لقد حظي الأدب العربي بالاعتناء الکثیر من الأدباء والباحثین العرب مع اهتمام كبير من المستشرقين، فألّفوا فیه الکتب وأرخوا له دروسهم مع قليل من الاختلاف والتفاوت وقد کان الدکتور عمر فروخ أحد ھؤلاء الذین اعتنوا بدراسة الأدب العربي وتاریخه، وأحاول في هذا المقال ان القي ضوءا مقارنة بين دراسة في تاريخ الأدب العربي و بعض الكتب المكتوبة في تاريخ الأدب العربي، وقد اخترت لذلك الدراسات التي أرخت للأدب العربي هي ثلاث دراسات تعتبر شاملة إذ أنھا تتحدث عن تاریخ الأدب العربی من العصر الجاهلي إلی العصرالحدیث مع قدر من التفاوت والاختلاف هي كالتالي:
1. تاریخ آداب الّلغة العربیّة لجرجي زیدان:
جرجي زیدان ھو كاتب باحث ومؤرخ وأدیب من أدباء العصرالحدیث في الأدب العربي کان یتمتع بموھبة أدبية جمالیة وخیال خصب إلی جانب جلده وصبره علی تقصی وقائع التاریخ. والكتاب المذكور من أهم إسهاماته بحيث اشتمل الكتاب الأحوال التاريخية العربية والأدبية والأحوال الثقافية العربية.
- تاریخ الأدب العربي للدکتور شوقي ضیف:
کان الدکتور شوقي ضیف يھتم بالأدب والنقد ثلاثة أرباع من القرن تقریباً وافته المنية فى فترة رئاسته بمجمع اللّغة العربیّة، كان له شخصیة فریده بین مؤرخي الأدب، والنقاد فی مصر الحدیثة، فهو صاحب مشروع امتد 50 عاماً للإحصاء والتنظیم والمراجعة والترتیب للتراث العربی فی الشعر والنثر وكما النقد والبلاغة ووصل بھذه الموسوعة إلی أکثر من 100 کتاباً، والتي تعد من عیون الدراسات التقلیدیة. و هذا الكتاب يعتبر منبعًا فى إطار التاريخ.
- تاریخ الأدب العربي لأحمد حسن الزیات:
أحمد حسن الزّیات ھو أحد الأدباء المعاصرین المرموقین الذین یعتزبھم العالم الأدب العربي وکان عضوا فی مجمع اللّغة بالقاھرۃ.
إن الدراسات الأخری الکثیرۃ لاتخرج عن ھذه الدراسات فی مضمونھا متناولھا، أما تاریخ الأدب العربی لکارل بروکلمان فھو مختلف عن الدراسات الأخری لأنه قد أحاط فيه بجميع الجوانب کما قال الدکتور عمرفروخ :”جریدۃ احصاء لکل من کتب ولجمیع مکتب بالّلغة العربیّة”[1].
فدراسة بروکلمان نظراً لکثرۃ مادتھا العلمیة وکثرۃ الشخصیات التی ترجم لھا لاتأتي ضمن الدراسات التي نقصدھا بالمقارنة، فنحن نقصد تلك الکتب التي أرخت للأدب فی کل عصر من العصور الأدبیة، فأعطت صورۃ للعصر سواء کانت ھذه الصورۃ مفصلة مسھبة کما فعل الدکتور شوقي ضیف أو کانت مختصرۃ مرکزۃ کما فعل أحمد حسن الزیات،وسنکتفي بالمؤلفات الثلاثة المذكورة لتقارب منھجھم مع منھج الدکتور عمرفروخ ولأنھا من الدراسات الشاملة المختصة بالتاریخ الكامل للأدب العربي.
فكرة عامة فى الموضوع:
إن كتاب تاريخ الأدب العربي للدکتور عمرفروخ مکونة من ستة أجزاء مردفة بجزئین آخرین تحت عنوانِ “معالم الأدب العربي فی العصرالحدیث” أما جرجی زیدان فدراسته مکونة من أربعة أجزاء وکل جزئین فی مجلد واحد.”[2] یؤرخ فیھا تاريخ الأدب العربی من العصرالجاھلي إلی العصرالحدیث.
الغرض من التألیف عند عمر فروخ:
أما غاية التاليف فيبدو أنها توضيح الجوانب الوجدانية فى الأدب العربي مع توضيح الملامح الأدبية العربية كما یذکر الدکتور عمرفروخ الغرض من تألیف موسوعته فی تاریخ الأدب العربي حیث یقول: “ھذا کتاب فی تاریخ الأدب العربي یقرب الموضوع للدارسین والباحثین ویبسط ذخائر الجانب الوجداني من الأدب العربي للمطالعین.”[3]
فأراد الدکتور عمرفروخ أن یعطي مسحاً شاملاً لشعراء وأدباء لکل عصر من العصور الأدبیة للحیاۃ الاجتماعیة والسیاسیة السائدۃ فی کل عصر أدبي مع الإحالة إلی المصادر والمراجع اللازمة لمن یرید الاستزادة حول أی شخصیة أدبیة، فيرى كتابه كموسوعته في الأدب حيث يوضح فيه الشخصیات الأدبیة التی کان لھا نتاج أدبي، وھذا ما لمسناه عندما رأینا أعداد الترجمات التی خصھا الدکتور عمر فروخ فی موسوعته ھذه، فکما ذکرنا فی الفصل الأول أن عدد الترجمات تبلغ (1466) ستًا وستین وأربعمائة وألف ترجمة، والجزء الأول وحده یشتمل علی مائة وثلاث وتسعین ترجمة فھذا یؤکد بأن الدکتور عمرفروخ قام بعمل مؤجزا فی ترجماته.
الغرض من التألیف عند جرجي زيدان:
فیقول هو فی هذا الصدد: “نعني بتاریخ آداب اللّغة العربیّة تاریخ ما تحویه من العلوم والآداب وما تقلبت علیه فی العصور المختلفة أو ھو تاریخ ثمار عقول أبنائھا ونتائج قرائحھم وھناكأھم أغراضنا فیه:
- بیان منزلة العرب بین سائرالأمم الراقیة من حیث الرقي الاجتماعي والعقلي.
- تاریخ ما تقلبت علیه عقولھم وقرائحھم، وما کان من تأثیر الانقلابات السیاسیة علی آدابھم باختلاف الدول والعصور.
- تاریخ کل علم من علومھم علی اختلاف أدواره من تکونه ونشوئه، إلی نموه و نضجه وتشعبه وانحلاله حسب العصور والأدوار.
- تراجم رجال العلم والأدب مع الإشارۃ إلی المآخذ التی یمکن الرجوع إلیھا لمن یرید التوسع فی تلك التراجم.
- وصف الکتب التی ظھرت فی اللّغة باعتبار موضوعاتھا، وکیف تسلسلت بعضھا من بعض وبیان ممیزاتھا من حیث حاجة القراء إلیھا ووجه الاستفادۃ منھا.
- لا نھتم من ھذه الکتب إلا بما لایزال باقیاً، ویمکن الحصول علیه، فإذا کان مطبوعاً ذکرنا محل طبعه وسنته وإذا کان لم یطبع أشرنا إلی المکاتب الکبری التی یوجد فیھا.
بالجملة فإن غرضنا الرئیسي هو أن یکون لھذا الکتاب فائدة علمیة فضلاً عن الفائدۃ النظریة بحیث سھّل علی طلاب المطالعة معرفة الکتب الموجودة ومحل وجودھا وموضوع کل منھا وقیمته وبالنسبة إلی سواه من نوعه فھو أشبه بدائرۃ معارف تشتمل تاریخ قرائح الأمة العربیّة وعقولھا وتراجم علمائھا وأدبائھا وشعرائھا ومن عاصرھم من کبار الرجال، ووصف المؤلفات العربیة علی اختلاف موضوعاتھا.”[4]
ومن خلال قراءتنا لعمرفروخ وجرجي زیدان من تألیف کتابیھما وجدنا أن لکل منھما غرض رفيع وإن اختلفا فی الطریقة ولکن الفائدۃ واحدۃ، فالدکتور عمر فروخ أراد أن یستغني الدارس والباحث العربي عن المنھج الفرنجي إلی حانب غرض أکبر قدر ممکن من الشخصیات الأدبیة علی مر العصور وعندما أراد جرجي زیدان أن يبیّن منزلة العرب بین سائر الأمم الراقیة فی النواحي العقلیة والاجتماعیة ویساعد الدارسین والباحثین أیضًا لمعرفة الکنوز العقلیة العربیة.
أما الدکتور شوقي ضیف وأحمد حسن الزیات فلم یذکرا غرضاً من دراستھما لتاریخ الأدب العربي وإن کان الغرض موجوداً وھو إلقاء الضوء وبسط ذخائر اللّغة العربیّة وإفادۃ الناشئين والدارسین والباحثین فی معرفة تراثھم الإسلامی والعربی، وما نقصده بقولنا لم یذکرا غرضاً أي لم یحددا الغرض الذي وضعا من أجله ھذه الدراسة فی المقدمة کما فعل الدکتور عمرفروخ و جرجي زیدان.
خطة التألیف:
أما خطة التألیف لکل منھما فهي مختلفة من عدة جهات:
حينما بدأنا دراسة عمرفروخ عرفنا أن الدکتور کان یعالج کل عصر من العصور الأدبیّة ویعطي لنا صورۃ الحیاۃ الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة والأدبیة أولاً ثم یُتّبِع ذلك بأدباء وشعراء العصر منسقاً الترجمات بحسب سنین الوفاۃ فیذکر ترجمة لحیاۃ الأدیب، ثم یذکر خصائصه الأدبیة وشیئاً من نتاجه كالنموذج وأخیراً یحیل إلی المراجع والمصادر التی یمکن العودۃ إلیھا للاستزادة من المعلومات في هذا الصدد.
أما جرجي زیدان فإنّه یذکر تاریخ کل علم من علوم العرب منذ نشوئه إلی نموه ونضجه وتشعبه وانحلاله حسب العصور والأدوار ویعطي تراجماً لرجال العلم والأدب علی حد سواء وبعد ذلك یذکر المراجع التي یمکن الرجوع إلیھا لمن یرید المزيد من التفاصيل أما فضل جرجي زیدان علی الدکتور عمر فروخ هو فی وصفه للکتب التي ظھرت فی العربیّة بحسب موضوعاتھا فھو یصف تلك الکتب ومستواها وکیفية ظهورها وتفوق بعضھا على بعض مع ذکر ممیزاتھا وأوجه الاستفادۃ منھا.
أما الدکتور شوقي ضیف فقد کانت خطته بأن یقدم عرضاً تاریخیاً لأھم الأحداث والأحوال السیاسیة والاجتماعیة والدینیة والثقافیة التی واجهت الفترۃ التی یؤرخ لھا أدبیاً ثم بعد ذلك يأتي بتراجم لأعلام والأدباء والشعراء بحیث لا یزید عدد الذین یترجم لھم عن عشرۃ أواثنتا عشرۃ شخصیة.[5]
کذلك کان أحمد حسن الزیّات فی تألیفه، فقد کان یلمح للحیاۃ السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة لکل عصر ثم یردف ذلك بالترجمات وکل ذلک بشيئی من الاختصار.[6]
التراجم:
یضمّ الباحثون الذین اخترتهم للمقارنة فی دراستنا ھذه بكثرة التراجم للأدباء والعلماء للأعصر الأدبیة العربیّة وإن کان ھناك تفاوت فی عدد ھذه الترجمات وفی حجمھا أیضًا، فنری أن الدکتور عمر فروخ یکثر فی عدد الترجمات وکأنه یرید أن یحصي عدد الشخصیات الأدبیّة ویضمّھا فی دراسته لتاریخ الأدب العربی فکانت ترجماته فی الغالب مختصرۃ لا تتجاوزالصفحة أو نصف الصفحة کترجمته فی الجزء الأول (الأدب القدیم) لقبیصة ابن نعیم، وأوس بن حارثه، وقس بن ساعدة الأيادي، وصخر بن عمرو الشرید وحاجب بن زرارۃ وغیرھم، فھذه ترجمات مختصرۃ جداً وکأن المؤلف یرید أن یکون فھرساً لأدباء وعلماء الأعصر الأدبیّة ویعطی لمحة عن کل منھم ومن یرید الاستزادة حول أی شخصیة فما علیه إلا أن یعود إلی المصادر والمراجع التی ذیّل بھا المؤلف کل شخصیة.
و نراه نفس المنهج لدی جرجي زیدان حیث کان یترجم لکل شخصیة أدبیة أو علمیة فی التاریخ أو الجغرافیا أو الفلك أو الریاضیات أو الطب فدراسته لم تقتصر علی الأدباء فقط وھذا ما ذکرناه عند حدیثنا عن أغراض الدارسین من دراستھم لتاریخ الأدب العربي فھو یعرض لجمیع آداب اللّغة العربیّة علی مر العصور بدءاً بالعصرالجاھلي وختاماً بالعصرالحدیث أو بدایة العصرالحدیث لذلك نری ھذه الترجمات مختصرۃ ومن ثم مذیلة بالمصادر والمراجع التي یمکن أن یعود إلیھا لمن یرید الاستزادۃ.
أما الدکتور شوقي ضیف فترجمته للأدباء مختلفة تماماً عن الدکتور عمرفروخ وجرجي زیدان، فھو یترجم لأعلام الشعراء والأدباء فقط فی کل عصر یؤرخ له، فنجده فی تاریخه للعصر الجاھلي یترجم لامرٸ القیس،والنابغة الذبیاني، وزھیر بن أبی سلمیٰ والأعشی، لکن ھذه الترجمات لم تکن مختصرۃ کما فعل الدکتور عمر فروخ وجرجي زیدان وإنّما کانت وافیة واضحة طویلة، وإذا نظرنا إلى ھذه التراجم فوجدناھا لأعلام الشعراء فی العصرالجاھلي، وکذلك عندما أرخ للعصر الإسلامی ترجم لحسان بن ثابت، وکعب بن زھیر، ولبید بن ربیعة، والحطیئة، والنابغة الجعدی وکذلك بالنسبة لعصر بنی أمیة والعصر العباسی، عصر الدول والامارات فھو یکتفي بالترجمة المسھبة لأعلام الأدب شعرًا ونثراً فی العصور التي أرخ لھا فکأنه ینتقي أعلام الأدباء الذین کان لھم الدور الأکبر فی سیر الحرکة الأدبیّة فی عصورھم والذین یمثلون صورۃ واضحة للحیاۃ الأدبیة والاجتماعیة والسیاسیة والدینیة فی عصورھم، ولم یردف الدکتور شوقي ضیف ترجماته بالمصادر والمراجع التي یمکن العودۃ إلیھا لمن یرید الاستزادۃ فمنھجه فی الترجمة مختلف عن منھج الدکتور عمر فروخ وجرجي زیدان.
أما أحمد حسن الزیّات فدراسته لتاریخ الأدب العربي کلھا مختصرۃ وكذلك أن الترجمة للأدباء والعلماء فی دراسته مختصرۃ أیضاً فھو یترجم لأعلام الأدباء والعلماء فی کل عصر من العصور الأدبیّة دون تفنید أو إسھاب فنراه یترجم عند تاریخه للعصر الجاھلي إمرالقیس، والنابغة الذبیاني وزھیر بن أبی سلمی، والأعشی، وعنتره بن شداد، وطرفة بن العبد، وعمرو بن کلثوم، والحارث بن حلزۃ، ولبید بن ربیعة، وحاتم الطائي، وأمیة بن أبی الصلت، کما یترجم الشعراء المخضرمین مثل کعب ابن زھیر، والخنساء، وحسان بن ثابت، والحطیئه، فھذه تراجم الأعلام فقط هي مختصره اختصاراً شدیداً لکن ھذا الاختصار لایحط من شأنھا أو یقلل من قیمتھا، فھي دراسة علمیة مفیدۃ فی تعریف الطالب والباحث عن معالم الأدب العربي فی عصوره المختلفة فھي تصنع الإطار العام لھذا الأدب والخطوط العریضة وأحواله علی مر العصور دون اختصار، لکنھا لا تفید من یرید الوقوف علی الإحاطة بأدب وأدباء عصر من العصور الأدبیّة، علی عکس دراسة الدکتور شوقی ضیف الذی بذل جل جھده فیھا لإیضاح صورۃ العصر دینیاً واجتماعیاً وسیاسیاً فالجزء الأکبر من الدراسة لدی الدکتور شوقي ضیف یدور حول الأحوال السیاسیة المواکبة للعصر الذي یؤرخ له أدبیاً والثورات والتمرد للدولة والأحزاب التي ظھرت سواء فی العصر الأموي أو العباسي، والحیاۃ الاجتماعیة التي کانت سائدة فی کل عصر من العصور والفرق والأحزاب الدینیة التيًً ظھرت وأسباب ظھورھا وانتشارھا، والحیاۃ العلمیة والثقافیة ومدی أزدھارھا[7]، فھو یسھب فی حدیثه عن الصورۃ العامة للعصر، وإن کان الدکتور عمر فروخ وجرجي زیدان یطیلان بعض الشئی فی إیضاح الصورۃ العامة للعصر الذي یؤرخان له لکن دراستھما أوسع وأشمل لم یقدما الحوادث الدقیقة لکل عصر کما فعل الدکتور شوقي ضیف.
التاریخ للأدب العربی فی المغرب والأندلس:
وقد امتاز كتاب عمر فروخ بالدراسة الواسعة للأدب العربي فی المغرب فمنح ھذا الأدب ثلاثة أجزاء من دراسته لتاریخ الأدب العربی، أما جرجی زیدان ولم یؤرخ له في دراسته لتاریخ آداب اللّغة العربیّة إطلاقاً، والدکتور شوقي ضیف قد تحدث عن الأدب في المغرب والأندلس فی کتابه: عصرالدول والامارات في (المغرب والأندلس) وقد أحاط بجوانب ھذا الأدب علی طریقته المعتادۃ من تفصيل واستطراد في سرد الحوادث التاریخیة والظروف الاجتماعیة ومن ثم بالترجمة بعض الشعراء والأدباء وهذا کله في جزء واحد.
وأما أحمد حسن الزیّات فإنّه یؤرخ الأدب في الأندلس، فلم یغفله في دراسته المختصرۃ للأدب العربي فنراه یلمح للحیاۃ السیاسیة والإجتماعیة والحضاریة في الأندلس وتأثر الشعر بھذه الحضارۃ ومدی انتشار اللّغة العربیّة في أسبانیا وأثر الشعر العربی فی الشعر الفرنجی.[8]، ثم یعطي نماذجاً من الشعر الأندلسی وأخیراً یترجم لأعلام أدباء الأندلس مثل ابن عبدربه، وابن ھاني الأندلسی، وابن زیدون، وابن حمدیس الصقلي وابن خفاجه الأندلسي، ولسان الدین ابن الخطیب، ولو کانت ھذه الترجمات مختصرة کما تعودنا ها فی ھذه الدراسة.
وبذلک یکون الدکتور عمر فروخ ھو الدارس الوحید من الدارسین الذین خصصناھم بالمقارنة مع دراسته، وهو الذی استطاع أن یعطي صورۃ واضحة للقارٸ عن الأدب فی المغرب والأندلس ولم یذکر جرجي زیدان ھذا الأدب فی دراسته، أما أحمد حسن الزیّات فإنه تطرق للأدب فی الأندلس مع الاختصارفی تاریخ الأدب العربي أما الأدب فی بلاد المغرب فلم یتحدث عنه، ولكن الدکتور عمرفروخ یتناول ھذا الأدب تناولاً واسعاً مستفیضاً من خلال الأجزاء الثلاثة التي خصھا به”ھذا ھو الجزء الرابع من سلسلة “تاریخ الأدب العربي” أنّه یبدأ من تاریخ الأدب العربی فی المغرب (الشمال الغربي من قارۃ أفریقیة) والأندلس (الجنوبی الغربی من قارۃ أوروبة) ثم ھو یتناول الحقبة الممتدۃ (القرن الأول للھجرۃ أواخر القرن السابع للمیلاد) إلی انتھاء عصر دول ملوك الطوائف فی الأندلس ثم یستمر إلی منتھی القرن الخامس للھجرۃ (مطلع القرن الثانی عشر للمیلاد) وذلك لأن نفراً من الذین شھدوا عصر ملوك الطوائف طالت حیاتھم بعد ذلک قلیلاً أو کثیراً، ثم یلي ھذا الجزء، الجزء الخامس، ویتناول تاریخ الأدب فی عصر المرابطین والموحدین فی القرن السادس وبعض القرن السابع للھجرۃ إلی نحو سنة 640 (1242م)، وفى الجزء السادس یتناول تاریخ الأدب فی عصر بني نصر وینتھي بالفتح العثماني فی المغرب (الجزائر) نحو 933 للھجرۃ (1525م)”[9] فالجزء الرابع، والخامس، والسادس من سلسلة تاریخ الأدب العربي للدکتور عمرفروخ یمنحھا للأدب فی المغرب والأندلس، فھي دراسة واسعة یبدأھا من القرن الأول الھجري وینھیھا بالفتح العثمانی فیُعتبر ذلك من الدارسین القلائل الذين أسھبوا ھذا الإسھاب فی إیضاح وبسط للأدب العربي فی المغرب والأندلس وأثناء الدراسة لم نستطع أن نصل إلى أي دارس آخر غیره الذي أرخ الأدب العربي فی المغرب والأندلس فی ثلاثة أجزاء کبیرۃ تقارب صفحات کل جزء منھا الألف صفحة، أما خطته ومنھجه فی ھذه الدراسة فھي الخطة التي أرخ علی أساسھا الأدب العربي فی المشرق.
بناء على ضوء هذه الدراسات يمكن لنا أن نقول بأن عمر فروخ كان أدیباً وحیداً بین معاصریه، ودراساته ھی أشمل وأوسع الدراسات إذ أنھ أرخ دراسته للأدب العربی تاریخاً شاملاً منذ الجاھلیة حتی عصرنا الحدیث فی ثمانیة أجزاء ضخمة فأعطت صورۃ واضحة کاملة لکل عصر من العصور وذكرت معظم الأدباء علی مر العصور فبلغ عدد ھذه التراجم ستاً وستین وأربعمائة وألف ترجمة ما بین شاعر وناثر وعالم وفقیه، ولا یقلل قیمة ھذه التراجم المختصرة المتميزة إذ أن کل ترجمة کانت تردف بقائمة أسماء المصادر والمراجع التي یمکن بها للدارس أو الباحث أن یعود إلیھا حسب الحاجة، فى جانب آخر تعتبر هذه الدراسة فریدۃ فی تناولھا الأدب العربي فی المغرب والأندلس والتاریخ له فی أجزاء ثلاثة ولذلك یمکن لنا أن نعتبر ھذه السلسلة- سلسلة تاریخ الأدب العربی لعمر فروخ، بموسوعة علمیة أدبیة تغني الدارس والباحث العربي عن کثیر من الدراسات الأخرى.
[1]– د. عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي، ج 1، ط 4،دارالعلم للملايين، بيروت- لبنان-1981، ص 11
[2]– نفس المصدر، ص 17
[3]– نفس المصدر، ص 17 ، 18
[4]– جرجی زیدان، تاريخ آداب اللَغة العربية، ط بدون، منشورات دار مكتبة الحياة بيروت-لبنان 1983،ص 8 ۔ 9
[5]– الدکتور شوقی ضیف، تاريخ الأدب العربى عصر الدول والامارات (المغرب والأندلس) ، ط 1،دارالمعارف- بمصر.
[6]– الزيات، أحمد حسن، تاريخ الأدب العريى، ط 10، دارالمعرفة، بيروت، لبنان،2006
[7]– انظر سلسلة تاریخ الأدب العربی، لشوقي ضیف العصر الإسلامی و العصر العباسی
[8]– الزّیات، أحمد حسن ، تاريخ الأدب العريى، ط 10، دارالمعرفة، بيروت، لبنان،2006 ،ص 302، 345
[9]– الدکتور عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي، ج 4، ط 1،دارالعلم للملايين، بيروت- لبنان-1982، ص 5.
* أستاذة ضيف للغة العربية، كلية حميدية للبنات، جامعة ألله آباد، الهند.
Leave a Reply