+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

قصة قصيرة: مأذنة الضوء
ظفر هاشم المباركفوري

        وقت العمل في المكتب يبدأ من الساعة التاسعة صباحاً و ينتهي الساعة الخامسة مساءً، لكن “معين أحمد شمسي” لا يصل إلى البيت أبداً على الوقت المحدد بسبب الإنشغال الكثير.

و ما زال يعمل في هذا المكتب منذ عشرين سنة. و كان يبذل “شمسي” جهوداً كثيرة في عمله و يعمل كادحاً و لكن بعد ذلك أصبح كاتباً صغيراً.

و كانت زوجة “شمسي” كريمة الخلق و مؤدبة. و تدير المنزل بذكائها و تكاد تنفق لإدارة البيت ثلاثة آلاف روبية هندية. و لم يتمكن “شمسي” من الحصول على الدراسة العليا و لكنه كان حريصاً للغاية على أن يتعلم أبناؤه الدراسات العليا و لكن لم يتحقق حلمه و أمنيته بسبب أنه لم يُرزق الأولاد و صبر على ذلك إدراكاً منه رضاً للرب.

و كان “شمسي” عندما يتوجه إلى البيت كل يوم بعد أداء صلاة المغرب، يرى ولداً صغيراً أمام متجر “الشيخ تمبر مرشينت” على ممر المشاة و هو يصلح الأحذية (يعمل في مهنة تصليح و تلميع الأحذية).

قبل أن يصل “شمسي” المكتب صباحاً كان الولد الصغير ينظف المكان الخاص على ممر المشاة و يخرج آلاته من الصندوق القديم و يضعها على الأرض و بدأ ينشغل في عمله.

و كان ينظر “شمسي” إلى هذا الولد الصغير إياباً و ذهاباً، فيقول الولد مبتسماً السلام عليكم يا سيدي.

و ذات مساء، عندما قد ذهب جميع الموظفين إلى منازلهم، و لم يبق هناك أي شخص في العمل، نادى “شمسي” يا بني تعال عندي فوق. و بعد برهة، أتى الولد منظفاً يديه بطرف قميصه و وقف جانباً مؤدباً.

حياك الله عزيزي و أهلاً و سهلاً بك.

و قال “شمسي” بإيماء للولد تفضل بالجلوس على الكرسي الذي كان أمامه.

فقال أيها الولد العزيز، مرةً قلتَ لي أنك قد درستَ إلى الصف السابع.

لماذا لم تدرس المزيد؟

هل تعلم أن العلم جوهرة الإنسان؟

يا سيدي حتى اليوم أنا حريص جداً للحصول على الدراسات العليا و لكن ماذا أفعل، يجب أن أعمل لأكسب المال لأُعيل أسرتي و لإطعام والديَّ العجوزين.

و أكيد أحتاج إلى النقود للحصول على التعليم، “قالها الولد بصوت خفي حزين و نكس رأسه”.

و بعد قليل، بدأ شمسي يفكر، و قال : طيب لا بأس  تعال هنا للقائي بعد غدٍ بعد أداء صلاة الجمعة.

حضر “شمسي” بعد صلاة الجمعة فوجد الولدَ جالساً أمام طاولته و كان يلمع وجهه بنور الأمل.

فقال “شمسي” للولد كان مطرقا رأسه على الطاولة، اسمع أيها الولد العزيز “لقد ألحقتُك بمدرسة “دوست ببلك” التي تقع خلف “بخارى فلور ملز” و دفعتُ أيضا جميعَ الرسوم لقبولك سنة كاملة، و أعطيتُ نقودا لمدير المدرسة السيد “شفيق أحمد” للكتب و القرطاسية و المعدات الدراسية الأخرى.

اذهب و التقِ بمدير المدرسة يوم الإثنين، و بعد انتهاء الدراسة يمكنك أن تصلح الأحذية.

حقا؟؟..

“كان الولد بمنتهى السرور و الفرح، يا سيدي الغالي لن أنسى إحسانك العظيم أبداً طوال حياتي”.

أيها العزيز ما فعلتُ أي شيء لكن حاولت أن أحقق أمنياتي الكبيرة.

إن تفهم أني فعلتُ خيراً معك و لا بد أن تتبع ثلاث نصائح.

*الأولى:* يجب أن تبذل ما في وسعك من الجهود الجبارة تجاه التعليم و الدروس لكي تكسب الإحترام و التقدير في حياتك.

*والثانية:* كلما رزقك الله توفيقاً و مؤهلاً، لا بد لك أن تكفل طالباً واحداً على الأقل لتَلمَع أنوار العلم كما بدأتُ بإضاءة مصباح من مصابيح العلم.

*والثالثة و الأخيرة:* لا تقل لأحد عن أني قدمت المساعدة لك و قلتُ أيضاً لمدير المدرسة أن لا يفشي لأحد السر الذي بيني و بين الولد.

و تدور قصة “الإسكاف” من تلك الفترة إلى زمن الرئيس “خواجه شبينگ لائنز” منذ ثلاثين عاما تقريباً. و لم ينسى هذا الولد أبداً الإحسان العظيم من ذلك الرجل، فقد أوصله ذلك الإحسان إلى طريق النجاح.

و خلال فترة ثلاثين عاماً فقد تكفّل الولد دراسة العديد من التلاميذ و مد يد العون لهم. لكن هذا الولد لم يفِ وعده الأخير أن لا يفشي اسم المحسن. و ظن أنه لا ينبغي لمثل هذا الشخص أن يبقى مجهولاً و عليه أن يتذكر اسمه أبداً.

و أضاف قائلا : ” إن مآذن النور يجب تبقى مضاءة دائماً لأن مثل هؤلاء الأشخاص يبقوا مصباح الطريق للآخرين.

وذكر هذه القصة رئيس “خواجه شبينگ” السيد خواجه “آصف رحمان” قبل تناول العشاء في الفندق و قال لي يا سيدي “محسن” أنا دائما أذكر هذه القصة للجميع لأن النور الذي أضاءه “شمسي” يكون نوراً  مضاءً أبداً. و السبب الآخر الذي زيّنه “شمسي” للولد بالدراسة و التعليم، هذا الولد هو أنا.

*صاحب القصة نزيل في دلهي الجديدة.

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of