى هذه الأيام باللغات الإنجليزية والفرنسية، والأسبانية، والهندية، والبرتغالية، والروسية، والألمانية، والاندونيسية. وتوزعها وزارة الهند الخارجية على السفارات الهندية فى دول العالم المختلفة. وكان دليب سينغ أول مديرها. وجلمقالاتها مترجمة من اللغة الإنجليزية أو الهندية إلى العربية. تدور محتويات المجلة حول النواحى الاقتصادية والتجارية والسياحية والموسيقية، والسينماوية والرقصية مثل المجلات الحكومية الأخرى. وإليكم من بعض مواضيعها:
الرقص لمجد الهند. راجيف باتيا
الرحلة الفرسية فى راجستهان بهارات بوشان
التقاليد الصوفية فى الهند براتات كهولار
لاتامانغيشكار – عندليب الهند نخيل جاغيندرا غادكار
الطبخ المغولائى لذيذ المذاق أرتشانا سينغ
دليب كمار – عملاق بين الممثلين أو. بى. بهجت
ديباوالى: عيد الأنوار بوجا تاكور (31)
كما ذكرنا سابقا أن مجلة “الضياء” كانت أول مجلة زاهرة راقية فى أفق الصحافة العربية فى الهند، وأنها لم تمتدّ إلا حوالى أربع سنوات. وبعد غيابها لم يظهر فى منصة الصحافة أى مجلة حتى بداية المنتصف الثانى من القرن العشرين. وفى بدايته ظهر أول مجلة عربية رسمية باسم “ثقافة الهند” تحت إشراف وزير المعارف الهندية آنذاك مولانا أبوالكلام آزاد. فغرست هاتان المجلتان “الضياء” و “ثقافة الهند” فى قلوب الشعب الهندى الحب العميق والرغبة الشديدة تجاه اللغة العربية وآدابها، وانتبهت الأمة الإسلامية لتجديد البنية الصحافية فى الهند. فأقبل العلماء والأدباء على تطويرها وتزهيرها بكل معانى النسق والانصرام، فظهرت ولاتزال تظهر حتى يومنا هذا مجلات أدبية وجرائد علمية حتى بلغ عددها اليوم خمسين مجلة – صغيرها وكبيرها – وهذا العدد أكثر من بعض الدول العربية، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الحكومة المستقلة المحررة وأكثر من ذلك إلى الأدباء والمخلصين النابهين.
فالمجلات الحكومية ذكرناها آنفا وسوف نقدم إليكمإن شاء الله المجلات التى صدرت من قبل المؤسسات والجمعيات الأهلية بدون المساعدة الحكومية وعددها أكثر ونطاقها أوسع وفضلها أتم.
مراجع البحث:
(1)الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمن خان الندوي. ص: 14.
(2) أساس البلاغة :جارالله االزمخشري.ج 2 .
(3)الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 58 .
(4) الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمن خان الندوي ص80 ط: المجمع الإسلامي العلمي، بلكناؤ .
(5)نفس المصدر ص 80 .
(6) نفس المصدر ص 82 نقلا عن تاريخ صحافت أردو.إمداد صابري.ج2 ص206 .
(7) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 85 -86 .
(8) نفس المصدر ص 86 .
(9) الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمن خان الندوي. ص 234 .
(10) مجلة ثقافة الهند. ج : 60 ، عدد :1، ص77-78 .
(11) “البيان” ، عدد شعبان،عام 1328هـ .
(12)مجلة البيان، عدد أبريل عام 1904م.نقلا عن الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمان خان الندوي ص236 .
(13) نفس المصدر عدد مارس عام 1902 م نقلا عن الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمن خان الندوي ص 236 .
(14)البيان عدد يونيو عام 1902م .
(15)البيان عدد أكتوبر عام 1902م .
(16) البيان عدد ديسمبر عام 1902.
(17) البيان عدد يناير عام 1903.
(18) البيان عدد فبراير عام 1903.
(19) ذكرآزاد،ص 299 الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 106 .
(20) مجلة الضياء، ج 4 ، عدد 8 ، شعبان 1354هـ .
(21) مجلة الضياء، ج 4 ، عدد 8 ، شعبان 1354هـ .
(22) الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها. د.سليم الرحمن خان الندوي. ص:244 .
(23)برانى جراغ،أبوالحسن علي الندوي، ج 1 ،ص 321 .
(24) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 114.
(25) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 115.
(26)الأعداد المختلفة لمجلة “صوت الشرق”. نقلا عن د.أيوب تاج الدين الندوي ص152.
(27) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص 152-153.
(28) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي .
(29)مجلة الهند عدد14 أيلول،سيبتمبر 1995ص38 د.أيوب تاج الدين الندوي ص .174
(30) الصحافة العربية في الهند. د.أيوب تاج الدين الندوي ص174 .
(31) أعداد “آفاق الهند” نوفمبر 1995 فبراير، أبريل 1996م .
*الباحث في الدكتوراه، مركز الدراسات العربية والأفريقية، جامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي، الهند
Leave a Reply