استعراض لكتاب “الشيخ شبلي النعماني وإسهاماته في ترويج اللغة العربية وثقافتها
د. محمود حافظ عبد الرب مرزا

اسم الكتاب: الشيخ شبلي النعماني وإسهاماته في ترويج اللغة العربية وثقافتها.

اسم المؤلف: عظمت الله الندوي

الناشر: عرشيه ببلشنغ هاؤس، دلهي، الهند

الثمن: 400 روبية

لا ريب في أن الشيخ شبلي النعماني قد قدّم خدمات جليلة في مجال الذود عن الإسلام ونشر الثقافة الإسلامية السمحة في مختلف أرجاء العالم، وترك بصمات خالدة في تاريخ الدراسات الإسلامية، حيث لا يزال مؤلفه حول “سيرة النبي” صلى الله عليه وسلم يحظى بأهمية قصوى ليس في الهند فحسب بل في مختلف أقصاع العالم، فضلاً عن مؤلفاته الأخرى التي لا تقل أهمية عن الأولى بأي شكل من الأشكال.

ومن هذا المنطلق فإن كتاباً يتحدث عن هذه الشخصية الفذة بشيء من التفصيل كان يعتبر ضرورة ملحة في هذا العصر لأن كل ما ألفه الشيخ النعماني لا يزال له صدى ودوي إلى يومنا هذا، وأن العمل وفق ما تناوله الشيخ من آراء وأفكار سيعود على الأمة الإسلامية بالنفع والفائدة المرجوة.

إن المؤلف الذي نحن بصدد الحديث عنه “الشيخ شبلي النعماني وإسهاماته في ترويج اللغة العربية وثقافتها” للمؤلف/ عظمت الله الندوي، يتحدث عن المؤلفات العربية التي ألفها الشيخ شبلي النعماني بشيء من التفصيل فضلاً عن كيفية قيامه بالرد على شبهات المستشرقين وردع كل من آلت إليه نفسه بالإساءة إلى الإسلام والمسلمين بشتى السبل والوسائل، حتى اعترف بجهوده العالم الكبير سيد رشيد رضا، وأشاد بمؤلفه في الإنتقاد على تاريخ التمدن الإسلامي، قائلاً: إن المؤرخ المسيحي جورجي زيدان حاول أن يشوه وجه الحضارة الإسلامية الغراء، فوقف له بالمرصاد الشيخ شبلي النعماني وأدّى بذلك فرض الكفاية عن الأمة الإسلامية .

نعم، لقد بذل الشيخ النعماني جهوداً مضنية في سبيل إعلاء كلمة الله واستعادة مجد المسلمين الراحل، حيث أن معظم مؤلفاته بشكل عام كانت تغمز إلى هذا الواقع وكأنها تحث على ضرورة الخوض في كافة مجالات الحياة بغية تحقيق الأمل المنشود والهدف المرجو لأجل استعادة المجد الراحل.

ومن خلال تتبع فصول هذا الكتاب نجد أن صاحبه قد أجاد وبذل جهداً كبيراً ليقدمه في طبق جاهز لأهل لغة الضاد حتى يدركوا مدى الجهد الذي بذله هذا العالم البارع في سبيل الرد على المسشترقين بل القضاء على كل شبهاتهم واقتلاعها من جذورها وكيف أنه بذل الغالي والنفيس وكأنه ليس لديه شغل يشغله سوى السمو بالأمة الإسلامية إلى ذروة الكمال.

ومن خلال استعراض فصول الكتاب بدون تحديد، نجد أن المؤلف قد سعى إلى تقديم معلومات قيمة مقتدياً بأسس الأبحاث الحديثة في تحليل بعض نصوص مؤلفات الشيخ النعماني ومقالاته عن اللغة العربية أو الأدب العربي، كما أنه وفق في اختيار أسلوب رائع، حيث سعى ما بوسعه إلى استخدام الأسلوب الجزل والرصين ليسهل على القارئ استيعاب ما فيه من معلومات قيمة بكل سهولة. كما أن إعداد مثل هذا المؤلف في ظل تجاهل العديد من كبار العلماء والأدباء والكتاب هذه الشخصية البارعة يعتبر بحد ذاته عملاً جديراً بالإشادة والاستحسان، لأننا لا نجد إلا الكتب اليسيرة حول هذه الشخصية العظيمة باللغة العربية، لذا، فإن هذا المؤلف يستحق كل التقدير والإمتنان لقيامه بتسيطر كتاب حول هذا العالم الجليل إلى جانب قيامه باستعراض مفصل لمحتويات مؤلفات الشيخ النعماني العربية الأربعة، وهي تاريخ بدء الإسلام، وإسكات المعتدي على إنصات المقتدي، وكتاب الجزية، والانتقاد على تاريخ التمدن الإسلامي.

يحتوي هذا الكتاب على خمسة أبواب في 190 صفحة، تحدث فيه المؤلف عن سيرة الشيخ النعماني الذاتية، وجهود الثقافية والتربوية من خلال انضمامه إلى كلية علي غراه ودار العلوم ندوة العلماء وإسهاماته في ترويج اللغة العربية بتأليفه أربعة مؤلفات عربية قيمة، فضلاً عن تخطيط يراعه لعدد من المقالات الأدبية واهتمامه بالمؤسسات التعليمية والثقافية، حيث قام بوضع البذرة الأولى لدار المصنفين في مدينة أعظم غراه، التي لا تزال تؤدي رسالتها على أحسن وجه ولله الحمد.

يعتبر هذا الكتاب من باكورة مؤلفات هذا المؤلف الشاب، السيد/ عظمت الله الندوي، الذي حصل على تعليمه العالي من الجامعة الملية الإسلامية، نيودلهي، وقدّم حالياً بحثاً شيقاً عن إسهامات الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي في إثراء الرواية العربية في المملكة العربية السعودية. وكلنا أمل أن يوفقه الله عز وجل في تحقيق كل ما يعود عليه وعلى الأمة الإسلامية بالخير والبركة.

وعليه، فإن هذا الكتاب هو بالطبع إضافة قيمة إلى المكتبات العربية عن حياة وإسهامات الشيخ النعماني، وكلنا أمل أن ينال هذا الكتاب القبول والإعجاب لدى الأوساط العلمية والأكاديمية بإذن الله تعالى، والله نسأل أن يوفق المؤلف في سبيل إعداد مؤلفات أخرى في المستقبل ويجزيه خير الجزاء على مؤلفه هذا، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

***