هيّا نجعل أيّامنا كلّها أيّام عرفة…
إلى متى أتكاسل … إلى متى أتهاون… إلى متى أجلس في زاوية غرفتني… إلى متى أهوم في عالم يبدعه كومبيوتر والأجهزة الإلكترونيّة…إلى متى أعاني في أسرتي وفي قريتي وفي بلدي كل هذه المصائب والمشاكل… وأواجه كل هذا الهوان والذلّة… فالحلّ الوحيد هو الرجوع إلى الله تعالى.
نعم، الرجوع إلى الله العظيم، إلى القرآن الكريم، إلى سيرة النبيّ الكريم، بكل التضرّع والخشوع والخضوع بألم بالغ يخالطه دموع غزيرة وثقة عالية ومناجاة، لا يخلو شيئ فيما بين السماء والأرض.
أجل، إلى متى أجعل الغرب الوحي والإلهام، أما آن لي أن أتغيّر، أما آن لي أن أقوم متيقّظا مرّة أخرى لبناء عالم يتفوّح بكلّ أرجاءه كلّ أنواع الأطياب من النهضة والسلامة في كلّ قاصية ودانية، كان التغير واجبا على الأمّة الإسلاميّة، لكن كيف؟ هلّا تسمعون إلى قوله تعالى: “حتّى يغيّروا ما بأنفسهم”. نعم، الأمل ليس بمستحيل بل علينا أن نغيّر أنفسنا أوّلا، فإنّ البحر مجتمع بقطرة إثر قطرة.
التضرّع إلى الله تعالى لازم، نحن – الأمّة المسلمة- نشعر بخوف منتشر وحالة تافهة صعبة، نُقتل وندمّر، وهذا ما يريده عدوّنا، ما هذه الحالة الصعبة للأمّة المسلمة، الأمّة الّتي أخرجت خير أمّة للناس، كيف لنا أن نرتقي، وكتابنا بأيدي أعداءنا ونحن كالتائهين بعرض البحر ليس عندنا متاع، فالسبيل الوحيد للاسترداد هو الرجوع إلى الله، هو التضرّع إليه، يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: “تضرّعوا كالتائه في عرض البحر لا يملك إلّا قشّة”.
نعم، إلى كم أتخبّط في المعاصي خبط عشواء، إلى كم أركب تفاهة متن عمياء، لا بدّ للقلب أن يتكبّد بنور الإيمان، لا بدّ للأنفاس أن تدخل في النفس حاملة رسالة الحب والأمن والسلامة، أما آن لي أن أتغيّر، ما فعل آباءنا الأولون، أرادوا بناء أمّة، ونحن نريد تغيير لون الهاتف والجوال.
كثيرا ما أفكّر، هل من الممكن أن يتّحد الضدّان، من الضروري لا، ولكن ما لقلبي هذا، يتشظّى يمينا وشمالا، يتطاير حبّا وبغضا، يتخاصم لينا ورفقا، يتمارى حلوا ومرّا، أتردّد بين التقدّم والتأخّر، بين الربح والخسران، عفوا، أين النفع، أين الضرر… الكلّ سراب.
ما لهذا القلب يتقلّب تقلّب الرياح رقّة وشدّة، يتلوّن تلوّن الواشين، كأنّ القلب يضلّ بعض الأحيان، وفي حين آخر أتنسّم نسيم الحبّ من الهاب من وادي مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أحيانا يتجدّد القلب وكأنّ الجسم تبلور من كلّ الفضول والتفاهات، وفي بعض الأوقات يتعكّر وأجدني في مستنقع اليأس والقنوط وفي أضاة الظلام القاتم أتسكّع حيرانا، فعلمت أنّ الحلّ الوحيد مرّات إثر كرّات هو الرجوع إلى الله تعالى.
*باحث في قسم اللغة العربيّة، جامعة دار الهدى الإسلاميّة، كيرالا، الهند
Leave a Reply