الأستاذ الدكتور أ ب محيي الدين كوتي، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة كالكوت، قد قضى معظم عمره في أروقة العلوم العربية والدراسات الإسلامية، وألهم الكثير من الطلبة والباحثين والباحثات. إنه استثمر أكثر من عقدين ونصف من عمره في جامعة كاليكوت، الجامعة الأولى في ديار “مليبار”، والتي سجلت بصمات هائلة في توعية المجتمع. ولفضيلته ذكريات ممتعة، وتجارب رائعة، وخبرات واسعة، ومهارات تامة في المجال الأكاديمي العربي في الهند، وله مشاركات فعالة في الندوات والحفلات والمؤتمرات المحلية والدولية، وله كتب عديدة حول موضوعات مختلفة. وفي الحوار التالي يشارك معنا الأستاذ بعض إضاءات من سيرته ومسيرته العلمية والأدبية.
السؤال: مرحبًا بكم يا سيدي الأستاذ، أخبروني من فضلكم عن بيئتكم التي نشأتم فيها؟ وأسرتكم الكريمة التي تنتمون إليها؟
الجواب: أنا اسمي محيي الدين كوتي، من مواليد عام 1964زم، ولدت في أسرة متواضعة كريمة معروفة بالعلم والأدب، والثقافة والدين، وأنا من مدينة تاريخية مشهورة تعرف بـ”كرانكنور”، والتي كانت عاصمة إمبراطورية “تشيرا” الثانية، وهي أولى منطقة سعدت بقدوم الإسلام في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه. أما أسرتي فتتكون من ثمانية أفراد، الأبوان، والأختان، وأربعة إخوة، وكنت أنا الولد السادس في أسرتي، وكان أبي ضابطًا في الجيش، دخل في الممتلك الخاص للحاج إسماعيل سيت بعد استقلال الهند، وأمي كانت ربة البيت، وقد انتقل كلاهما إلى رحمة الله رحمة واسعة وأدخلهما في جنته النعيم. وأنا الآن مع زوجتي وابنتي، وكبراهما تعمل طبيبًا والثانية أتمت الماجستير في علم الكيمياء، وأما زوجتي فهي أستاذة مساعدة في كلية التربية والتعليم، يعني كانت أسرتي بحمد الله أسرة جميلة ولها الدور الكبير في تربيتي وصناعة شخصيتي.
السؤال: وحدثوني من فضلكم عن دراستكم الابتدائية والثانوية والعالية بكل من الإيجاز؟
الجواب: أكملت دراستي الثانوية عام 1979م ثم أكملت المرحلة ما قبل الليسانس من جامعة كاليكوت، وبعد ذلك حصلت على شهادة ليسانس في علم الاقتصاد. توجهت إلى دراسة اللغة العربية فنلت القبول في الماجستير لدراسة اللغة العربية في جامعة كالكوت وتخرجت بدرجة ممتازة، ثم تسجلت في نفس الجامعة في الماجستير في علوم الفلسفة. بعد أن حصلت على المنحة المركزية للباحثين الصغار، وفي عام 1989م نلت القبول في الدكتوراه، وأثناء دراستي كنت أحضر لعدد من المقابلات بحثًا عن العمل في المدارس التي تعمل تحت إشراف هيئات مخصصة، لكني رجعت بخفي حنين حيث كانت تلك المدارس كلها تجري في ظلال التأثير السياسي المكثف، وموضوع بحثي في الماجستير ما قبل الدكتوراه، (أم فل)، “أهل الكهف” للكاتب المسرحي المصري الكبير توفيق الحكيم، وكنت تحت إشراف الدكتور إي ك أحمد كوتي الذي له يد طولى في الحركة الأدبية العربية في ديار مليبار، وله خدمات جليلة وجهود مثمنة في تطوير اللغة العربية والأدب العربي بالتدريس والتأليف والترجمة والمراقبة والإشراف على الباحثين والباحثات وغيرها من الجهات المختلفة، ثم التحقت للدكتوراة تحت إشراف الدكتور إسماعيل لبا، وهو من الأوائل الذين التحقوا للدكتوراه في جامعة عليكراه بولاية أترابراديش- الهند، لكنه تأخر في إكمال الدكتوراه، وكان مرشدًا رائعًا حيث أمدني باقتراحات جميلة ومفيدة، وكان موضوع بحثي في درجة الدكتوراه “الحياة الاجتماعية في مصر كما تصور في الروايات الاجتماعية لنجيب محفوظ بالإشارة الخاصة إلى ثلاثياته”، وكنت قد حصلت على فرص سانحة لمطالعة عدد من الكتب والمراجع، ومن أبرز النكات التي أشار إليها مشرفو رسالتي بأن الباحث قد استطاع لاستنباط أهم النكات الملموسة من خلال بحثه..
السؤال: كيف ترى حضرتك عن التطورات التي حدثت في جامعة كالكوت، وكيف كانت تجربتكم في هذه الجامعة المرموقة؟
الجواب: فإن جامعة كاليكوت قد وضعت دراسة اللغة العربية محط أنظارها، فمنذ المرحلة العالية تعد الأسئلة باللغة العربية، كما أن المنهج الدراسي يتضمن معظم الاتجاهات والنزعات التي تمر باللغة العربية، وحقًّا منهج اللغة العربية بجامعة كالكوت منهج ينافس المناهج الدراسية العربية العالمية، فمن سمات الجامعة أنه توجد هناك كليات تابعة لهذه الجامعة التي تدرس اللغة العربية حسب معايير الجامعة وعلى رأسها كلية الفاروق، وكلية ممباد أم إي أس، وكلية تونجان، وكلية بي ت أم حيث توفر هذه الكليات فرص دراسة الماجستير في اللغة العربية.
ومن اللمسات المنشودة أن مدارس كيرالا الحكومية توفر فرصًا جيدة لدراسة اللغة العربية حتى من الصف الأول إلى مرحلة درجة الدكتوراه، فمن جامعة كاليكوت فقط قد أتم أكثر من 150 رسالة في اللغة العربية، فهذه ميزة كبيرة لهذه الجامعة العريقة لتفتخر ولترفع رأسها، وللجامعة مكتب رائع وثري بأمهات المراجع وعيون الكتب في اللغة العربية التي تساعد الباحثين والأكاديميين إلى جانب حضور عباقرة الدكاترة وفرصة للباحثين المنتخبين عبر الاختبار..
السؤال: سعادة الأستاذ! أليس من الغريب أن انتقلتم إلى دراسة علم الاقتصاد، بعد بذل الجهد الجهيد في مجال اللغة العربية؟
الجواب: وأما انتقالي من علم الاقتصاد إلى دراسة اللغة العربية والذي يبدو في الوهلة الأولى غريبًا حدث نتيجة للظروف الدراسية المعهودة أيام دراستي، لأن في جامعة كالكوت نزعة عامة ليتنقل من دراسة العلوم إلى دراسة اللغات، وهذا الانتقال هو وليد الظروف، لكنه هذا الانتقال كان مما ساعد الكثير للحصول على نجاح ممتاز في الاختبارات للحصول على المنح، وحسب تجربتي أفادتني الدراسة الاقتصادية وأكسبتني مهارات لغوية كبيرة لكن في الوقت نفسه هناك بعض آليات افتقدتها كثيرًا في المرحلة العالية إلا أني تعلمتها عن جد واجتهاد مني في نظام المدرسة الإسلامية بـ”فادانافالي”، وهناك أمر آخر وراء انتقالي المفاجئ من علم الاقتصاد إلى اللغة، حيث أني أصررت لتقديم طلب لدراسة الماجستير في مدرسة واحدة فقط، وهي مدرسة جون ماتاي المشهورة بتوافد الطلبات من قبل الطلبة، وربما هذا الأمر حدث على أساس إرادة قوية وثقة بالنفس المفرطة التي امتلكتها وقتها، لكن كان الله قد قدر شيئا آخر فلم أجد فرصة للدراسة هناك، ولكي لا تضيع سنة كاملة دراسية التحقت لدراسة اللغة العربية، فلو لم يحدث هذا الانتقال الذي صادفته لما حصلت على المنحة الدراسية للعلوم العالية ج أر أف JUNIOR RESEARCH FELLOWSHIP أو حتى هذه المسيرة الحافلة بالإنجازات.
وبخصوص جامعة كالكوت إنها تبقى على أصولها ومبادئها إلا أنها تستمد أحيانًا من التجارب العلمية والتعليمية الراقية لتطوير مجرى الجامعة، ومن جانب البنية التحتية والدكاترة اتجهت إلى تطور كبير أو بعبارة أخرى الجامعة تم تحديثها، فازدادت المباني والأساتذة والطلبة، لكن أبرز السمات التي لاحظتها في رحلتي مع هذه الجامعة هو التصاعد الكبير الملحوظ في عدد البنات التي يردن للدراسات العليا، وفي زمننا كان عددهن ضئيل جدًا جدًا، وأما الآن تغير الوضع وتطور المجتمع.
ولا يكتمل الكلام عن دراستي إلا بذكر بعض ملامح سيرة مشرفي الدكتور إسماعيل لبا، العالم الكبير في الأدب الكلاسيكي والحديث معًا. كان حريصًا على فن التحقيق، وموضوع رسالتي كما ذكرته آنفًا كان حول رواية نجيب محفوظ والأبعاد الاجتماعية في رواياته الواقعية لا سيما الحياة المصرية من خلال رواياته، ويجدر هنا أن أشير إلى نقطتين مهمتين وهي أن الروائي ركز كل جهوده وطاقاته على الحياة المدنية من القاهرة والجمالية والإسكندرية والحياة الجامعية والحياة في أوساط الطبقات الوسطى لكن تمركزت الرواية في القاهرة، وكانت الطبقات الوسطى من أهم محاور رواياته، وخلال بحثي عن الثلاثيات التي يلعب فيها أحمد عبد الجواد دورًا رياديًا إلى جانب ما يسرد فيها عن أسرته، شاهدت أن الروائي نجح في هذه الروايات ليسرد أحداث مصر من ثورة 1919م إلى 1952م، كما يحلل تحليلاً دقيقًا عن ظروف الطبقات الوسطى التي تمر بالانحطاط تارة وبالانبساط أخرى، حيث كانت حياة الطبقات الوسطى وقتها تمثل أشكالاً مختلة، فيها من يعيش على الأخلاق، ويتماشى مع مبادئ الدين، ومنهم من يقضي الليالي في الملاهي والأوبيرات.
السؤال: كيف ترى حضرتك عن مستقبل اللغة العربية في ظل التطورات الملحوظة في المناهج الدراسية حيث تتقدم الكليات والجامعات لتدريس اللغة العربية وإدراجها في مناهجها التعليمية؟
الجواب: نعم، هذا أمر رائع وجميل، حيث حصلت تطورات عجيبة وغريبة في حقل التعليم عامة وفي مجال اللغة العربية خاصة، لا سيما بعد أن تضاعفت موجات الهجرة إلى الخليج بحثًا عن العمل والحياة أصبحت اللغة العربية لغة ثانية لكثير من الناس، لتكون العربية بوابة واسعة نحو عالم أوسع، والآن نرى الجامعات الحكومية والجامعات العربية والمعاهد الإسلامية معًا تكثف الجهود لنشر اللغة العربية عبر مسابقات أدبية وتنظيم ورشات وندوات وإحياء ذكرى الأدباء، فهذا الأمر لم أكن أراه في شبابي لكن حظيت الآن لأرى اللغة العربية التي عشقتها تتنامى رويدًا ورويدًا في بلدتي كيرالا وفي دولتي الهند، وعلى حد رأيي إن كل التحديات تعد فرصا سانحة لبناء مستقبل زاهر، والذي يرى أمامه المشاكل ولا ينبري للتصدى لها أو لتحديها لا يتمكن من أن يخطو ولو خطوة نحو غد أجمل بل لا بد عليه أن يكسر حاجز المستحيل ويتقدم نحو حلمه بعزيمة وإرادة وإصرار حتى يتحقق له حلمه، وحتى لطلاب العلوم يمكن لهم أن يتمرسوا اللغة العربية كموضوع أصلي أو فرعي، وذلك مما يدعمهم لنقل وجهاتهم وآراءهم إلى عالم أوسع.
السؤال: كيف كانت حياتكم المهنية في مجال التدريس؟
الجواب: في بداية رحلتي مع العمل اشتغلت مدرسًا في الكلية الإصلاحية بـ “تشيند مانغلور”، والكلية الإسلامية بفادانابالي إديور، وكلية الفاروق، وكلية روضة العلوم، وكلية دار العلوم العربية، وجامعة كاليكوت، لكن فترة العمل كانت قصيرة جدًا مثلاً سنة واحدة فقط في المدرسة الإصلاحية، وسنة كذلك في كلية الفاروق، وعدة أشهر في روضة العلوم، وثلات سنوات في دار العلوم فازكاد، وبعدها كنت معلمًا في جامعة كالكوت لأكثر من عقدين ونصف، وفي هذه المجالات كلها كنت حريصًا على تعلم اللغة العربية، لكن ما زلت أذكر الجو الودي الذي أحسسته من أروقة دار العلوم العربية، جو جميل ينبع عن الاحترام المتبادل بين الطلبة والأساتذة حيث كنت أستاذًا ينتقل من كلية غير عربية إلى كلية عربيةـ فكانت تجربة عجيبة بالنسبة لهم.
وعملت في أي آر أس بإدايور بصفة عميد للكلية، وحين أتذكر تجرباتي هناك أشعر بالحنين، حيث كنت أتدخل في الأمور الإدارية والجامعية كما كان علي مسؤولية إقامة خطبة الجمعة، وقتها كان أستاذي إ ف كنجي محيي الدين كوتي يحثني ويشجعني لإقامة الخطبة حيث كان يصر على ألا يخرج من غرفته الخلفية إلا إن افتتحت الخطبة، وهذا الإلحاح من جانبه في الحقيقة كان نابعا من باب التشجيع والتحفيز، وخلال كل هذه الفترة كنت أتعامل مع عدد من الموضوعات، وعلى رأسها الدراسات البلاغية والأدبية والنقدية إلى جانب ما كنت أحفز الطلبة على كسب المعلومات الإضافية والتجارب الأكاديمية، وأحرص على فتح آفاق واسعة في الأدب العالمي..وما كنت أعتقد أبدا بأن الطلبة هم أكواب فارغة يملأ فيها المدرس ما عنده من المعلومات لأني أدرك تماما بأن هناك بعض الطلبة هم أكثر تجربة وشعورا مني، وتلك عادة لا نخفى عليها، وأنا فخور جدا بأن لي تلاميذ كانوا من الأوائل الذين سبقوا إلى الجامعات والكليات على حساب المنح الدراسية وعلى رأسهم الدكتور أصغر والدكتورة عائشة، وتلك نعمة أفتخر بها…
وأما بالنسبة لكلية فاروق وهي من أبرز الكليات المرموقة في كيرالا، وكنت أسكن في منطقة السكن التي يسكن فيها كبار الأساتذة المتفرعين، وعلى رأسهم عبد الله صاحب، والأستاذ السيد محمد ف، وكنت أذهب إلى المسجد الذي يذهبون إليه، وبعد صلاة الفجر كانوا يخرجون للمشي، وقتها ينادوني للمرافقة معهم، وكنت أرى هذه اللحظة جميلة ورائعة أن تمشي مع كبار الشخصيات كان أمرًا مغبوطًا لدى الزملاء مع أني أصغر الأساتذة هناك، وخلال هذه المعاصرة تلمست من حضراتهم عمق العلوم والمعرفة التي يميز هؤلاء العباقرة، وأنا مدين لهؤلاء العلماء..
مكثت في كلية فاروق لسنة واحدة فقط ثم انتقلت إلى روضة العلوم التي هي تحت إشراف هيئة كلية الفاروق نفسها، لكن المشكلة التي واجهتها لو تسمى مشكلة أنني كنت أستاذًا في كلية العلوم والفنون فالانتقال من تلك الكلية إلى كلية عربية كان أمرا يقلق إدارة روضة العلوم مع أن الأمر ما كان يقلقني، فمن الشخصيات التي التقيت بها هناك الشيخ المؤقر محمد كوتاشيري الذي كان ذهابه على الإجازة السبب الحقيقي لانتقالي إلى تلك الكلية. وكان رجلاً طيبا ذا قلب سليم، ولم يمض عام حتى حتى عاد الشيخ من إجازته فلم يبق لي إلا أن أغادر. وتعينت في مؤسسة أخرى على دعم من حضرته، وأنا على يقين بأنني من خلال هذه المسيرة الأكاديمية التي منحت لي تجارب جميلة ورائعة والتي خلفت في حياتي معالم طيبة سجلت حضوري كأستاذ مثالي قدر طاقتي، وأنا من الأساتذة الذين يرون الطلبة كأصدقاء، وتلك التجارب هي التي تلهمني إلى الآن وفي المستقبل إن شاء الله..
السؤال: ما هي أم المناصب التي تقلدتموها في سيرتكم؟
الجواب: كنت متطوعًا في أن أس أس N S S وكنت سكرتيرًا لبرنامج أن أس أس لجامعة كالكوت والمدارس التابعة لها التي يبلغ عددها أكثر من أربعمائة إلى جانب ما كنت مستشارًا لأن أس أس ومنسقًا ل “يو جي سي”،U G C ومنسقا لأكاديمية كوادر الجامعة، وعميد كلية اللغات والأدب بجامعة كالكوت، DEAN OF LANGUAGE AND LITERATURE، وعضوًا في سينات لجامعة كالكوت SENATE MEMEBER، ومديرًا لمدرسة التربية والتعليم عن بعد DIRECTOR OF DISTANCE EDUCATION، كما كنت عضوًا في عدد من المؤسسات والآن أعمل كرئيس لقسم اللغة العربية HEAD OF ARABIC DEPARTMENT، وكنت مدير شؤون الأقليات التابعة لولاية كيرالا MINORITY AFFAIRS لأربع سنوات إلى غير ذلك، وكلها كانت تجارب رائعة في حياتي الشخصية والمهنية.
السؤال: ما هي أهم مؤلفاتكم في اللغة العربية والإنجليزية وما عداها فضلاً عن الدراسة والمحاضرات؟
الجواب: نعم، بتوفيق الله عز وجل، قمت بتأليف ثمانية كتب حول موضوعات شتى وبعض منها مطبوعة وبعض آخر لم تر النوب بعد. ومن المطبوعات هي: 1. سلطان قلوب الشعب، 2. القدوة دراسة بحثية عن حياة الشيخ أبي محمد باوا المسليار وأعماله 3. مقالات في نجيب محفوظ وأدبه، 4. أهل الكهف في الميزان، 5. اللغة العربية سهلة، طبع من مكتب ريناسانس، كاليكوت- الهند.
السؤال: سعادة الأستاذ! إن ولاية كيرالا الهندية أنجبت في أرضها الخصبة العديد من العلماء الكبار الذين قاموا بخدمات جليلة في تطور اللغة العربية وآدابها بفضل كتبهم وبحوثهم ومقالاتهم منهم أبو الصباح أحمد المولوي، والسيد عبد الرحمن العيدروسي، والدكتور محيي الدين الآلوائي، وغيرهم، فسؤالي هنا كيف ترى فكرة هؤلاء العلماء والصوفياء والمشائخ العظام، وما رأيكم وفكرتكم عن الكتاب “الدعوة الإسلامية وتطورها في شبه القارة الهندية للأستاذ الآلوائي لغة ودعوة ومنهجا وأسلوبًا؟
الجواب: لا يخفى على من يستقصي التاريخ ويسبر أغواره عن الدور الكبير الذي أدته ولاية كيرالا في نشر العلوم العربية والدراسات الإسلامية عبر العصور، وقد كانت وما زالت كنفًا وادعًا وبيئة ملائمة للغة العربية وثقافتها لتنجب هذه الأرض مئات من العلماء والأدباء والشعراء الذين لهم بصمات كبيرة في الأدب العربي، وعلى رأسهم أولئك الذين أشرتم إليهم في السؤال، وامتدادًا لهذا التراث العريق ما زال الشباب يكتبون ويقرؤون ويصدرون في اللغة العربية، يعني ذلك أن اللغة العربية نابضة وحية وشابة في ولايتنا كيرالا، فبدءًا من الكتّاب ودروس المساجد ومرورًا بالمدارس الدينية والعامة ونهاية بالمجامعات والمجامع اللغوية تتصدر اللغة العربية في عقلية الشباب، لأنهم يعدون هذه اللغة الواعدة وسيلة لتطوير حياتهم، وتحقيق رؤيتهم، وكسب قوتهم، وأما فيما يتعلق بالكتاب المشهور للأستاذ الآلوائي الذي قضى عمرًا طويلاً في رحاب الأزهر الشريف ونقش اسمه في سجل الأدباء الكبار جدير أن يذكر، لأن هذا الكتاب من حيث الأسلوب والموضوع والسرد قد زاحم الكتاب العرب، بل هذا الكتاب إلى الآن يعد من أمهات المراجع لمن يريد أن يبحث عن قدوم الإسلام والعرب إلى الهند وكيرالا، ولا زالت أدبيات فضيلته تدرس وتبحث في مختلف أنحاء الولاية، ومشهور أنه هو الذي قام بترجمة رواية تشمين إلى اللغة العربية لتكون هذه نقلة نوعية في تاريخ الترجمة في ولاية كيرالا…
السؤال: ما هي النصائح والاقتراحات التي تود أن توجه إلى الجيل الجديد الذي يحرص على تعلم اللغة العربية؟.
الجواب: اللغة العربية لغة حية وشابة، لا تضحمل أهميتها في زمن من الأزمان، لأنها لغة القرآن والسنة، ولغة حضارة مزدهرة ومدنية عريقة، ولها تاريخ غني وحاضر جميل، فعلى جميع الحريصين على تعلم اللغة العربية من جميع فئات العمر أن يكونوا مرتبطين دائمًا مع مستجدات هذه اللغة، لأن اللغة في كل زمان تتغير وتتطور خاصة العربية التي تتمتع بأصول متينة وجذور رصينة، ولها إمكانيات واسعة لتقبل هذه التطورات، فقراءة الأخبار والجرائد ومتابعة الإعلام والتفاعل مع أهم العناوين وقراءة الروايات العربية التي صدرت قريبًا كلها من مقومات النجاح للتمكن من هذه اللغة، لأن لنا مجالا كبيرا لنتلمس نبضات اللغة العربية كما هناك فرص كثيرة تنتظرنا للدراسات العليا في مختلف الجامعات العالمية إلا أن علينا أن نتجدد ونقوم بتحديث أنفسنا حتى لا نضيع الفرص السانحة، وهناك جامعات عالمية تقدم المنحة الدراسية لمختلف المراحل، من ليسانس وماجستير ودكتوراه إلى غير ذلك.
شكرًا لكم سعادة الأستاذ على إتاحة هذه الفرصة الثمينة لإجراء الحوار، وتزودينا بآرائكم السديدة وخواطركم الجياشة ردًّا على التساؤلات التي قمت بها حول حياتكم الشخصية الطيبة والعملية التدريسية والمهنية الأكاديمية في العديد من الكليات والجامعات في ولاية كيرالا- الهند، أتمنى لكم مزيدًا من الإبداعات القيمة وأدعو لكم صحة موفورة.. بارك الله في حياتكم الطيبة ويمد عمركم فينا لكي نستفيد من علمكم الغزيز وخبراتكم الموسعة ومعرفتكم الواسعة.. شكرًا جزيلاً.
………………..
*الكاتب والمترجم الهندي
Leave a Reply