الملخص:
الجدير بالذكر أن نيبال هي دولة صغيرة مجاورة للهند والتي تحدها الهند من ثلاث جوانب وتحدها الصين من جانب الشمال. رغم أن هذه الدولة الصغيرة تقع بين الهند والصين، كانت نيبال دولة منعزلة لم يتوجه إليها أحد من الأمراء والسلاطين لفتح هذا البلد وتسخيرها إلا القليل. ورغم ذلك كان هناك حكم إسلامي في الهند لعدة قرون، لم يتوجه إليها أحد من الملوك المسلمين لفتح هذا البلد وتسخيرها سوى اللملك غوري. إنه من المعلوم أن العلاقات الثقافية والتجارية بين هذين البلدين معروفة، فالتجار المسلمون كان لهم دور ريادي في بدء العلاقات وتوطيدها عبر القرون، فحملوا راية الإسلام ودخلوا في الدولة واستوطنوا فيها. فنشروا الإسلام وتعاليمه فيما بين الشعوب النيباليين، فالعلاقات التجارية والثقافية قد أفادت في استيطان المسلمين في نيبال.
الكلمات المفتاحية: نيبال، تاريخ، الإسلام، المسلمون
نبذة عن نيبال
نيبال هي دولة صغيرة وهي تعد من إحدى الدول الصغرى في شبه القارة الهندية، وتعتبر بلاد الجبال والهملايا. فنيبال دولة داخلية لا سواحل لها، تحدها الصين من الشمال وتحدها الهند من الغرب والجنوب والشرق. ويمتد طولها من الغرب إلى الشمال وعرضها بين الشمال والجنوب. تبلغ مساحتها 147181 كيلو متر مربع. وتنقسم الدولة إلى أربعة أقاليم، الإقليم الشرقي والإقليم الأوسط والإقليم الغربي والإقليم الغربي الأقصى ومدينة كاتماندو هي عاصمتها ولغتها الرسمية هي النيبالية. (1)
نيبال ومعناها لغة واصطلاحا
في نقش من عصر ليتشافي وجد في تيستونغ، تم التعامل مع السكان المحليين على أنهم “نيبال”. يرى الخبراء أن بعض أو جميع سكان نيبال في الفترة القديمة كانوا يطلق عليهم على الأرجح “النيبال”، مما يعني أن كلمة “نيبال” كانت تستخدم للإشارة إلى كل من الأرض وسكانها.
يعتبر هؤلاء النيبالون أسلاف “نيوار” في العصر الحديث. المصطلحان “Nepal” و “Newar” هما اختلافات في نفس المصطلح. المتغيرات الأخرى الموجودة في نصوص العصور الوسطى هي “Nepar” و “Newal”.
إن اشتقاق كلمة نيبال هو أيضًا موضوع عدد من النظريات الأخرى:
- تعني الكلمة السنسكريتية نيبالايا (Nepalaya) “عند سفح الجبال” أو “المسكن عند القدم” ؛ قد تكون نيبال مشتقة من هذا.
- الكلمة التبتية نيامبال (Niyampal) تعني “الأرض المقدسة”. نيبال قد تكون مستمدة منه.
- جاء بعض سكان شمال نيبال من التبت ، حيث كانوا يرعون الأغنام وينتجون الصوف. في التبتية، تعني كلمة ne “الصوف” وتعني كلمة pal “البيت”. وبالتالي، فإن نيبال هي “بيت الصوف”.(1)
- من النظريات الشائعة أن شعب الليبتشا استخدم الكلمتين ne (“مقدس”) و pal (“الكهف”) وبالتالي نيبال لوصف “الكهف المقدس”.
وفقًا للأساطير الهندوسية، تشتق نيبال اسمها من حكيم هندوسي قديم يُدعى ني (Ne)، ويشار إليه بشكل مختلف باسم ني موني (Ne Muni) أو نيمي (Nemi). (2)
- وفقًا لباشوباتي بورانا، كمكان محمي من قبل ني (Ne)، أصبح البلد الواقع في قلب جبال الهيمالايا معروفًا باسم نيبال. وفقا لنيبال مهاتمية، وتم تكليف نيمي بحماية البلاد من قبل باشوباتي.
- وفقًا للأسطورة البوذية، استنزف الإله مانجوسري المياه من Nagadaha (بحيرة أسطورية يُعتقد أنها ملأت وادي كاتماندو). أصبح الوادي صالحًا للسكن وكان يحكمه بوكتمان ، وهو راعي أبقار، أخذ نصيحة من حكيم يدعى “ني (Ne)”. تعني كلمة Pāla “الحامي” أو “الرعاية”، لذا فقد عكست نيبال اسم الحكيم الذي اعتنى بالمكان، وفقًا للعالم النيبالي ريشيكيش شاها.
تنقسم الدولة من الناحية الجغرافية إلى ثلاثة أقسام وهي:
منطقة الهملايا: يصل ارتفاعها ما بين 4877 متراً إلى 8848 متراً فوق مستوى سطح البحر والتي تغطي بالثلوج خلال السنة الكاملة.
المنطقة الجبلية: ويصل ارتفاعها ما بين 610 متراً إلى 8848 متراً عن سطح البحر.
ومنطقة السهول: تقع هذه المنطقة ما بين 26 و 32 عرض كيلو متر بارتفاع 305 متراً عن سطح البحر والقسم الشرقي من السهول أرض سطحي.
اللغات: توجد في دولة نيبال قرابة 40 لغة، فهناك اللغة المغولية التي تتحدث بها سكان نيبال يقطنون في المناطق الجبلية الوعرة المرتفعة من الهملايا وهي لغة التبت وهناك لغات أخرى مثل اللغة الهندية والأردوية يتحدث بها المسلمون والآخرين من السكان الهندي الأصليين. وحوالي نسبة 60 من سكان الدولة يعيشون في الأودية الجبلية وقرابة نسبة 40 من السكانينتشرون في منطقة السهول. (3)
الحالة السياسية: يعتقد أن شعوب كيراتا من أقدم الشعوب التي استوطنت نيبال، وقيل إنها حكمت على دولة نيبال لقرابة 2500 سنة وسنذكرها حسب العصور بالتالي:
العصور القديمة: ذكرت نيبال لأول مرة في التاريخ في النصوص الفيدية (ويدا) باعتبارها منطقة يتم فيها تصدير البطانيات وتلاه عدد كبير من النصوص القديمة التي تتحدث عن جمال الدولة وقوتها.
حوالي عام 500 قبل الميلاد، نشأت ممالك صغيرة واتحادات العشائر في المناطق الجنوبية من نيبال. وذكر أن الأمير سيدرتا غوتاما (563-483 قبل الميلاد) المعروف ببوذا ليكون حاكماً على شاكيا، ولكنه تخلى عن منصبه في وقت لاحق، ليقود حياة التشقف ويعتقد أن جيتيداستي ملك كيراتا السابع كان عل عرش الحكم في وادي نيبال في ذلك الوقت. (4)
العصور الوسطى: في أوائل القرن 12 بعد الميلاد، ظهر قادة في أقصى غرب نيبال انتهت أسماءهم بـ”مالا” بمعنى المصارع. وقد امتدت سلطة هؤلاء الملوك إلى قرابة 200 سنة، وقد انتهت تلك الفترة بانقسام المملكة إلى ما يقارب 24 دويلة، ولكن في أواخر القرن الرابع عشر، ظهرت سلالة أخرى من قبيلة الماللا تحت سيطرة الحاكم جاياسثتي في وادي كاتماندو مما أدى إلى استرجاع وحدة الحكم في أغلبية مناطق وسط نيبال غير أن في عام 1482م انقسمت المملكة إلى ثلاثة ممالك: كاتماندو، وباتان، وبهاكتابور.
مملكة نيبال: في منتصف القرن الثامن عشر، بعد قرون من التنافس بين الممالك الصغيرة الثلاث، اقترح بريثوي نارايان شاه وهو ملك غوركها أن تتوحد الممالك.وللحصول على توحد نيبال، سعى الملك لامتلاك الأسلحة والمساعدات من الهند وشراء حدود الممالك الهندية المحايدة. وقد بدأ في مهمته في عام 1765م وبعد معارك دامية وحصار دام ثلاث سنوات، نجح الملك في توحيد وادي كاتماندو.
الجمهورية: أعلنت نيبال بصفتها دولة جمهورية في 28 مايو 2008م بعد 240 عام من الملكية. فقد أعلنت الجمعية الوطنية المنتخبة (البرلمان) في ذلك الحين لغرض إلغاء الملكية رسمياً وإعداد دستور وطني جديد. ويذكر أن البرلمان يضم 575 نائياً، وقد أدوا اليمين القانوني أمام أكبر أعضاء المجلس سناً، وبالإضافة إلى هذه العدد الكبير من النواب، قامت الأحزاب الرئيسية في البلاد بتعيين 26 نائباً آخر لينضموا إلى المجلس.
في 23 ديسمبر 2007م تم الاتفاق على إنهاء الحكم الملكي في نيبال. ويأتي الاتفاق بعد سنين من القتال بين قوات الحكومة وقوات المتمردين الماوين الشيوعية.
الأحوال المناخية: يتصف مناخ نيبال بالبرودة خصوصاً فوق المرتفعات، فهناك العديد من الققم تغطيها الثلوج الدائمة، وتنخفض الحرارة إلى ما دون درجة التجمد، أما الوديان المحمية بالسلاسل الجبلية فتتمتع بالدفء نوعًا ما، لذلك يتجمع بها معظم سكان البلاد، والصيف حار في الوديان بارد فوق القمم الجبلية، والأمطار تعود إلى النظام الموسمي الصيفي المسيطر على شبه القارة الهندية الباكستانية.
تاريخ دخول المسلمين في نيبال
إنه من الصعب تحديد فترة دخول الإسلام والمسلمين في نيبال، وهناك روايات عدة تنص على الوصول الإسلام والمسلمين في الدولة. يقول أحد المؤرخين النيباليين: ” انتشر الإسلام في نيبال في القرن السابع الميلادي وكان العرب تجاراً مشهورين، فلهم علاقة بينهم وبين شبه القارة الهندية مثل ما كانت لهم علاقة تجارية بالبلاد الأخرى في العالم. ولهم علاقة تجارية بين العرب ونيبال من خلال تصدير المسك النيبالي إلى البلاد العربية. (5)
ومن المعلوم أن العلاقة التجارية بين البلدان العربية والهند والتبت والصين كانت مباشرة، وكانت بدأت علاقة نيبال مع التبت والصين، ومن ثم توسعت علاقة نيبال مع البلدان الأجنبية. يقول الدكتور تري لوك جندر مجويوريا وهو البروفيسور لجامعة تريبهوان كاتماندو في كتابه “المذاهب في نيبال” أنه من الممكن أنه كانت علاقة بين نيبال والدول العربية بعلاقتهم بالصين والهند والتبت. ويقول في كتابه:
(إنه من اليقين أن البلدان العربية لم تكن تجهل دولة نيبال في القرن الثامن وكانت تعرف نيبال ولهم علاقة مع نيبال عن طريق التجارة) (6)
ويقول الدكتور: خلال فترة ليجهاوي في القرن السابع، كان المسك أهم الصادرات من نيبال.(7)
يقول المؤرخ النيبالي: “لو تتبعنا تاريخ انتشار الإسلام في العالم لرأينا أنه انتشر في الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، وكان العرب تجاراً معروفين، فتم الاتصال بينهم وبين شبه القارة الهندية مثلما كانت لهم علاقة تجارية بالبلدان الآخرى في العالم. وتمت العلاقة التجارية بين العرب ونيبال من خلال تصدير المسك النيبالي إلى البلاد العربية، وقد جاء ذكر نيبال في كتاب عربي “حدود العالم” الذي تم ـتأليفه في سنة 798م. وقد ذكر في الكتاب أن نيبال كانت تصدر إلى البلاد العربية. (8)
وكان هناك فراغ بعد ذلك في التاريخ عن علاقة نيبال بالدول العربية، حتى جاء في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي ذكر تأثير الإسلام والمسلمين في نيبال بعد قيام الحكم الإسلامي في شمال الهند. (9)
ويؤيد هذا السرد التاريخي قول الشيخ محمد بن ناصر العبودي حيث يقول: “لا يوجد في التاريخ ما يمكن أن يعرف منه بداية دخول المسلمين إلى هذه الديار ولكن الاستقراء والتتبع لبعض الأحداث التاريخية يشيران إلى أن الإسلام دخل المنطقة مع دخوله في شمال الهند في القرن الخامس الهجري عن طريق التجار العرب وغيرهم من المسلمين، ثم أخذ ينتشر في أرجاء البلاد ومدنها وقراءها بمرور الزمن حتى لم تعد ناحية من نواحيها إلا وقد وصل الإسلام إليها، ولا شك في أن المسلمين قد دخلوا إليها قبل ذلك على هيئة أفراد وتجار غير مستوطنين. (10)
وفي القرن الرابع عشر الميلادي عام 1324م، دخل غياث الدين في بعض المناطق للدولة عائداً إلى عاصمته دلهي من طريق “ترهت (Tirhut)” بعد القضاء على الثورة في البنغال، وكانت حكومة متهلا (Mithla) المستقلة قد نمت آنذاك في منطقة “سمرا” في نيبال. وكان يحكمها الملك هاري سينغ ديو (Hari Singh Dev) في ذلك الوقت، وقد توهم الملك أن إمبراطور دلهي يريد أن يستولي على عاصمته “سمراون كره” أيضا. فلذلك هاجم الملك قوات غياث الدين، نتيجةً دمر الإمبراطور عاصمة الملك ولجأ الملك مع عائلته وحواشيه إلى الجبال. (11)
و لم يكن هناك إنجازات هامة لصالح الإمبراطور، ولكن بعد هذه المهاجمة، بقي كثير من أفواجه هناك، وفي سنة 1349م، دخل السلطان شمس الدين إلياس –حاكم البنغال- غازياً في وادي كاتماندو، حيث توجه إلى المناطق الجبلية ثم غزا بعض الدويلات الصغيرة فيها، ولكن رجع إلى وطنه بسبب الشتاء القارس في جبال هملايا. ثم زادت صلة المسلمين في عهد الإمبراطور المغولي أكبر، الذي أرسل البعثات إلى البلاد ويعتبر هذا الزمن ببداية الدخول الحقيقي للإسلام والمسلمين في الدولة الصغيرة. (12)
وكان للتجار دور هام في نشر الإسلام في نيبال في عام 1524م، ويقال أن أول من استوطن من المسلمين في نيبال هم تجار كشميريون الذين جعلوا مدينة كاتماندو مركزا لتجارتهم وكان يتاجرون بالبرد والصوف والسجاد والشالات من الهند والتبت، وقد بنى هؤلاء مسجداً كبيراً في العاصمة ويعرف بإسم المسجد الكشميري في نيبال. وكذلك استوطن المسلمون من شمال الهند في الدولة واستقروا وبنوا مسجداً آخر بإسم المسجد النيبالي. وهكذا وصل الإسلام والمسلمون إلى أعلى مناطق العالم ارتفاعاً (13)
ويقول المؤرخ الآخر بأن العهد الذي استقر فيه من المسلمين هو عهد الملك رتنا مللا (1482 – 1520م) حيث سمح للمسلمين أن يقيموا في نيبال للأغراض التجارية. (14)
تقول الباحثة شميمة صديقة: ” بدأ استوطن التجار المسلمون في الوادي، حيث بدؤوا التجارة مع نيبال، ودخل بعض المتصوفين والمعلمين أيضا في نيبال واستقروا، إذ أذن لهم الملوك من سلالة رتنا مللا باستيطانهم. واتبع الملك نارايان شاه بعد توحيد نيبال السياسة نفسها نحو المسلمين واستقر بعض المسلمين كالصانعين. وقد بعث بعض منهم إلى الصين والتبت مع الوفد النيبالي الدبلوماسي مترجمين لهم وكانت حضارة المسلمين مؤثرة في نيبال أيضا في عهد “رانا” وتشير القصور والمنشآت الباقية إلى يومنا هذا إلى تأثير حضارة المسلمين وثقافتهم وكما يظهر ذلك أيضا من أزيائهم وحليهم، وقد دعي المسلمون فيما بعد خلال حملات نارايان شاه العسكرية لصناعة الأسلحة والتي ساعدت الملك نارايان شاه للحصول على أهدافه السياسية. (15)
ويجدر بالذكر هنا أن المسلمين جاؤوا لاجئين إلى نيبال بعد الثورة التاريخية في الهند 1858م وذلك لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني. وإنه من المذكور أن العالم “مولانا سرفراز على شاه” –مفتى الإمبراطور المغول بهادر شاه ظفر – إلى كاتماندو، وقام بتجديد المسجد الجامع النيبالي ومكث في العاصمة إلى أن جاءته المنية ودفن في الجانب الشمالي من ساحة المسجد المذكور. والشخصية الأخرى التي يجدر لها بالذكر هي السيدة بيغم حضرت محل –الزوجة الثانية للنواب (دولة أوده) واجد على شاه، ولجأت الملكة حضرت محل إلى كاتماندو مع إبنها وكثير من المسلمين، وكانت الملكة قادت الجنود للاستقلال ولكنها انهزمت في الحرب ولجأت إلى العاصمة ومكثت إلى أن ماتت وقد دفنت في ساحة المسجد النيبالي. (16)
تعداد السكان المسلمين
توجد في دولة نيبال ديانات مختلفة ومذاهب شتى، مثل الهندوسية والبوذية والكيرانت موندهوم والإسلام وغيرها. وتعتبر الهندوسية بديانة الأغلبية من السكان وتتضارب نسبة المواطنين فيما بينها حسب الإحصائيات العديدة. وقد ظهرت تقديرات متفاوتة من جهات مختلفة.
والسيد ماير كابوريو مصدر ثقة حول الموضوع يقول: “إن بعض المصادر مثل صحيفة ويكلي ديلهي (weekly Delhi) ذكرت أن نسبة المسلمين تتراوح بين نسبة 8 و نسبة 10”.
ويضيف المرجع نفسه قائلاً أن صحيفة “دي رايزنج نيبال (The rising Nepal)” الإنجليزية، وصحيفة “غوركها بتر”النيبالية ذكرتا أن عدد المسلمين يبلغ نسبة 4.5 ونجد مكتب الإحصاء يقدر نسبة المسلمين هذه خلال إحصاء عام 2011.
انقسام المسلمين النيباليين
وينقسم المسلمون حسب المذهب الفقهي في نيبال إلى قسمين: أهل السنة والشيعة. وأهل السنة يشكلون الأغلبية. وينتمي عالبهم إلى المدرسة الحنفية في الفقه الإسلامي” أما الباقون فهم أهل الحديث ، والأحناف ينقسمون إلى طائفتين وهما الديوبندية والبريلوية. وأما الشيعة فنسبتهم ضئيلة جداً، ويسكنون في مقاطعة “سونساري” في المنطقة الشرقية. (17)
وبعد قراءة الكتب والتاريخ، يمكن الوصول إلى النتيجة أن المسلمين ينقسمون إلى قسمين حسب المناطق الجغرافية:
- القاطنون في الجبل وعددهم قليل جداً سواء في المدن والقرى، حيث كانت المدن تحت سيطرة الحكومة الهندوسية رسمياً منذ 240 عاماً. وكانت القرى صعب الوصول إليها، فلم يصل المسلمون إلى المناطق الجبلية كثيراً، ولذلك يقل تواجد المسلمين فيها
- يكثر تواجد المسلمون في القسم السهولي من نيبال والمديريات التي يكثر فيها المسلمون هي “روتهت” التي تقع على حدود جمبارن الشرقية بولاية بيهار و”سنساري” وكفل وستو” و”روبنديهي” والتي تقع على حدود الهند لولايتها أترابراديش. ونجد في هذه المديريات كثرة المدارس والكليات الإسلامية ونجد الملامح الإسلامية واضحة فيها. ولهذه المديريات جهود كبيرة في نشر العلوم الإسلامية والعربية في المجتمع الإسلامي النيبالي.
ويمكن تقسيم مسلمي نيبال إلى خمس مجموعات اجتماعية، وهي:
الأولى: المسلمون من أصل كشميري
إنهم أقدم المسلمين الذين استوطنوا في نيبال، هاجر أسلافهم إلى الدولة قبل عدة قرون وهم تجار وسياسيون وموظوا الحكومة من حيث العموم. ويعتقد أنهم أرقى منزلة من المسلمين ويسكن هؤلاء في كاتماندو عاصمة الدولة.
الثانية: المسلمون من أصل هندي
تتكون هذه المجموعة من المسلمين الهنود الذين هاجر أجدادهم من الهند كرجال الحاشية الملكية أو كتجار. ويرون أن يتمتعوا بالهوية المستقلة ويوجد أغلبهم في العاصمة.
الثالثة: المسلمون من أصل تبتي
تعرف هذه المجموعة بالمسلمين التبتيين، قام أجدادهم بالهجرة من التبت تجاراً على دعوة من سفير “رتنا ماللا” – ملك نيبال آنذاك في لهاسا. (18) وكذلك هاجر كثير منهم مع البوذيين التبتيين بعد الاضطراب السياسي في التبت في الستينات. جاء مسلمو التبت إلى الدولة ومعم تقافتهم التبتية ومازالو يحافظون على ثقافتهم، وأكثر تجار لهم علاقة تجارية مع التبت والصين ويسكن الأغلبية من هؤلاء في العاصمة.
الرابعة: مسلمو ترائي
استوطنت هذه المجموعة من المسلمين في نيبال قبل عدة قرون، ويسكن الأكثرية من هذه المجموعة في المناطق التي تحدها الهند من الشرق والغرب. وانضم مسملو منطقة “نيبال غنج” مع نيبال مع أقليمهم إذ كانت هذه المنطقة من ضمن تلك المقاطعات الأربع التي أعطت الحكومة البريطانية الهندية لنيبال من مملكة “نواب أوده” (Nawab of Awadh) كجائزة للعون الذي قدمت لها نيبال خلال حركة التحرير ضد الإنجليز في عام 1857م، وتضم هذه المنطقة أغب سكان المسلمين في نيبال. ولا يعتبر مسلمو هذه المنطقة مهاجرين إذ انضموا إلى نيبال مع منطقتهم. وتشتمل هذه المنطقة على أربعة أربع مديريات وهي: كنجنفور (Kanchanpur) و كيلالي (Kailali) و بارديا (Bardiya) و بانكي (Banke)
وعمل هؤلاء المسلمين كأصحاب حرف لإنتاج البضائع وقدموا الخدمات العديدة للشعب والجيش، وتعتبر أكبر المدن الصناعية تشكل نسبة المسلمين فيها من 15 إلى 30 في المائة من جملة سكانها.
ويقول الباحث طاهر على أنصاري بأن يسكن حوالي 1،2 مليون مسلم في 20 مديرية في هذه المنطقة من جملة مديريات الدولة والتي يصل عددها إلى 75 مديرية.
واستوطن بعض مسلمي ترائي في العاصمة كاتماندو في الآونة الأخيرة لأجل الحصول على التعليم العالي ولأجل المعاش والتجارة ودخل بعضهم في السياسة. (19)
الخامسة: مسلموا الهضبة (The Hill Muslims)
يعتبر مسلموا الهضبة بمجموعة منفصلة مستقلة. ويسكن هؤلاء في المناطق الجبلية في غرب كاتماندو، أما في شرق العاصمة، فيكاد ينعدم وجود المسلمين في المناطق الجبلية. ويجدر بالذكر أن مديرية غوركها (Gorkha) كانت مقر حكام غوركها حتى عام 1760م. وكان مسلمو غوركها قد دعاهم الحكام من الهند لصناعة السلاح والأدوات الزراعية والحلي والأدوات الأخرى في القرن السادس عشر الميلادي.
وفقًا لباشوباتي بورانا، كمكان محمي من قبل ني (Ne)، أصبح البلد الواقع في قلب جبال الهيمالايا معروفًا باسم نيبال. وفقا لنيبال مهاتمية، وتم تكليف نيمي بحماية البلاد من قبل باشوباتي.
وفقًا للأسطورة البوذية، استنزف الإله مانجوسري المياه من Nagadaha (بحيرة أسطورية يُعتقد أنها ملأت وادي كاتماندو). أصبح الوادي صالحًا للسكن وكان يحكمه بوكتمان ، وهو راعي أبقار، أخذ نصيحة من حكيم يدعى “ني (Ne)”. تعني كلمة Pāla “الحامي” أو “الرعاية”، لذا فقد عكست نيبال اسم الحكيم الذي اعتنى بالمكان، وفقًا للعالم النيبالي ريشيكيش شاها.
الاتجاهات السكانية لمسلمي نيبال
يعيش مسلمو نيبال بشكل ضئيل في أكثر من 60٪ من مساحة الأرض. وفقًا لتقدير آخر، فإنهم يشكلون حوالي 8 ٪ من إجمالي السكان. (14) أظهر تعداد عام 1981 أن بعض المناطق ليس بها مسلمون. هذا غير دقيق لأنه تم الإبلاغ عن أن هذه المناطق بها بعض السكان المسلمين.
كان متوسط معدل النمو السنوي للسكان المسلمين أكبر (2.27٪) من المعدل القومي (1.16٪) في تعداد عام 1961. لوحظ انخفاض في معدل نمو المسلمين (1.32٪) من عام 1961 إلى تعداد عام 1971. وفقًا لأحد الآراء ، قد يكون هذا بسبب نقص الإبلاغ الناجم عن خوف الناس من احتمال إجراء التعداد السكاني للتجنيد المحتمل في الجيش وفرض المزيد من الضرائب. لذلك ، يشير السجل الرسمي إلى معدل نمو سنوي قدره 2.10٪ للسكان النيباليين ، وهو معدل أعلى من معدل نمو السكان المسلمين البالغ 1.32٪ في تعداد عام 1971.
أفاد تعداد عام 1971 أن 19373 مسلمًا فقط يعيشون في منطقة سوناساري، في حين أن عدد المسلمين وفقًا للتقرير يزيد عن 50 ألف مسلم في تلك المنطقة وحدها. الرقم هو أكثر من ضعف تقرير التعداد. في منطقة جابا، يقدم التقرير أعلاه في نفس الصفحة رقمًا تقديريًا لعدد المسلمين بحوالي 10000، وهو أعلى بمقدار مرة وربع من نتيجة التعداد (7765). في منطقة مورانج، يعيش ما بين 15000 و 20000 مسلم، لكن إحصاء عام 1971 يشير إلى أن العدد هو 12114 فقط، وهو ما يقرب من مرة ونصف أقل من الرقم الوارد في تقرير CNAS.
وفقًا لتعداد عام 1981، يعيش المسلمون في جميع مناطق نيبال (سواء بأعداد صغيرة أو كبيرة) باستثناء موستانج. في حي مانانج بمنطقة غانداكي، تم العثور على مسلم واحد فقط. إنها أدنى درجة بين جميع المقاطعات. في منطقة روتاهات بمنطقة نارياني، تعد القوة العددية للمسلمين هي الأعلى بين جميع مقاطعات نيبال، وفقًا لتعداد عام 1981. ومع ذلك، وفقًا لتعداد عام 1971، كانت منطقة كابيلفاستو في منطقة لومبيني تضم أكبر عدد من المسلمين.
وفقًا لأحد التقييمات، يتوزع السكان المسلمون بشكل غير متساوٍ في مناطق مختلفة من البلاد.(20) ويعيش ما يقرب من نصف السكان المسلمين في وسط نيبال. في المناطق الجبلية في نيبال، 2.93 ٪ فقط من السكان مسلمون، في حين أن حوالي 97 ٪ من إجمالي السكان المسلمين في نيبال بأكملها يعيشون في منطقة تيراي. من إجمالي المسلمين الذين يعيشون في التلال ومنطقة تيراي، يعيش معظمهم (49٪) في المنطقة الوسطى، تليها المناطق الشرقية (22٪) والغربية (21٪). ويعيش باقي المسلمين، حوالي 8٪، في أقصى الغرب والغرب الأوسط. وتجدر الإشارة إلى أنه تم اعتبار 55 منطقة على أنها تلال وجبال و 20 منطقة متبقية في منطقة تيراي (السهول).
الهندوس والمسلمون في نيبال لديهم زيادة طفيفة في الذكور على الإناث. لكن عدد الإناث البوذيات يفوق عدد الذكور. يتجاوز الذكور الهندوس بنسبة 1 ٪ فقط، في حين يتجاوز الذكور المسلمين بنسبة أعلى قليلاً. حسب إحصاء عام 1971، سجلت على المستوى الوطني نسبة 101.4 ذكر لكل 100 أنثى. وهذه النسبة أعلى عند المسلمين، أي 107.1 ذكر لكل 100 أنثى. تم العثور على نقص في الذكور المسلمين في فئة واحدة دون الخامسة من العمر، وتتراوح أعمارهم بين 55-64 و 65 وما فوق. لقد وجد أن عدد الإناث المسلمات عند الولادة أكثر من عدد الذكور. كما أن متوسط العمر المتوقع للإناث المسلمات أعلى من متوسط العمر المتوقع للذكور المسلمين .(21) على المستوى الوطني، يوجد نقص في الذكور في الأعمار ما بين 20 و 49 عامًا لأن هذه هي سنوات العمر عندما تحدث الهجرة إلى الخارج. تظهر هيمنة الذكور المسلمين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 54 عامًا أن هجرة المسلمين لا تحدث كثيرًا أو أقل من هجرة المجتمعات الأخرى. (22)
تركيز السكان المسلمين
شجع حكام سلالة الشاه (خلال الفترة من 1768 إلى 1845 م) الشعب الهندي على الاستقرار في تيراي. كان مؤسس نيبال الحالية ، الملك بريثفي نارايان شاه (1742-1774 م)، يؤيد أيضًا دعوة المستوطنين إلى نيبال تيراي.(23) مثل الهندوس، انجذب مسلمو المقاطعات الحدودية الهندية المجاورة مثل أترابراديش و بيهار أيضًا إلى منطقة تيراي. نظرًا لأن المسلمين حرفيون جيدون ولديهم مهارات وخبرات، فقد وجدوا أيضًا مكانًا لأنفسهم في تيراي. لا يزالون يحتفظون بعاداتهم مثل غيرهم من المسلمين في الهند. على الرغم من أن عدد السكان المسلمين في نيبال صغير جدًا، من حيث القيمة المطلقة والنسبة المئوية، إلا أنهم يمثلون ثاني أكبر مجموعة أقلية في البلاد بعد البوذيين. وبالتالي، من الناحية العددية، فإنهم يشكلون ثالث أكبر مجتمع ديني في نيبال. ظلت نسبتهم في مجموع السكان ثابتة إلى حد ما عند حوالي 3 ٪ في جميع سنوات التعداد. يعيش ما يقرب من 87٪ من المسلمين في خمس مناطق، وهي: نارياني (26-28٪)، جاناكبور (20-23٪)، لومبيني (16-19٪)، ساغارماثا (10-11٪) وكوزي (9-12٪) ٪)، بحسب المكتب المركزي للإحصاء.
في نيبال، تكون مجموعات الأقليات الدينية أكثر تحضرًا بينما المجموعة الدينية المهيمنة، أي الهندوس، أقل تمدناً، وفقًا لتعدادي 1971 و 1981. ترتيب المجموعات الدينية من حيث نسبة الذين يعيشون في المناطق الحضرية في عام 1971، تم وضع Jains24 في المرتبة الأولى (21.5 ٪)، يليه البوذيون (7.4 ٪) والمسلمون (5.0 ٪) والهندوس (3.7 ٪). ظل ترتيب الترتيب هذا دون تغيير تقريبًا في عام 1981 باستثناء أن المرتبة الثانية، التي احتلها البوذيون في عام 1971، احتلها المسلمون.
خاتمة:
خلاصة القول أن المسلمين دخلوا إلى الدولة تجاراً في البداية، وكذلك استوطن بعض المسلمين فيها لمساعدة الملوك النيباليين في إعداد الآلات الحربية، وبالإضافة إلى ذلك، هاجم بعض الملوك المسلمين على دولة نيبال لأغراضهم السياسية، فمن هذه الأسباب المذكورة، دخل المسلمين في الدولة واستوطنوا فيها.
هوامش المقال:
- جغرافية نيبال وتاريخها (نيبال كي تاريخ وجغرافية باللغة الأردوية صـ10 -11
- بهاتاراي ، كريشنا ب. نيبال. نيويورك: تشيلسي هاوس، طبع في 2008 صـ 12
- واقع الدعوة الإسلامية في نيبال في العصر الحاضر، لشميم أحمد، رسالة الماجستير، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صـ31
- نيبال ويكبيديا، الموسوعة الحرة، جمهورية نيبال الديمقراطية
- جغرافية نيبال وتاريخها باللغة الأردية لحفظ الرحمن صـ57
- المذاهب في نيبال للدكتور تريلوك تشاندرا صـ12 طبع 2013 (Religions in Nepal by Dr. Trilok Chandra)
- المرجع السابق
- ج. سي. ريجمي: ثقافة لشوي (كتاب باللغة النيبالية)، صـ 150، مطبعة رتنا بوستاك بهاندار، كاتماندو
- واقع الدعوة لشميم أحمد صـ 57، وتقرير المنظمة الإسلامية للشباب 1993 كاتماندو نيبال
- في نيبال بلاد الجبال لمحمد بن ناصر العبودي، صـ 106، طـ1، 1989م، مطابع الفرزدق التجارية – الرياض
- التحقيق والإصلاح في التاريخ لمجلس التحقيق والإصلاح باللغة النيبالية، صـ311، 324، ط 2019 بكرم سمبت، كاتماندو (Itihas Sansodhan ko Praman Pramy, Part 1, Sansodhan Mandal, Kathmandu 2019 (B.S)
- جغرافية نيبال وتاريخها لحفظ الرحمن باللغة الأردوية صـ 60
- جغرافية نيبال وتاريخها لحفظ الرحمن باللغة الأردوية صـ 57
- R ARYAL AN T.P DHUNGUAL:A NEW HISTORY OF NEPAL
- مسلمو نيبال لشميمة صديقة صـ108، وشميمة صديقة هي من بنغلاديش التي كتبت البحث باللغة الإنجليزية عن دولة نيبال ومسلموها
- جغرافية نيبال وتاريخها لحفظ الرحمن باللغة الأردوية صـ 60
- واقع الدعوة لشميم أحمد صـ 47، و(Journal Institute of Muslim minority affairs, vol.3, 1981 page 148
- شعب نيبال للدكتور د.ب. بيستا، صـ150 (People of Nepal, D.B. Bista, 3rd sedition, 1976, page 150
- الأقلية المسلمة في نيبال: نظرة تاريخية اجتماعية لطاهر على أنصاري، مقالة في مجلة معهد السؤون الأقليات يناير عام 1988، لندن) The Muslim Minority in Nepal: a Sociohistorical Perspective by Tahir Ali Ansari, an article in the journal of institute of minority affairs January, 1988, London
- صديقة، المسلمون، ص. 139
- صديقة، المسلمون، ص. 141
- المرجع السابق
- صديقة، المسلمون، ص. 143
*الباحث في الدكتوراه، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جواهر لال نهرو، الهند
Leave a Reply