+91 98 999 407 04
aqlamalhind@gmail.com

القائمة‎

حوار مع الكاتب الروائي مصطفى لغتيري
حاوره د. محسن عتيق خان

مصطفى لغتيري كاتب روائي غزير الإنتاج، قد  أنتج حوالي عشرين رواية، وخمس مجموعات للقص القصيرة جدا، وأربع مجموعات قصصية، وله ديوان شعر، وكتابات أخرى. فيما يلي نقدم لكم الحوار الذي أجراه معه د. محسن عتيق خان.

س:- من هو الكاتب مصطفى لغتيري وكيف يعرف بنفسه إلى القراء؟

ج:-  مصطفى لغتيري من مواليد عام 1965 بالدار البيضاء، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي بنفس المدينة. خريج  كلية الآداب والعلوم الإنسانية – عين الشق بالدار البيضاء.

انتمى لمهنة التدريس منذ عام 1991، وتقاعد منها بطلب منه عام 2023.

بدأ الكتابة خلال تسعينيات القرن العشرين بنشر قصص ومقالات في الجرائد والمجلات الوطنية والعربية. حصل على العضوية في اتحاد كتاب المغرب عام 2002، وانتخب في مجلسه الإداري، وفيما بعد أصبح عضوًا في مكتبه التنفيذي في عام 2012. حيث أصبح نائبا للكاتب العام مكلفا بالنشر والإعلام.

 شغل منصب رئيس الصالون الأدبي، ومؤسس غاليري الأدب ومديره العام. وقام بتحكيم مجموعة من الجوائز الأدبية الوطنية والعربية، كما شارك في عدد من االملتقيات والمهرجانات الأدبية داخل المغرب وخارجه. وقد ترجمت بعض كتبه وقصصه إلى اللغة الفرنسية والإسبانية والانجليزية..

 

س:-بدايتكم مع الكتابة متى كانت وكيف؟ وما أهم المحطات التي أثرت في حياتكم الأدبية؟

ج:- الإمساك بالبدايات صعب وغالبا ما يختلط بالوهم، يتداخل فيها الواقعي بالمتخيل، لكن مع ذلك يمكن أن اقول إن بداياتي كانت بشغفي الكبير بالقراءة، التي ما زلت مغرما بها إلى يومنا هذا، وقد اثرت القصص التي قرأتها في مرحلة الطفولة والشباب في نفسي بشكل كبير، وحين تحركت مشاعري بقوة في مرحلة المراهقة فكرت في الكتابة، وبدأت بكتابة الخواطر التي صببت فيها ما يعتمل في دواخلي من هموم وهواجس وانفعالات، وقد كان تعرفي على بعض الكتابات العالمية والعربية وإعجابي بها ككتاب البؤساء لفكتور هيكو، وكتابات المنفلوطي وجبران خليل جبران المحفز لي على الاستمرار في هذا المسار.

س:-من الذي تقتديه في انتاجاتكم الأدبية؟

ج:- في البدايات الأولى انبهرت بكتابات الكثير من الكتاب المغاربة والعرب والعالميين، فحاولت النسج على منوالهم، ومنهم نجيب محفوظ، وايرنست همنغواي، وغيرهما، لكن تدريجيا حاولت ان اكتسب اسلوبي الخاص، الذي كلفني كثيرا من الصبر والجهد، حتى اقتنعت به، ودأبت على توظيفه في كتاباتي.

س:- من الذي ساعدكم في مشواركم الأدبي؟

ج:- من الصعب ان يفكر الإنسان في المساعدة في مجال الكتابة، فكل شخص يبني ذاته بمحاولاته المتكررة، وبذل المجهود المطلوب لتحقيق ما يصبو إليه. آمنت دوما ان الدعم الذي يأتي من داخل المرء أفضل بكثير مما يأتي من جهة أخرى، لأنه دعم صادق ومتواصل، ولا يخذل صاحبه أبدا.

س:- هل أنتم نشيط على مواقع التواصل الاجتماعي، وما موقفكم من استخدامها من أجل النشر الإبداعي؟

ج:- لقد أضحت مواقع التواصل الاجتماعي واقعا يفرض نفسه على حياة الأفراد والمجموعات بشكل كبير، وهي ذات نفع كبير، لأنها تيسر التواصل، وتتيح للكاتب التعريف بإنتاجاته الجديدة، وتسهل عليه التواصل مع دور النشر ومع القراء على حد سواء، كما تتيح التعريف بإبداعاته على نطاق واسع، لذا فمن الحكمة استثمارها بشكل مناسب، حتى تكون ذات فائدة للكاتب وللكتاب وللمجال الثقافي عموما.

س:- لكل مفكر أو مبدع أيديولوجية معينة تسيطر عليه، فإلى أي أيديولوجية ينتمي فكركم؟

ج:- إيديولوجيتي هي إيماني بالقيم الإنسانية النبيلة من قبيل الحرية واحترام الآخر وقبول الاختلاف، والحريات الفردية، واحترام المرأة باعتبارها كائنا مستقلا قائم الذات قادر على بناء ذاته ومستقبله بدون وصاية من أحد، كما انحاز للفئات الشعبية في نضالها من أجل تحقيق العيش الكريم.

س:- قد نشرت لك أربع مجموعات قصص قصيرة جدا -على حد علمي- وهي “مظلة في قبر”، و”زخات حارقة”، و”تسونامي”، و”حدثنا القرد فقال”، فكيف كانت مسيرتكم في هذا المجال، وهل نجح هذا النوع الأدبي الجديد في أخذ مكانه في الأدب العربي؟

ج:-  القصة القصيرة جدا جنس أدبي فرض نفسه تدريجيا واصبح له كتابه وقراؤه ونقاده، وقد اهتم به الكتاب المغاربة عموما وحققوا فيه قصب السبق والتميز عربيا، وقد ساهمت بعدد من المجاميع في هذا الجنس الادبي وقد لاقت اهتماما نقديا مناسبا، لأنها حسب بعض النقاد استطاعت أن تقدم نصوصا متميزة احتفت بها حتى بعض الجلات الغربية مثل مجلة “الأضابا” الإسبانية. كما كتب عنها كتابان نقديان احدهما في تونس والثاني في المغرب فضلا عن الأطاريح الجامعية التي تناولتها بالدرس والتحليل،

س:- ما هي أهم الموضوعات التي تطرقتم إليها في قصصكم القصيرة جدا؟

ج:- في قصصي القصيرة جدا تناولت كثيرا من القضايا الوجودية والنفسية والاجتماعية والثقافية، محاولا إلباسها شخصيات واحداثا مقتضبة، بما يمكن ان نسميه على حد قول البلاغي العربي عبد القاهر الجرجاني “إجاعة اللفظ وإشباع المعنى“، وقد وظفت الحيوان في المجموعة الأخيرة “حدثنا القرد فقال..” مستلهما في ذلك كتاب “كليلة ودمنة” ذا الأصول الهندي، الذي عربه عبد الله بن المقفع، وأصبح جزءا لا يتجزأ من الثقافة العربية.

س:- قد نشرتم عدة مجموعات للقصص القصيرة بما فيه “هواجس امرأة”، و”شيئ من الوجل”، و”سحر المساء”، و”أحلام هرقل”، فما هو المحور الرئيسي لهذه القصص؟

ج:- تتسم الموضوعات التي تناولتها في قصصي القصيرة بالتنوع الكبير جدا، فقد لا مست جل مناحي الحياة، لكن يمكن القول أنها تتفق في الاهتمام بالإنسان، خاصة في مراحل التحول في حياته، فالقصة القصيرة عموما تلتقط  تلك اللحظات المتميزة بالتغيير في حياة الشخوص، لهذا ركزت على تلك التحولات وصغت منها قصصا تحاكي نبض الحياة، وتمنح للقارئ الفرصة للتأمل في حياة الشخصيات ولم لا في حياته كذلك.

س:- ما هي القضايا التي تناولتها في مجموعاتكم القصصية، هل هي تنحصر في بلادكم أو تتجاوز إلى البلدان الأخرى.

ج:- غالبا ما تناولت في قصصي قضايا مطروحة في وطني لكنها ذات بعد إنساني، فإن كانت الشخصيات محلية والأماكن كذلك، فإن القضايا التي تطرحها ذات بعد قومي وإنساني، من قبيل الحب والغيرة والطموح والفشل وما إلى ذلك.

س:- خلال عقدين ماضيين، قد أخرجت أكثر من خمس عشرة رواية، فما هي القضايا الاجتماعية والسياسية التي تناولتها في رواياتكم؟

ج:- نعم يبقى عشقي الاكبر هو الرواية وقد كتبت عشرين نصا روائيا لحد الآن، وقد تناولت فيها موضوعات وقضايا عدة، حاولت فيها التنويع على مستوى الشكل والمضمون، فمثلا تناولت الجانب النفسي في رواية “رجال وكلاب” والخرافة الشعبية في “عائشة القديسة” والبعد الإفريقي والبعد الأمازيغي في كل من “ليلة إفريقية” و”تراتيل أمازيغية”، وتناولت شخصية متصوف مغربي في” الأطلسي التائه” ومشكلة إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر في رواية “أسلاك شائكة”، وهلم جرا.

س:- ما هي الروايات التي استلهمتها من التاريخ الإسلامي؟ وهل هناك صلة بين الماضي والحاضر.

ج:-  استلهمت التاريخ الحديث وخاصة فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب في رواية “ابن السماء” والتاريخ القديم جدا في رواية ” تراتيل أمازيغية” والتاريخ الوسيط في كل من “الأطلسي التائه” و”زوجة الملوك الثلاثة”. كما أن رواية “أحلام المسيسبي على ضفاف سبو” تناولت فيها التاريخ البشري بأكمله، وخاصة فيما يتعلق بتاريخ الحروب، بما في ذلك التاريخ الحقيقي والتاريخ الأسطوري.

س:- روايتكم التي ُنشرت حديثا بعنوان “زوجة الملوك الثلاثة”تبدو مستلهمة من تاريخ يوسف بن تاشفين، فما الذي دفعك إلى اختيار تاريخه للرواية.

ج:-  هذه الرواية استلهمت في شخصية امرأة وهي زينب النفزاوية التي كانت زوجة ليوسف بن تاشفين الذي كان أقوى حكام دولة المرابطين، وقد بسطت الدولة في عهده حكمها على الاندلس شمالا وتونس شرقا وغانا جنوبا، أي اصبح امبراطورية بما للكلمة من معنى وقد كان لزينب النفزاوية دور كبير في ذلك، حاولت من خلال هذه الرواية إبرازه للقراء.

 

س:- كيف ترى الحركة الثقافية في الوطن العربي؟

ج:- الوطن العربي ليس كتلة واحدة، هو متنوع ومتعدد في نظم حكمه وفي شعوبه، فهناك دول غنية كدول الخليج وهناك دول فقيرة كدول إفريقية العربية وهناك دول متوسطة الدخل كدول شمال أفريقية وبلاد الشام، وبالتالي فالإنفاق على الثقافة يختلف من بلد إلى بلد، كما ان هناك دول لها باع طويل في المجال الثقافي يؤهلها تراكمها التاريخي والإبداعي كمصر مثلا وهناك دول أخرى ما زالت تتلمس طريقها نحو أولى النصوص الروائية، لذا من الصعب الحكم على  الوطن العربي في عمومه، لكن ومع ذلك يمكن القول إن المبدعين العرب في شتى الدول العربية يتميزون بإبداعية كبيرة لا يواكبها مجهود رسمي حكومي يحتضنها، لذا تضيع كثير من الجهود هباء منثورا. أما إذا نظرنا للجانب الإيجابي فهناك تواصل إبداعي ما بين المبدعين العرب بسبب وحدة اللغة، وهم يحققون تراكما مهما على مستوى الإنتاج الادبي شعرا وقصة ورواية ونقدا، وقد ساهمت بعض الجوائز الادبية الحديثة في تحفيز بعض المبدعين على الكتابة، لكن للأسف ما زال الكاتب العربي لا يستطيع التفرغ والعيش من ريع كتبه، مهما بلغ من شأن.

س:-ماهو الجديد الذي ينتظره القارئ العربي منكم في الفترة القادمة؟

ج:-  كتبت مؤخرا رواية جديدة عنونتها بـ” جنة الفلاسفة” وقدمتها لدار نشر مغربية وينتظر أن ترى النور قريبا وفي أقصى حد خلال السنة المقبلة خلال تنظيم معرض الكتاب، وهي رواية تحول ان تشاغب الفكر الفلسفي، وتجعل منه موضوعا مسليا للقارئ بعيدا عن صرامة المناهج والأفكار الفلسفية.

س:- ماهي الرسالة التي توجهها إلى الأدباء الشباب في الوطن العربي؟

ج:-

رغم أنني لا اميل إلى النصائح في مجال الكتابة لأن كل كاتب يبني ذاته من خلال تجاربه وأخطائه والسعي إلى تجاوزها، ومع ذلك اتمنى أن يعتمد الكتاب الشباب على أنفسهم، ويقرؤوا بغزارة ولا يلتفتوا إلى الدعم من اي كان، فيكفيهم اقتناعهم بما يقومون به، ويناضلوا من أجل تحقيق أهدافهم، فالأدب عموما مكافاته توجد فيه، فيكفي ذلك الشعور الجميل بتحقيق الإنجازات، السعادة التي تخلقهم في نفس المبدع.

س:- رسالتكم الأخيرة لمحبي اللغة العربية في الهند وخارجها.

ج:- اللغة العربية جميلة مثلها مثل جميع اللغات، فلكل لغة جماليتها الخاصة، لكن العربية لها بعض الميزات الكثيرة منها الرصيد المعجمي الغني والإرث الثقافي الكبير الذي يرفدها، وقد ساهمت فيه شعوب عدة منها الهند، ويكفي قراءة كتاب ” الف ليلة وليلة”، و”كليلة ودمنة” للتأكد من ذلك. فهي إرثنا المشترك جميعا، لذا تستحق منا الكثير من الاهتمام.

 

Leave a Reply

avatar
  Subscribe  
Notify of