الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد!
فإن للكلمة في القرآن الكريم قيمة عظيمة، وأهمية كبرى؛ وذلك أن الكلمة هي الأصل الذي يتوقف عليه فهم الآيات القرآنية، واختيار المفردات في القرآن الكريم من أسرار إعجازه، ومن عجائبه التي لا تنفد؛ لذلك لا تجد في القرآن الكريم كلمة إلا ولها وجهها الدلالي والبياني والأسلوبي، ولها أثر بالغ في توجيه المعاني التفسيرية لآيات القرآن الكريم وفهم معانيها.
وقد يستوفي هذا البحث نظرية وجود الترادف في القرآن الكريم، ودراسة ثلاث مجموعات من الكلمات القرآنية، ويتناول الفروق الدقيقة بينها، واستخدامها في سياقاتها الخاصة، مبينًا الأصل اللغوي لكل منها، والمراد بالكلمات المتقاربة المعنى هو اشتراك الكلمات المتعددة في معنى واحد، أو ما يسمى في اصطلاح بعض اللغويين والمفسرين بـ “الكلمات المترادفة، وفيما يلي بيان بتعريف الترادف ونظرية وجوده في القرآن الكريم، ودراسة الكلمات المتقاربة المعنى في القرآن الكريم من الناحية اللغوية والبلاغية في مبحثين:
المبحث الأول: تعريف الترادف ونظرية وجوده في القرآن الكريم:
أولًا: تعريف الترادف في اللغة وفي اصطلاح اللغويين والمفسرين:
الترادف في اللغة: التتابع، تقول ترادف الشيء: أي تبع بعضه بعضًا،[1] قال تعالى: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾، [النازعات: 7] وقال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾، [الأنفال: 9] معناه يأتون فرقة بعد فرقة، أو مردفين أي متتابعين.
أما الترادف في الاصطلاح: فليس هناك اتفاق تام بين العلماء والدارسين قديمًا وحديثًا على تعريف اصطلاحي واحد لمفهوم الترادف عندهم؛ وذلك لاختلافهم العريض في هذه الظاهرة.
عرفه الجرجاني وغيره بأنه عبارة عن الاتحاد في المفهوم. وقيل: هو توالي الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد.[2]
وعرفه الدكتور الشايع -كما ذكره الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي ورجحه- بأنه هو: توالي وتتابع الألفاظ المفردة على معنى واحد، وذلك بأن يدل لفظان أو أكثر على معنى واحد دلالة حقيقية أصيلة.[3]
ثانيًا: نظرية وجود الترادف في القرآن الكريم:
عند الرجوع إلى المعاجم سواء كانت عامة أو خاصة تحدثت عن المفردات القرآنية، يوجد مذهبان في إثبات الترادف ونفيه.
المذهب الأول: هو إثبات وجود الترادف في القرآن الكريم بمعنى أنه يمكن استعمال الكلمتين المختلفتين في نفس المعنى، ومن القائلين بوجود الترادف في القرآن الكريم ابن الأثير، وابن العربي، وابن جني، ومحمد نور الدين وغيرهم.[4] واستدل هؤلاء على وجود الترادف في القرآن الكريم بعدة أدلة، منها ما يلي:
1– أن الترادف موجود في القرآن الكريم كما وقع في اللغة العربية، كيف لا؟ وقد نزل القرآن الكريم بلغة قريش المثالية يجري على أساليبها وطرق تعبيرها، وقد أتاح لهذه اللغة طول احتكاكها باللهجات العربية الأخرى اقتباس مفردات تملك أحيانًا نظائرها ولا تملك منها شيئًا أحيانًا أخرى، حتى إذا أصبحت جزءًا من محصولها اللغوي فلا غضاضة أن يستعمل القرآن الألفاظ الجديدة المقتبسة إلى جانب الألفاظ القرشية الخالصة القديمة.[5]
2 – لو كان لكل كلمة معنى غير معنى الأخرى لما أمكن أن نعبر ونفسر عن شيء بغير عبارته، وذلك يقال في تفسير “لا ريب”: “لا شك” فلو كان الريب غير الشك لكانت العبارة عن الريب بالشك خطأ، ولكننا نعبر ونفسر عن الريب بالشك.[6]
3 – أن الترادف واقع في كلام العرب وغيرهم، وأن منع وقوعه في القرآن الكريم بحجة عدم الحاجة إليه في النظم والسجع لا تقوم؛ لأن إحدى فوائد الترادف هي مناسبة أحد اللفظين المترادفين للفاصلة دون اللفظ الآخر. والفاصلة معتبرة في كلام الشارع، بل قد تكون من مقتضيات البلاغة.[7]
المذهب الثاني: هو نفي وجود الترادف في القرآن الكريم بمعنى أنه لا يمكن أن يكون القرآن الكريم يستعمل الكلمتين بدلالة معينة مهما كانت متقاربة ومتشابهة في المعنى، ومن القائلين بنفي الترادف في القرآن الكريم الراغب الأصفهاني، وأبو هلال العسكري، وابن فارس، وابن تيمية وغيرهم.[8] واستدل هؤلاء على عدم وجود الترادف في القرآن الكريم بعدة أدلة، وأن في القرآن الكريم دعوة إلى عدم استخدام لفظة مكان لفظة، مراعاة للمواقف بكل أطرافها، وهناك آيتان وردت فيهما الدعوة المنوّهة بالفروق وإن كانت غير مباشرة، ومن هذه الأدلة التي تشير إلى عدم وقوع الترادف في القرآن الكريم ما يلي:
1 – قوله تعالى: ﴿قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]، فهذه الآية خير دليل على اهتمام القرآن الكريم باستعمال الألفاظ في أماكنها الخاصة بها والتقيد بالدقة المتناهية في ذلك، وبما نبه عليه من التفريق بين لفظتي الإيمان والإسلام في دعوى الأعراب في ذلك، ويقول حفني محمد شرف حول هذه الآية: “كل لفظة من ألفاظ القرآن وضعت لتؤدي نصيبها من المعنى أقوى أداء، ولذلك لا نجد فيه ترادفًا، بل كل كلمة تحمل إليك معنى جديدًا”.[9]
2 – والآية الثانية التي يستدل بها على دعوة القرآن إلى عدم الترادف، وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا، وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ [البقرة: 104]، فبين الفرق بين كلمتي “راعنا وانظرنا” حيث نهى عن قول الأولى، بينما أرشد إلى الأخرى، مهما كان السبب سواء كان ما يفهمه اليهود من هذه الكلمة، ويعنونه، أو كان غير ذلك فلم يرض القرآن الكريم للمؤمنين.
3 – عطف أحد المترادفين على الآخر بحرف الواو، وهذا يدل على وجود فرق بينهما؛ لأن التعاطف دليل التغاير، فالعطف بحرف الواو يدل على المغايرة، ومن أمثلته في القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: 86].
القول الراجح:
بعد دراسة أدلة الفريقين ترجح لي أن القول بوجود الترادف لا بد أن يخصص باللغة في حد فقط، ولا يتجاوز به إلى ساحة القرآن الواسعة، فالترادف لا يجد له مكانًا في القرآن الكريم؛ لأن اختيار الألفاظ القرآنية دقيق، ووضعت هذه الألفاظ في مواضعها الخاصة، وأن كل كلمة منتقاة بدقة متناهية، وما فقدناه من عدم إدراك ذلك إنما بسبب التساهل في استعمال الألفاظ حتى أصبحت عند الأكثر ألفاظًا تحمل معنىً واحدًا.
أما دليل القائلين بالترادف: أن الترادف موجود في القرآن الكريم كما وقع في اللغة العربية، كيف لا؟ وقد نزل القرآن الكريم بلغة قريش المثالية يجري على أساليبها وطرق تعبيرها، فيجاب عنه: نعم إن القرآن عربي، وقد نزل بلغة قريش بيدَ أنه يختلف تمامًا عن الكلام العربي في جوانب كثيرة، ومن أبرز تلكم الجوانب أنه كتاب أحكمت آياته من لدن حكيم عليم خبير، وليس من كلام البشر، قال تعالى ﴿الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: 1]، وهذا يقتضي أن لا يختار فيه لفظ إلا لأجل وجود معنى فيه غير موجود في غيره، وهذا لا يعني أن نكون عالمين بكل مدلولات ألفاظه.
وأما قولهم: أن المعنيين لو اختلفا لما جاز أن يعبر عن بالشيء فيقول العلامة السيوطي رحمه الله: فإنا نقول: إنما عبر عنه من طريق المشاكلة ولسنا نقول: إن اللفظتين مختلفتان فيلزمنا ما قالوه، وإنما نقول: إن في كل واحدة منها معنى ليس في الأخرى”.[10]
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “قلّ أن يُعَبَر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه؛ بل يكون فيه تقريب لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن”.[11] فالكلمات القرآنية التي تفسر بكلمات أخرى إنما هو من باب التقريب والمشاكلة لا التحديد.
وأما قولهم: إن للترادف فوائد منها: مناسبة أحد اللفظين المترادفين للفاصلة دون اللفظ الآخر، فيجاب عن ذلك بأن الحكم بوجود الترادف في القرآن الكريم لمجرد الفاصلة، حكم متساهل وغير صحيح، فلم تكن مراعاة الفاصلة قائمة حين يتطلب المقام لفظة لا تتفق والفاصلة، ولم تكن الصناعة اللفظية واردة في الأسلوب القرآني، وتناسب الفواصل لم يكن أبدًا على حساب المعنى في القرآن الكريم.[12] يقول ابن عطية: “وكتاب الله لو نزعت منه لفظة، ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يُوجد”.[13] وبناء على ما تقدم يتضح أن لا ترادف بين كلمات القرآن الكريم، فتفسير الكلمات القرآنية بكلمات أخرى ليس إلا من باب التقريب لا التحديد الدقيق، بل إن حركات الكلمات لها إيحاءاتها ومدلولاتها الخاصة بها مما لا تؤديه ذات الكلمة حين تتغير حركاتها وسكناتها.
المبحث الثاني: دراسة الكلمات المتقاربة المعنى في القرآن الكريم
تكلمت في هذا المبحث عن ثلاث مجموعات من المفردات القرآنية -كما مضت الإشارة إلى ذلك- وتناولتها من الناحية اللغوية والبلاغية، وبينت الفروق الدقيقة بين هذه الكلمات واستخدامها في سياقاتها من القرآن الكريم، وهي كما يلي:
المجموعة الأولى: الأب والوالد
الأب في اللغة: أصله أَبَو بفتحتين، لامه محذوفة وهي واو، ترجع عندما يثنّى فيقال أبوان والجمع آباء مثل سبب وأسباب، ومنهم من يجمع الأب: أَبون قال الرّاجز:
أقبل يَهوِي من دُوَيْن الطِّربالْ … وهو يُفَدَّى بالأبين والخال[14]
وكذلك إذا صغّر رُدّت اللام المحذوفة فيصير أُبَيْو فتجتمع الواو والياء فتقلب الواو ياء وتدغم في الياء فيبقى أُبَيّ وبه سمي.[15] ومادة “أ ب و” تدور على معنى التربية والغذو.[16] يقول الراغب الأصفهاني وغيره: “الأب: الوالد، ويسمّى كلّ من كان سببًا في إيجاد شيءٍ أو إصلاحه أو ظهوره أبًا”.[17] لأن الأب يقوم بتربية الأبناء ورعايتهم. والأب يطلق على الجد والعم، وآدم عليه السلام، وعلى سلسلة الأجداد، وكذلك على المعلم.[18] والأبوان: الأب والأم، كما قال تعالى: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ …﴾ [النساء: 11].
الوالد في اللغة: اسم فاعل من ولد. الوالد: الأب، والوالدة: الأم، وهما الوالدان، وأن الأم يقال لها الوالد، بغير هاء، على خلاف الأصل، ووالدة، بالهاء على الأصل، والوالد جمعه بالواو والنون أي والدون، والوالدة جمعها بالألف والتاء.[19] قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [ البقرة: 233]. فالوالد هو الأب المباشر الذي يكون سببًا لوجود الابن، يقول أبو هلال العسكري: أن الوالد لا يطلق إلا على من أولدك من غير واسطة.[20] الوالد خاص والأب عام، فكل والد أب دون العكس.
استعمال الأب والوالد في القرآن الكريم:
أما استعمالهما القرآني فقد راعى القرآن الكريم ما لكل منهما من ميزات وخصائص لغوية ودلالية، فالأب يطلق في القرآن الكريم على الأب المباشر، وغير المباشر وكل من يكون سببًا لإصلاحه وظهوره وتطوره، فمن إطلاقات على الأب المباشر قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ﴾ [يوسف: 4]، وعلى الجد البعيد قوله تعالى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [ الحج: 78]، وعلى سلسلة الأجداد كقوله تعالى: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [ البقرة: 170]، وعلى الأبوين هما الأب والأم، قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ [الكهف: 80]، وغير ذلك. فالاستعمال القرآني أيضًا لكلمة “الأب” مرتبط بجذرها اللغوي وشمولها لكل من له دخل في وجود الشيء أو في إصلاحه وظهوره.[21]
أما كلمة “الوالد” فقد وردت مرتين في آية واحدة وهي قوله تعالى: ﴿لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ [لقمان: 33]، وأنها لم ترد مجموعًا في القرآن الكريم، بينما وردت في أكثر المواضع مع صيغة المثنى، منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فبالرجوع إلى الاستعمال القرآني لهذا الكلمة بصيغها المختلفة واستقراء الآيات التي وردت فيها يتضح الفرق بين كلمتي “الأب والوالد” وهو أن كلمة “الأب” تدل -كما مضى- على الأب المباشر، وعلى من كان سببًا في وجود الشيء، أو في إصلاحه وظهوره. بينما كلمة “الوالد” لا تطلق إلا على من أولدك من غير واسطة[22]، ويدل على ذلك أن كلمة “الوالد” لم ترد جمعًا في القرآن الكريم، فالتعبير القرآني دقيق جدًا.
سر تعبير الوالدين والأبوين في القرآن الكريم:
ليتضح أن كلمة “الوالدين” صيغة المثنى، والمراد بها الوالد والوالدة، وكذلك كلمة “الأبوين” والمراد بها الأب والأم. ولكن ما هو سر تعبير هاتين الكلمتين في الاستعمال القرآني؟ فعند التدبر في الآيات التي وردتا فيها يتجلى سر تعبيرهما، وهو أن الله تعالى إذا أمر الإنسان في القرآن الكريم بالبر والدعاء والإحسان إليهما استعمل كلمة “الوالدين” وليس الأبوين. ومن هذه الآيات التي استعمل فيها كلمة “الوالدين” قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: 41]، وقوله تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وقوله تعالى: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [نوح: 28]، وغيرها من الآيات، فلم يُذكر في القرآن موقف بر أو دعاء أو إحسان إليهما، أو صنع المعروف معهما إلا بلفظ الوالدين[23]؛ لأن الوالد الحقيقي هي الأم التي تلد، وهذا مقام الإحسان والبر فهى بالإحسان أولى، وأحق بالصحبة، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال ثم أبوك.[24]
وأما قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ [الكهف: 80] فهذا ليس مقام ذكر البر والإحسان لذا قال أبواه. وكذلك قوله تعالى في آية المواريث: ﴿وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ﴾ [النساء: 11]. هنا تغليب جانب الذكورة على الأنثى لأن في جانب الإرث الأب الذكر أقوى من الأم لأنه عصبة الميت. والذكر في الغالب حظه من الإرث مثل حظ الأنثيين.[25] فالقرآن الكريم استعمل كلمة “الوالدين” في مقام الدعاء والبر والإحسان. بينما استعمل كلمة “الأبوين” في موقف آخر غير موقف البر والإحسان.
وقد يقال إن هذا الأمر تخلف في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ [يوسف: 99]، وقوله تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً﴾ [يوسف: 100]، فاختار الأبوين وهما الأب الأم. فيقال: إن هذا الأمر لم يتخلف، وإنما هو على الخط نفسه، وذلك لما يلي:
الأول: في هذا الاختيار أيضًا تكريم للأم لأنه قال: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ فالعادة أن يكرم الابن أبويه، ليس أن يكرم الأبوان الابن ولكن هنا هم خروا له سجدًا فالتكريم هنا حصل بالعكس من الأبوين للابن ولذلك جاء بلفظ الأبوين لا الوالدين إكرامًا للام فلم يقل: ورفع والديه. والثاني: أن العرش ينبغي أن يكون للرجال. فلما قال أبويه هنا ففيه تكريم للأم، ويلمح أن العرش ينبغي أن يكون للرجال، ويناسب ما ذكر عن الأب إذ القصة كلها مع الأب، فهو الأنسب من كل ناحية.[26] فهذا هو السر في استعمالهما القرآني.
المجموعة الثانية: البعل والزوج
البعل في اللغة: البعل هو الزوج يقال “بعل يبعل” من باب قتل بعولة إذا تزوج. قال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128]، وقال تعالى: ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ [هود: 72]، والمرأة بعل أيضًا، وقد يقال فيها بعلة بالهاء كما يقال زوجة تحقيقًا للتأنيث، والجمع بِعال وبُعول وبعولة[27]، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [البقرة: 228]، والعرب يقولون لزوج المرأة بعلها، وباعل الرجل امرأته مباعلة وبعالًا من باب قاتل لاعبها، أي: ملاعبة المرء أهله. وقيل: البعال: النكاح.[28] وأن كلمة “البعل” له معان عديدة، ومن هذه المعاني البعل هو الأرض المرتفعة التي لا يصيبها مطر إلا مرة واحدة في السنة.[29]
والبعل من النخل: ما شرب بعروقه من غير سقي ولا ماء سماء كأنه يقوم بمصالح نفسه. وقيل: هو ما اكتفى بماء السماء. والبعل: الذكر من النخل.[30] والبعل هو السيد والرب والمالك، يقولون: لربّ الشيء هو بعله، ويقال: هذا بعل هذه الدار، يعني ربها.[31] والبعل صنم، سمي بذلك لعبادتهم إياه كأنه ربهم، قوله جل وعلا: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: 125]، قيل: معناه: تدعون ربًّا، وقيل: هو صنم.[32] وقال الراغب: “قيل للأرض المستعلية على غيرها بعل، ولفحل النخل بعل تشبيهًا بالبعل من الرجال”[33]. والمقصود هنا هو المعنى الأول أي زوج المرأة.
الزوج في اللغة: كل ما دل على مقارنة شيء لشيء، ومن ذلك الرجل والمرأة كلاهما زوج لصاحبه، يقول ابن فارس: الزاء والواو والجيم أصل يدل على مقارنة شيء لشيء. من ذلك الزوج زوج المرأة. والمرأة زوج بعلها، وهو الفصيح، وهي اللغة العالية التي جاء بها القرآن نحو قوله تعالى: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35]، والجمع فيهما “أزواج”، قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء: 12]، ويقال للمرأة زوجة بالهاء أيضًا وجمعها زوجات، وهي غير فصيحة[34]، ولم يوجد استعمالها في القرآن الكريم، ولكن يوجد في كلام العرب. قال الفرزدق:
فإنّ امرأً يسعى يخببُ زوجتي كَساعٍ إلى أُسْدِ الثّرَى يَسْتَبيلُها[35]
والزوج: ضد الفرد، وكل واحد منهما يسمى زوجًا أيضًا، ويقال للاثنين هما زوجان وهما زوج. ومن معاني الزوج اللون. قوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج: 5]، فيقال أراد به اللون، كأنه قال: من كل لون بهيج. وغيرها من المعاني. وأما هنا فالمقصود بها زوج المرأة، ولكن هذه الكلمة أطلقت في القرآن الكريم بالنسبة إلى الزوج والزوجة ولكن أريد بها مرأة الرجل في أكثر المواضع، وأما كلمة “الزوج” بمعنى زوج المرأة لم ترد في القرآن الكريم إلا ثلاث مرات، وسيأتي بيان ذلك قريبًا.
استعمال كلمة “البعل والزوج” في القرآن الكريم:
أما استعمال هاتين الكلمتين في القرآن الكريم فقد وردت كلمة “البعل” بمعنى زوج المرأة عدة مرات كما سيأتي بيانه، يقول العلامة أبو هلال العسكري في الفرق بين كلمتي “البعل والزوج”: “أن الرجل لا يكون بعلًا للمرأة حتى يدخل بها وذلك أن البعال النكاح والملاعبة ومنه قوله عليه السلام: “أيام أكل وشرب وبعال[36]” قال الشاعر:
وكم من حصان ذات بعل تركتها إذا الليل أدجى لم تجد من تباعله[37]
وأصل هذه الكلمة القيام بالامر، ومنه يقال للنخل إذا شرب بعروقه ولم يحتج إلى سقي بعل كأنه يقوم بمصالح نفسه”.[38]
ولكن عندما أنظر في أية المجادلة وهي قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ أن القرآن الكريم استخدم كلمة “الزوج” مع أنه حصل الدخول هنا؛ لأن هذه الآية نزلت في خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنهما[39]، وهو كان منها صاحب الأولاد الكثيرة كما جاء في سنن ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: “تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت[40] له بطني …”.[41] فتبين بذلك أنه دخل بها، إذن ما الفرق بين هاتين الكلمتين؟ فبالرجوع إلى المعنى اللغوي لهاتين الكلمتين، والنظر في الآيات التي وردتا فيها يتضح الفرق بينهما، أما المعنى اللغوي لكلمة “البعل” فمضى أن من معانيها العلو والاستعلاء كما يقال للأرض المستعلية على غيرها بعل، وكذلك من معانيها السيادة فالبعل هو الزوج الذي يكون له علو وسيادة على زوجته كما أن الزوج قوام عليها يقوم بمصالح نفسه ومصالحها، وهذا هو المعنى لكلمة “البعل”، الذي لوحظ في الاستعمال القرآني، ننظر في الآيات التي وردت فيها كلمة “البعل”، قال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾. وقال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾، انظروا في جميع هذه الآيات التي ذكرت فيها كلمة البعل مفردًا وجمعًا أنها بمعنى الزوج الذي له سيادة على زوجته، وله حق عليها، وهو الذي يتولى جميع ما يصرف عليها لأنه يقوم بجميع مصالحها من الأكل والشرب، والسكنى والملابس وغيرها.
وأما كلمة “الزوج” في الاستعمال القرآني هو الرجل الذي سيكون زوج امرأة ولكن لم يتم الزواج بعد، وليس له الآن سيادة عليها، تعالوا ننظر في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، فأشار القرآن الكريم في هذه الآية إلى الزوج الأول الذي طلق زوجته، فهذه الزوجة لا تحل له حتى تنكح رجلًا آخر يكون زوجًا لها بعد الزواج، فهذا الزوج ليس له سيادة ولا حق عليها، ولا هو يقوم بمصالحها. وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: 232]، فهذا الزوج الذي أطلق عليه القرآن الكريم ليس له سيادة الآن ولا حق عليها قبل الزواج. أما قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾، فنزلت هذه الآية في الظهار، وكانت أول وقعة في الإسلام لم ينزل فيها شيء. وكان أهل الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته، ولم يُرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهرها فتبقى معلقة لا ذات زوج ولا سبيل لها إلى الزواج، وكان الظهار طلاقًا في الجاهلية فأبطل الإسلام هذا الحكم، وجعله محرمًا للزوجة حتى يكفّر زوجها كفارة الظهار. فهذا الزوج ليس له سيادة ولا علو عليها، ولا يقوم بما يصرف عليها. فهذا هو الفرق بين البعل والزوج في الاستعمال القرآني.
المجموعة الثالثة: نبّأ وأنبأ
الإنباء “أنبأ” في اللغة: هو من مادة “ن ب أ” وهو الإتيان من مكان إلى مكان. يقال للذي ينبأ من أرض إلى أرض نابئ. وسيل نابئ: أتى من بلد إلى بلد ورجل نابئ مثله[42]. قال:
ولكن قذاها كل أشعث نابئ أتتنا به الأقدار من حيث لا ندري[43]
والإنباء: الإخبار والإعلام، يقال: وأنبأته الخبر وبالخبر ونبّأته به أعلمته، ومنه النبي لأنه أنبأ عن الله تعالى أي أخبر.[44] ويقال: قد أنبأه إياه إذا تضمن معنى العلم، وأنبأ به إذا تضمن معنى الخبر، أي أخبره، كنبأه مشددًا. وأعلمته بكذا مضمن معنى الإحاطة، قيل: نبّأ أبلغ من أنبأ.[45]
التنبئة “نبّأ” في اللغة: مضى تحقيقه ضمن الإنباء. فـ “أنبأ ونبّأ” بمعنى وهو الإخبار، إلا أن الفعل المضعف أبلغ من الفعل المهموز.
استعمال هاتين الكلمتين في القرآن الكريم:
أما استعمالهما في القرآن الكريم فلم يخرج عن المعنى اللغوي لهما، بل القرآن الكريم راعى ذلك من معنى الإخبار والإعلام، وهذان الفعلان وردا في آية واحدة من سورة التحريم، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: 3]، فتكرر الفعل “نبأ” مشددًا ثلاث مرات، تخلل بينها الفعل “أنبأ” وهو قوله تعالى: ﴿مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا﴾ صدر به السؤال، والسؤال لا يكون إلا أخف من الجواب، فالفعل “نبأ” مشددًا أبلغ من “أنبأ” ولذا لم يقل في الجواب “أنبأني” عن السؤال الذي سئل بـ “من أنبأك”، بل عدل إلى نبّأ الذي هو أبلغ، قال تعالى: ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾، تنبيهًا على تحقيقه وتفصيله؛ لأن هذا من قبل الله تعالى الذي أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم مفصلًا، وهذا يدل على الكثرة والمبالغة، فالفعل المضعف أبغ من المهموز[46]. ويؤيد ذلك الاستعمال القرآني للفعل “نبّأ وأنبأ” وذلك أن المواضع التي نسب فيها الفعل إلى الله تعالى الذي هو العليم الخبير استخدم فيها الفعل المضعف “نبّأ”، ومن أمثلة ذلك الآية التي بين أيدينا وهي قوله تعالى: ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾، وقوله تعالى: ﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ [التوبة: 94]، وقوله تعالى: ﴿فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [العنكبوت: 8]، فهذا يدل على أن الفعل المضعف أبلغ من المهموز.
وأما إذا نسب إلى غير الله تعالى استخدم الفعل المهموز “أنبأ”، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 31]، وقوله تعالى: ﴿قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ [البقرة: 33].
وأما ما نسب من الفعل “نبأ” مشددًا إلى البشر فهو في الغالب منسوب إلى الأنبياء والرسل، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى عن عيسى عليه السلام: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: 49]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾ [المائدة: 60]، وقوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الحجر: 49]، وقوله تعالى: ﴿قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: 45]، فالأنبياء لا يخبرون إلا ما أخبرهم به الله تعالى، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3- 4]، وكما قال يوسف عليه السلام: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾. وأما ما نسب إلى البشر غير الأنبياء منه ما جاء في سورة التحريم وهو قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾ فهذا يدل على الكثرة والقوة[47]؛ لأنها أخبرت به بالقوة، وبالغت فيه، ومنه ما جاء في قصة يوسف عليه السلام وهو قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ [يوسف: 45]، فقال معتمدًا على ما يعلمه يوسف عليه السلام من التفاصيل، وهو لم يقل إلا ما علمه الله تعالى كما مضى قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾. فالفعل “نبّأ” أبلغ من “أنبأ”؛ لأن الأول يدل على الكثرة والقوة. هذا، والله أعلم بالصواب.
هوامش المقال:
[1] اللسان، 9/115 (ر د ف).
[2] ينظر: التعريفات للجرجاني ص 77 ، والتعاريف لمحمد عبد الرؤوف المناوي ص 95.
[3]ينظر: إعجاز القرآن الكريم والبلاغة النبوية للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي.
[4] ينظر: كتاب الترادف في القرآن الكريم لمحمد نور الدين المنجد، ص: 134.
[5] دراسات في فقه اللغة، ص 299.
[6] المزهر في علوم اللغة وأنواعها، 1/317 – 318.
[7] الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم، ص 167.
[8] ينظر: كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ، ص: 22.
[9] جماليات المفردة القرآنية، ص 58.
[10] المزهر في علوم اللغة وأنواعها 1/318.
[11] مقدمة في أصول التفسير، ص 12.
[12] الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم، ص 168.
[13] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، 1/52.
[14] كتاب العين، 8/419.
[15] المصباح المنير، ص 7 – 8.
[16] معجم مقاييس اللغة، 1/44.
[17] المفردات في غريب القرآن، ص 57، والتوقيف على مهمات التعاريف، ص 28.
[18] التوقيف على مهمات التعاريف، ص 28.
[19] انظر: تاج العروس، 9/329، والمصباح المنير، 2/671.
[20] الفروق اللغوية، ص 566.
[21] انظر: المفردات في غريب القرآن، ص 57، ومعجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم، ص 25.
[22] معجم الفروق اللغوية للعسكري، ص 566.
[23] انظر: لمسات بيانية، ص 1017.
[24] أخرجه البخاري برقم (5971).
[25] انظر: لمسات بيانية، ص 1017، وخصائص التعبير القرآني، 1/285.
[26] لمسات بيانية، ص 104 – 105.
[27] المصباح المنير، ص 34.
[28] المصباح المنير، ص 34، وتفسير الطبري: 21/97.
[29] المحكم والمحيط الأعظم، 1/261.
[30] الفروق اللغوية للعسكري، ص 104. والمصدر السابق.
[31] تفسير الطبري: 21/97.
[32] انظر: تفسير الطبري، 21/96.
[33] المفردات في غريب القرآن، ص 135.
[34] مقاييس الغة، 3/26؛ المصباح المنير، ص 135.
[35] ديوان الفرزدق مع الشرح، ص 417.
[36] المعجم الكبير للطبراني، 11/232، برقم (11587)، وضعفه الإمام الألباني رحمه الله، انظر: مختصر إرواء الغليل، ص 506، (2541).
[37] مختارات شعراء العرب، 3/25.
[38] الفروق اللغوية للعسكري، ص 104.
[39] تفسير ابن كثير، 8/34.
[40] امرأة نثور أي كثيرة الولد يقال: نثرت بطنها. انظر: كتاب العين، 8/219.
[41] رواه ابن ماجه، 1/666، (2063)، وصححه الإمام الألباني رحمه الله، انظر: إرواء الغليل، 7/175.
[42] مقاييس اللغة، 5/385.
[43] المصدر نفسه.
[44] المصباح المنير، 2/591.
[45] تاج العروس، 1/444.
[46] انظر: المفردات في غريب القرآن، ص 789.
[47] معجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم، ص 424.
قائمة المصادر والمراجع
1 – ابن تيمية، (المتوفى: 728هـ)، مقدمة في أصول التفسير، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، الطبعة: 1490هـ – 1980م.
2 – ابن سيده، (المتوفى: 458هـ)، المحكم والمحيط الأعظم، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1421هـ – 2000م.
3 – ابن عطية، أبو محمد عبد الحق بن غالب الأندلسي (المتوفى: 542هـ)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ.
4 – ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق : عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، الطبعة : 1399هـ – 1979م.
5 – ابن كثير، (المتوفى: 774هـ)، تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)، تحقق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، الرياض، الطبعة الثانية 1420هـ – 1999م.
6 – ابن منظور، (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هـ.
7 – أبو بكر الجزائري، جابر بن موسى بن عبد القادر (المتوفى: 1439هـ)، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، الطبعة الخامسة، 1424هـ – 2003م.
8 – أحمد ياسوف، جماليات المفردة القرآنية، دار المكتبى، دمشق، الطبعة الثانية، 1419هـ – 1999م.
9 – الألباني، محمد ناصر الدين (المتوفى: 1914هـ)، مختصر إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ – 1985م.
10 – البخاري، (المتوفى : 256هـ)، صحيح البخاري، دار الشعب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1407هـ – 1987م.
11 – بنت الشاطئ (المتوفى: 1419هـ)، التفسير البياني للقرآن الكريم، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السابعة، دون.
12 – البيضاوي، (المتوفى: 685هـ)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوى)، دار الفكر، بيروت، دون.
13 – الجرجاني، (المتوفى: 816هـ)، التعريفات، تحقيق : إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ.
14 – د. صبحي الصالح (المتوفى: 1407هـ)، دراسات في فقه اللغة، دار العلم للملايين، الطبعة الطبعة الأولى، 1379هـ – 1960م.
15 – الدكتور محمد محمد داود، معجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم، دار غريب، القاهرة، 2008م.
16 – الراغب الأصفهانى، (المتوفى: 502هـ)، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، دار القلم، الدار الشامية، دمشق، بيروت، الطبعةالأولى – 1412هـ.
17 – الزبيدي، أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد بن عبد الرزاق تحقيق مجموعة من المحققين، دار الهداية، الكويت، دون.
18 – الزمخشري ، (المتوفى: 538هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1407هـ.
19 – السامرائي، الدكتور فاضل صالح، لمسات بيانية في نصوص من التنزيل، دار عمار، الطبعة الثالثة، 1423هـ – 2003م.
20 – السعدي، عبد الرحمن بن ناصر (المتوفى: 1376هـ)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، الرياض، الطبعة الأولى، 1420هـ – 2000م.
21 – السيوطي، (المتوفى: 911هـ)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، تحقيق: فؤاد علي منصور، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ – 1998م.
22 – الشايع، محمد بن عبد الرحمن، الفروق اللغوية، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، 1414هـ – 1993م.
23 – الطبراني، (المتوفى: 360هـ)، المعجم الكبير، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، الطبعة الثانية، 1404هـ – 1983م.
24 – الطبري، (المتوفى: 310هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420هـ – 2000م.
25 – عبد العظيم المطعني (المتوفى: 1429هـ)، خصائص التعبير القرآني، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، 1413هـ – 1992م.
26 – العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله (المتوفى: نحو 395هـ)، الفروق اللغوية، تحقيق: محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة ، مصر، د. ت.
27 – الفراهيدي، (المتوفى: 175ﻫ)، كتاب العين: تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، دون.
28 – الفرزدق، أبو فراس همام بن غالب، ديوانه مع الشرح، للأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1407هـ – 1987م.
29 – الفيومي، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي (المتوفى: نحو 770هـ)، المصباح المنير، المكتبة العلمية، بيروت، دون.
30 – القزويني، أبو عبدالله محمد بن يزيد (المتوفى: 273هـ)، سنن ابن ماجه، دار الفكر، بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دون.
31 – المناوي، (المتوفى: 1031هـ)، التوقيف على مهمات التعاريف، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1410هـ – 1990م.
32 – المنجد، محمد نور الدين، الترادف في القرآن الكريم (بين النظرية والتطبيق)، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1997م.
*الباحث في قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند.
Leave a Reply