+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

الوضع الحالي للغة العربية في كشمير
*فردوس أحمد بت العمري

كاشمير-أقلام الهند

أصبحت الآن العربية لغة العلوم والفنون في مشارق الأرض ومغاربها، والاهتمام بتعلّمها وتعليمها يزداد يوما بعد يوم. ونجد الآن أن مادة اللغة العربية وآدابها تدرّس في معظم مدارس الهند الإسلامية والجامعات العصرية على وجه التقريب فضلا عن بعض المدارس والمعاهد التي أسّست لأجل نشر اللغة العربية وآدابها ولا غير. لا شك ولا ريب فيه أن للإسلام فضل كبير على اللغة العربية حيث وصلت به إلى ما وصل الإسلام من أنحاء العالم، واهتم المسلمون بتعلّمها وتعليمها بكل عناية واهتمام إذ هي لغة رسمية لدين الإسلام وهي مفتاح الكنوز الثمينة من العلوم والمعارف. ولايمكن لأي شخص أن يفهم الإسلام فهما صحيحا إلا بعدما يتقن العربية، فإنها وسيلة وحيدة لفهم القرآن والسنة وأقوال السلف الصالحين والعلماء الكبار والفضلاء العظام. ولا أبالغ إذا قلت إنما هو بفضل المدارس والمعاهد الإسلامية التي يهتم فيها باللغة العربية وآدابها اهتماما بالغا وبفضل الجهود المباركة التي بذلها العلماء والفضلاء لنشر هذه اللغة الكريمة نجد الآن في شمال كشمير وجنوبها أناسا يتكلمون بهذه اللغة ويكتبون فيها عما يختلج في أنفسهم.

كشمير جزء من ولاية جامو وكشمير التي تقع في وسط قارة آسيا وفي شمال الهند، وهي بين الصين وباكستان والهند، يقال لها الجنة على سطح الأرض لجمالها وحسنها إذ توجد فيها أنهار صافية جارية، ومنتزهات خضراء، وأزهار متنوعة، وجبال خلابة وأودية جذابة وتزيد في جمال رؤيتها تساقط الثلوج في الشتاء، وولوج السياحين في الصيف.وقبل أن نسلط الضوء على الوضع الحالي للغة العربية يجب علينا أن نراجع النظر إلى وضع الإسلام واللغة العربية في كشمير في العصر الماضي. فلنبدء كلامنا بصلة العرب بهذه البقعة السّاحرة في منظرها وهي قديمة جدا، فقد ورد في كتب التاريخ أن العرب كانوا يجيئون إلى الهند بقصد التبادل التجاري فكانوا يشترون منها بضائعها ومنتوجاتها ومن أقمشة كشمير وذلك في عهد الخلافة الراشدة كما قال السيد محمود آزاد: “إن تجار العرب قد بثوا شبكة تجارتهم في أنحاء العالم، وهم يستوردون الأواني من الهند والحديد من خراسان والرصاص من كرمان والأقمشة الملونة المنقوشة من كشمير في عهد الخلافة الراشدة”.[1] وقد أرسل بعض الناس من قبل الخلفاء الراشدين إلى مناطق الهند، ثم وثقت الصّلات بين العرب والهند لمّا جاء إليها محمد بن قاسم في دور الحجاج بن يوسف سنة 94هـ فنشر فيها الإسلام واللغة العربية ثم جاء محمود الغزنوي في بداية القرن الخامس الهجري وبعد ذلك حكم المغول الهند كلها في القرن العاشر الهجري وبه انتشر الإسلام داخل الهند كما انتشرت فيها اللغة العربية وعلومها.

ولقد شاع الإسلام بين أهالي كشمير بعد الربع الأول من القرن الثالث عشر الميلادي وذلك لما اعتنق الأمير رنجن شاه (صدر الدين) الإسلام على يد الداعية الكبير عبد الرحمن الملقب بـ”بلبل شاه”، وقد لعب هذا الأمير دورا مهما في نشر الإسلام حيث ساعد بلبل شاه حتى المقدرة، ومن المعروف أن الناس على دين ملوكهم، فاعتنق حوالي عشرة آلاف نسمة الإسلام آنذاك على يد بلبل شاه. وبعد ذلك برز كبار العلماء والأمراء الذين ساهموا في نشر الإسلام حيث قاموا بإنشاء المدارس وجلب العلماء والفضلاء من الأماكن البعيدة إضافة إلى إسهاماتهم في الحكومة ومنهم السلطان شهاب الدين والسلطان قطب الدين والسلطان سكندر والسلطان زين العابدين وغيرهم. أما المدارس الإسلامية التي أسسها هؤلاء العلماء والأمراء فهي كثيرة ومنها: مدرسة السلطان قطب الدين بـ ” فتح كدل سرينغر”، وقد أنجبت هذه المدرسة العلماء والفضلاء الذين لعبوا دورا كبيرا في مجال نشر الإسلام في كشمير وفي مجال العلم والتحقيق ومنهم الحاج محمد القارئ، ورضي الدين الكشميري، وشمس الدين بال، وجوهرنات الكشميري وغيرهم. ومن أهم مدارس هذا العصر مدرسة القرآن أسسها السلطان قطب الدين وكان الشيخ الهمداني يدرس في هذه المدرسة القرآن الكريم وعلومه المختلفة. ومن هذه المدارس مدرسة عروة الوثقى التي أسسها جمال الدين المحدث، ومدرسة السلطان سكندر بسرينغر، ومدرسة إسلام آباد التي أسسها السلطان زين العابدين في مديرية إسلام آباد (أنيت ناج)، ومدرسة غل خاتون المؤسسة في قرب بحيرة دل بسرينغر، ومدرسة السلطان زين العابدين في نوشهرة بسرينغر[2].

بالرغم من أن عدد العلماء الواردين في كشمير لتبليغ دين الله الحنيف كبير جدا ولكن يمتاز منهم لإسهاماته القيمة العظيمة “السيد علي شاه الهمداني” (شاه همدان) المولود في سنة 1314م في “همدان” بـإيران. قام هذا العالم الجليل بثلاث رحلات دينية إلى كشمير: الأولى في سنة 1372م، والثانية 1379م، والثالثة والأخيرة 1383م برفقة حوالي 700 من تلامذته الذين قاموا بالدعوة إلى الاعتناق بالإسلام.[3] وما هي إلا ثمرة هذه الدعوة الخالصة لوجه الله تعالى أن أغلبية كشمير قد اعتنقوا بالإسلام بفضل الله وتوفيقه في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي[4].ولكن بعد كل هذا من نشر الإسلام واللغة العربية وعلومها هبت عاصفة الظلم والقسوة بشكل دولتين: دوغرا (السيخ) والأفغان فأصبح كل شيء كعصف مأكول ولم يبق أحد من العلماء حتى ولا مدارسهم ومؤسساتهم الدينية والعلمية.

وبعد مدة من الزمن أخذت كشمير تلمع مرة أخرى وتنور أبناءها بنور القرآن والسنة حيث أنجبت رجال العلم والدين الكبار الذين خدموا الإسلام واللغة العربية بإسهاماتهم الجليلة بعد فضل الله جل وعلا،فعادت إلى كشمير روح العلم والمعرفة، ومن أهمهم: أنور شاه الكشميري، وغلام رسول شاه، ,محمد يوسف شاه، وغيرهم، وقد أسّست مدارس ومعاهد جديدة في أنحاء مختلفة من كشمير لتدريس القرآن الكريم والحديث والنبوي الشريف وما إلى ذلك. ومن أهم هذه المدارس الجديدة “مدرسة الفيض العام” التي أسسها العلامة أنور شاه الكشميري عام 1333هـ، و “مدرسة أنوار العلوم” التي أسسها محمد شيراغ نصير الدين عام 1387هـ، ومنها “دار القرآن والحديث” بـ بربر شاه سرينغر قام بتأسيسها جمعية أهل الحديث بجامو وكشمير عام 1964م وهي التي اشتهرت فيما بعد (منذ سنة 1978م) باسم ” الكلية السلفية”[5] وهي انتقلت إلى مؤمن آباد عام 1998م، ولها فرعان: فرع البنين وفرع البنات.يليق بالذكر أن هذه الكلية لم تزل تلعب دورا هاما في غرس العقيدة الصحيحة ونشرعلوم القرآن والسنة إضافة إلى إسهاماتها الجليلة في نشر اللغة العربية، وقد التحق عدد كبير من خريجيها بالجامعات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية وخدموا الدين الإسلامي بعدما رجعوا منها. ومن المدارس الجديدة: مدرسة مدينة العلوم الشهيرة باسم الكلية الشرقية أسسها رئيس الوزراء السابق لدولة كشمير الأستاذ مسعودي عام 1947م في حضرت بل سرينغر وكانت لها مكتبة كبيرة غنية. ومنها مدرسة تعليم القرآن في قرية دركموله بمديرية كبواره التي أسسها مفتي جمال الدين القاسمي عام 1974م. ومنها المدرسة الإسلامية العربية دار العلوم سوفور التي أسسها الحاج غلام رسول دار عام 1973م في سوفور باره موله كما منها دار العلوم الحنفية المعروف بالكلية العربية الحنفية التي أسسها محمد قاسم شاه البخاري في سرينغر عام 1974م. ومنها مدرسة دار العلوم رحيمية باندي فوره التي أسسها مولوي رحمة الله، ودار العلوم سبيل الرشاد في قاس آباد بـباره موله عام 1981م. ومنها مدرسة أسست في “كولغام” سنة 1982م باسم دار العلوم سواء السبيل. ومنها سراج العلوم بمديرية شوبيان أسست في عام 1985م. ومن هذه المدارس دار العلوم المركزية بمديرية كوبواره أسست عام 1985م، ودار العلوم المصطفوي بتوحيد غنج باره موله، ودار العلوم شاه همدان بفامفوره بلوامه، ودار العلوم بلالية بلال بازار سرينغر، وجامعة إسلامية روضة الصالحات سوفور، ودار العلوم الإلهية صوره سرينغر،ومعهد اللغة العربية والدراسات الإسلامية بصورة سرينغر سنة 1414ه وللمعهد المذكور السبقة في ترويج اللغة العربية إذ هي تساهم في نشرها منذ 27 عاما، وهناك كلية للبنات باسم “جامعة البنات”[6]بمنطقة لال بازار سرينغر أسّست عام 1999م وهي لا تزال تساهم مساهمة كبيرة في تثقيف البنات وتربيتهن وهذه الكلية ملحقة بجامعة كشمير. ومن المؤسّسات العلمية المهمّة في كشمير “هيئة الطلاب المسلمين بجامو وكشمير”[7] التي مقرها الرئيسي في نوغام سرينغر ويعمل تحت إشرافها معهد اللغة العربية ومعهد الدراسات الإسلامية للبنين والبنات إضافة إلى عديد من المدارس الإسلامية للأطفال، أسّست هذه الهيئة بيد فضيلة الأستاذ هارون الرشيد خواجه في مايو عام 2006م وهي تلعب دورا بارزا في نشر العلوم الإسلامية واللغة العربية ويجدر بالذكر هي المدرسة الوحيدة – حسب إطلاعي – في كشمير التي لها موقعها على الإنترنت باللغتين العربية والأردية إضافة إلى كون اللغة العربية نفسها وسيلة التدريس في معهد اللغة العربية أي تستعمل فيها طريقة مباشرة لتعليم اللغة العربية.

ولا ينكر إسهام المساجد في نشر اللغة العربية وتطورها إذ هي تدعو الناس إلى تعلمها وتعليمها وبها يفهم الناس أهميتها وضرورتها، وعلى الأقل يؤذن المؤذن خمس مرات في يوم وليلة، ويصلون فيها خمس صلوات مكتوبة، وإضف إلى ذلك  صلاة التراويح في رمضان، وهكذا يخطب فيها الخطباء في كل يوم الجمعة وفي العيدين وكل هذه العبادات يجب تأديتها بالعربية لابد منها للمسلم، فهي تحث الناس على تعلم اللغة العربية ولذا نجد كثرة المدارس الإسلامية تقع داخل المساجد وإلا في قربها ويهتم فيها على الأقل بتجويد القرآن وتحفيظه وترجمته.

وهناك عدد غير قليل من المساجد تحت إشراف الجمعيات الدينية كجمعية أهل الحديث بجامو وكشمير، والجماعة الإسلامية بجامو وكشمير إضافة إلى الأوقاف الإسلامية، وفي معظمها يقوم أصحابها بحلقات التدريس للطلبة مساء وصباحا إضافة إلى مئات المدارس التي تعمل تحت إشراف هذه الجمعيات الدينية والأوقاف بعضها للبنين[8] والبعض الآخر للبنات[9].

ولا يفوتني أن أذكر إسهامات الحكومية الولائية في نشر اللغة وآدابها. فقد أدخلت الحكومة مادة اللغة العربية ضمن المواد الدراسية في المدارس الثانوية الحكومية والكليات الحكومية التي تعمل تحت إشراف جامعة كشمير، يتخرجون منها عدد مالا يعد ولا يحصى من الطلبة. وأنشئ قسم خاص لتدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة كشمير في عام 1980م.[10] يحصل فيه كل سنة حوالي 85 طالبا على شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها كما يحصل عديد من الطلبة على شهادة أيم فل والدكتوراه. وهناك جامعة أخرى باسم “الجامعة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا” بأونتي فوره في مديرية بلوامه يهتم فيها باللغة العربية حيث يوجد قسم اللغة العربية وآدابها[11]يدرس فيه عدد لافت للنظر من الطلبة والطالبات في مرحلتي البكالوريوس والماجستير فضلا عن الباحثين في مرحلة أيم فل والدكتوراه.

ويجدر بالذكر أنه نشأت في الربع الأخير من القرن العشرين نهضة العلم والمعرفة عبر الهند كلها لا يستثنى منها كشمير ففتحت فيها مراكز علمية ودينية ومدارس عديدة، ومن أسبابها الرئيسية التحاق الكشميريين بالمدارس الإسلامية الهندية والجامعات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، وقد لعب خريجو هذه المدارس والجامعات دورهم الفعال في نشر العلوم الإسلامية واللغة العربية والأدب العربي. يقول د. شاد حسين: “لا نغلو إذا قلنا أن عقد الثمانينيات من القرن الماضي وما بعدها تعد فترة مهمة للتنوير الثقافي العربي في كشمير، فقد أنشئت عديد من الهيئات التدريسية على الصعيد الحكومي وغير الحكومي وأصبحت مادة اللغة العربية وآدابها من المواد الأساسية في أكثرها”[12].

ولقد أنجبت أرض كشمير عديدا من الشخصيات والعلماء والفضلاء الذين لعبوا دورا هاما في تطوير العلوم الإسلامية واللغة العربية وآدابها ومن هؤلاء العلامة أنور شاه الكشميري الذي نالت كتبه قبولا واسعا في الأوساط الدينية والأدبية وهو كان ناثرا عظيما وشاعرا مجيدا وقد خلف كتبا ضخمة ومن أهم مؤلفاته مشكلات القرآن، وفصل الخطاب مسألة أم الكتاب، وأمالي عرف الشذى من جامع الترمذي، نيل الفرقدين في مسألة رفع اليدين وغيرها.ومن أعلام كشمير القدماء نور الدين محمد (1942م) الذي فسّر القرآن الكريم باسم “نور التفاسير” بكل دقة ووضوح تام وشرح واف. وهو أيضا شرح قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير رضي الله عنه والقصيدة البردة لليافعي باللغة الكشميرية. وهكذا ألف الحافظ صدر الدين “تحفة الإخوان” وكتب الحافظ محمد حسن “روضة الحسن مع روضة الكبرية” و”جواز الرقية” كما كتب عبد الكبير الديوبندي “تنبيه اللبيب على حياة الحبيب” والسهم المجلول في نحر شاتم الرسول”. ويمتاز من الكشامرة السيد ميرك شاه الأندرابي الذي ساهم في مجال علم العروض فإنه شرح “الدائرة في علم العروض والقافية” وهو يعد كتاب مهم في الميدان المذكور فهو يدرس في دور العلوم الكثيرة، وفضلا عن هذا له قصيدة رائعة في الرثاء على أستاذه حسين أحمد المدني.

أما إذا نظرنا إلى الشخصيات البارزة الذين يبذلون جهودهم المباركة حاليا في نشر اللغة العربية في كشمير والذين يساهمون في مجال التأليف والتصنيف باللغة العربية إضافة إلى خدماتهم التدريسية فتلتفت أنظارنا فورا على أ. د. مظفر حسين الندوي الذي له إسهامات جليلة في المجال المذكور ومن أهم أعماله أنه راجع ونقح تفسيرا باللغة العربية في ستة عشر مجلدا وهو باسم “خلاصة التفاسير”[13]وفضلا عن هذا، له كتب مهمّة عن الثقافة الإسلامية والعربية في كشمير وهي: “مساهمة أهل كشمير في اللغة العربية والأدب العربي” و”أماثل كشمير”و”مدارس كشمير الإسلامية”و”العربية للأطفال في ثمانية أجزاء”، و”كعب بن مالك الأنصاري وإنتاجه الأدبي[14]“. ومن الشخصيات الفذة والمساهمين في نشر اللغة العربية في كشمير الأستاذ الجليل الدكتور منظور أحمد خان الذي كتب”نحو الإنشاء والترجمة” لطلبة البكالوريوس والماجستير، وله كتاب آخر باسم “نافذة على كشمير” وهذا الكتاب يحتوي على قصص مترجمة من اللغة الكشميرية إلى العربية.ولا يمكن نسيان إسهامات أ. د.عبد الرحمن وار[15]الذي ألّف كتبا عديدة بالعربية ومنها: “أسلوب الاختصارات في حروف المقطعات”، و”أقوال الحكمة عن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم” و”ترتيل القرآن”، و”أصول التفسير” و”منطق الطير” (المسلسلات الثمانية لتعليم اللغة العربية للأطفال)، ومعجم التأويل لألفاظ التنزيل (عشر مجلدات)،قواعد المؤجز في قواعد النحو العربي (3 مجلدات)، و”قواعد الإملاء والكتابة”، و”التصنيف في التصريف” وله أيضا مؤلفات باللغة الأردية والإنجليزية. ومن المساهمين الكبار في ترويح الثقافة الإسلامية في أنحاء كشمير السيد المفتي شفيق الرحمن القاسمي صاحب “الثقافة الإسلامية في كشمير”[16]. وقد لعب د. معراج الدين الندوي دورا مهما في نشر اللغة العربية، فهو أعدّ كتابا باسم”رائد الاختبار لنجاح الأبرار” للاختبارات التنافسية ونال هذا الكتاب قبولا واسعا في أنحاء الهند وقد طبع هذا الكتاب مرات، وهو أيضا يرأس مجلة عربية “التلميذ”. ومن المساهمين في نشر اللغة العربية في كشمير مدير “هيئة الطلاب المسلمين بجامو وكشمير” فضيلة الأستاذ هارون الرشيد خواجه الذي أعدّ سلسلة الكتب لتعليم اللغة العربية للأطفال باسم “معلم العربية”، وهذا الكتاب لايدرّس في المدارس الإسلامية فحسب، بل أيضًا في المدارس العصرية وبالإضافة إلى ذلك له إسهامات أخرى ولكن لم يتم نشرها بعدُ. ولا يفوتني ذكر فضيلة الأستاذ ظهور أحمد شاه المدني الذي قام بإعداد كتاب “تسهيل العربية” في جزءين لطلبة الصف الحادي عشر والثاني عشر.

وهناك عديد من العلماء والفضلاء الذين قاموا بترجمة الكتب الإسلامية والأدبية المكتوبة بالعربية إلى اللغات المختلفة كي يسهل على عامة الناس الاستفادة من الجهود المبذولة في اللغة العربية وهذا دليل بين على اتقانهم في اللغة العربية. ومن هؤلاء المترجمين السيد محمد يوسف شاه (1968م) الذي قام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الكشميرية وهي نالت قبولا واسعا في أنحاء كشمير وحتى نشرت ترجمته عدة مرات من المملكة العربية السعودية وهي توزع بين الحجاج الكرام والمعتمرين العظام بدون المقابل.ومن المترجمين الأستاذ محي الدين الحاجني الذي ترجم “قصص ألف ليلة وليلة” إلى اللغة الكشميرية، وفي ماض قريب قام فضيلة الأستاذ مبشر أحسن واني المدني بترجمة كتب عديدة منها: أهل السنة والجماعة، حكم إسقاط الحمل، حقيقة وحدة رؤية الهلال، الافتراق بين الأحزاب الدينية، التمائم في ميزان العقيدة، الوسيلة الشرعية وغير الشرعية، أحكام الأضحية، مناسك الحج والعمرة، حكم استقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا وبيعا وغيرها[17].وقد ترجم كاتب هذه السطور أيضا من العربية إلى الأردية كتيبا باسم “مكارم الأخلاق”[18] إضافة إلى عديد من المقالات الإسلامية التي قد تم نشرها على الموقع الرسمي لهيئة الطلاب المسلمين بجامو وكشمير وكذلك ترجم كتيبا آخر باسم “تحية المسجد” ويرجى نشره بعد قليل إن شاء الله.

وأما وضع الصحافة العربية في كشمير فلا نجد أية صحيفة عربية تصدر منها، ولكننا نجد تصدر من أعمال كشمير مجلات عربية ولكن عددها قليل جدا وهي ما يلي:

1. “مجلة الدراسات العربية”:تصدر هذه المجلة عن قسم اللغة العربية بجامعة كشمير منذ عام 2001م وهي مجلة سنوية يرأسها رئيس القسم، ينشر فيها الأساتذة الأجلة مقالاتهم القيمة حول المواضيع المختلفة من اللغة والأدب.

  1. “مجلة التلميذ”:تصدر هذه المجلة تحت رئاسة الدكتور معراج الدين الندوي عن مركز الثقافة الندوية بانته شوك، وهي مجلة شهرية للناشئين والناشئات تصدر منذ عام 2011م وهي تحتوى على دراسات وبحوث في اللغة العربية والأدب العربي بأقلام الباحثين والباحثات ولاسيما من كشمير. فهي تلعب دورها الفعال في هذه الأيام في نشر اللغة العربية والأدب العربي في كشمير.
  2. “الندى”:صدرت هذه المجلة العربية العلمية الثقافية الشهرية عن معهد اللغة العربية والدراسات الإسلامية بصوره سرينغر تحت رئاسة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن وار.ولكن من سوء الحظ أنه تعطل صدورها.

وبالإضافة إلى هذه المجلات العربية تصدر عن الجمعيات الإسلامية صحف ومجلات إسلامية عديدة التي تساهم في نشر الثقافة الإسلامية والعربية إلى حدّما بالإضافة إلى نشر العقائد الحقة وإبطال العقائد البدعية، كـ”مسلم” عن المركز الرئيسي لجمعية أهل الحديث بجامو وكشمير بربرشاه سرينغر و”المؤمن” عن المركز الرئيسي للجماعة الإسلامية بجامو وكشمير بته مالو سرينغر.

وفي الأخير أقول: من الممكن أن تكون هناك إسهامات أخرى لعلماء كشمير وفضلاءها في مجال التأليف والترجمة وتأسيس المدارس الإسلامية والعربية وفي مجال الصحافة وغيرها ولكن لم يتم لي العثور عليها فلا أمكنني ذكرها فعفوا لذلك.

يستنتج مما سبق أنه ساهم الكشميريون ولا يزال يساهمون في نشر اللغة العربية والأدب العربي، فقد برز كثير من العلماء والفضلاء الذين أدهشوا الناس بانتاجاتهم العلمية. فمنهم من صنفوا كتبا قيمة ومنهم من قاموا بترجمة الكتب العربية إلى اللغة الكشميرية وإلى اللغة الأردية. وقد ساهم بعضهم في مجال الصحافة العربية فنشروا في المجلات المختلفة ما اختلج في نفوسهم من الأفكار والآراء إضافة إلى مقالات علمية وأدبية. وتقدم المدارس الإسلامية والعربية خدمات جليلة في نشر الثقافة الإسلامية والعربية وغرس حب اللغة العربية في قلوب الأطفال والشبان. ولا ينكر مساهمة الكليات الحكومية وجامعة كشمير والجامعة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا في خدمة اللغة العربية وآدابها. ويمكننا القول إن للغة العربية مستقبل باهر في كشمير حيث نجد يزداد يوما بيوم العناية والاهتمام باللغة العربية من قبل الجمعيات الإسلامية والمدارس العربية.

*****

[1] السيد محمود آزاد، تاريخ كشمير، الجزء الأول، ص 272، مظفر آباد

[2] انظر للتفصيل عن هذه المدارس: محب الحسن، البروفيسور، کشمیر سلاطین کے عہد میں، ص128، ۴۰۷ – 408، مطبع معارف ترجمة: الشيخ على حماد العباسي، دار المصنفين أعظم كره، 1967م/ محمد فاروق بخاری، کشمیر میں اسلامی ثقافت کے تاریخی مراحل، ص ۳۳ – 56، نيو كشمير بريس – سرينغر، 1987م

[3] محمد همداني، عروة الوثقى، ص 18 – 20، مطبعة كريفك ورلد آفسيت دلهي، 1993م

[4] سليم خان غمی، كشمير میں اشاعت اسلام (نشر الإسلام في كشمير)، ص ۶۶- 71، يونيورسل بكس، أردو بازار لاهور، 1986م

[5] انظر: جمعية أهل الحديث بجامو وكشمير تعريفها وأعمالها (جمعيت أهل حديث جموں وکشمیر تعاررف کارکردگی)، ص  6 وما بعدها، طبع من:فرع النشر والتوزيع التابعة لجمعية أهل الحديث جامو وكشمير/وعميد هذه الكلية حاليا المفتي العام لجمعية أهل الحديث بجامو وكشمير محمد يعقوب بابا المدني حفظه الله

[6] عبد الرشيد دار حفظه الله مشرف هذه الكلية حالياانظر الموقع الرسمي  لهذه الكلية: www.jamiatulbanat.com

[7] للمعلومات المزيدة عنها يرجى زيارة موقعها الرسمي: http://www.jkmsb.edu.in/arabic/Home/Home

[8] من أشهرها ما يلي: الكلية السلفية للبنين بته مالو سرينغر، معهد الدراسات الإسلامية واللغة العربية نوغام سرينغر، جامع العلوم كني بوره، جامعة سراج العلوم شوبيان، فيض العلوم بلوامه وأما المدارس للصغار فهي كثيرة يبلغ عددها حوالي 500 وهي للجنسين كليهما.

[9] من أشهرها ما يلي: الكلية السلفية للبنات بربر شاه سرينغر، معهد الدراسات الإسلامية للبنات نوغام سرينغر، جامعة البنات لال بازار سرينغر، جامعة الصالحات مرهامه سنغم انيت ناج، جامعة نور بدغام، جامعة عائشة شوبيان

[10] انظر موقع جامعة كشمير، قسم اللغة العربية، http://arabic.uok.edu.in/Home.aspx

[11] انظر موقع الجامعة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا: http://iustlive.com/Home/Departments/DepartmentDetails.aspx?DeptCode=DOALL

[12] د. شاد حسين، حاضر الثقافة العربية في كشمير منذ الثمانينيات للقرن العشرين، ص 102، كتاب المؤتمر(1)، الندوة الدولية – 1- 2015م اللغة العربية وآدابها: نظرة معاصرة، قسم اللة العربية، جامعة كيرالا، ترفاندرم – الهند

[13]طبعت من هذا التفسيرفقط أربعة مجلدات حتى الآن.

[14] نشرت كتبه من مطبعة بيت الحكمة الندوية، شاه همدان كالوني عيد كاه – سرينغر، سنة 2005م

[15]طبعت معظه كتبه من مطبعة إقرأ سري نجر، كشمير

[16] أصل هذا الكتاب “كشمير ميں عربی ثقافت” للكتور فاروق البخاري، قام المفتي القاسمي بترجمته ملخصا من الأردية إلى العربية.

[17] وقد نشرت معظم كتبه من لجنة التأليف والنشر التابعة لهيئة الطلاب المسلمين بجامو وكشمير

[18]مكارم الأخلاقألفه: فضيلةالشيخمحمدبنصالحالعثيمينرحمهالله، ترجمه: فردوس العمري، فروري 2016،  لجنة التأليف والترجمة التابعة لهيئة الطلاب المسلمين بجامو وكشمير.

* الباحث في الدكتوراه، بقسم اللغة العربية وآدابها، جامعة علي كره الإسلامية، الهند

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of