قد أجرى هذا الحوار المفيد الأخ الفاضل الدكتور محمود عاصم مع السيدة نالني تشادا الصحفية المتقاعدة من قسم اللغة العربية بإذاعة عموم الهند بنيو دلهي. تقدم المجلة قبسات نافعة من الحوار.
أرجو من فضلك تفاصيل عن مولدك ونشأتك وتسليط الضوء على مسيرتك التعليمية في المرحلة الابتدائية والثانوية؟
أنا ولدت في بلدة صغيرة بالمديرية الشمالية في جمهورية السودان مسقط رأسي هو بلدة الدامر حيث والدي كان يقيم هناك ويعمل بالتجارة. انتقلنا إلى عطبرة عندما كنت في سن الرابعة. وهنا أنا وأخواتي التحقنا بمدرسة كمبوني. حصلت على التعليم الأولى والابتدائي والثانوي بتلك المدرسة. وكان التدريس يتم في كلتا اللغتين العربية والانجليزية. أي كل المواد الدراسية كانت تتم تدريسها في اللغتين وكان الأساتذة من مختلف الجنسيات حيث كان البعض من السودان والبعض الآخر من مصر والبعض من الروم الكاثوليا.
كيف أثرت البيئة والجو السائد على نمو شخصيتك في الحياة البدائية، هل هناك شيء يذكر بهذا الصدد؟
في المرحلة الابتدائية بمدرسة كمبوني كانت للطالبات فقط حيث كان هناك فرع آخر للبنين. لذلك لم يكن هناك اختلاط للجنسين في المرحلة الابتدائية. أما المرحلة الثانوية فكان التعليم بتلك المدرسة مختلطاً حيث عدد الطالبات حينذاك كان يتقلص كثيراً ونسبة لأن المجتمع السوداني مجتمع متحفظ لذا عندما تبلغ الفتاة السادسة عشر أو السابعة عشر وإما كان يتم زواجها أو أنها تترك الدراسة وتتفرغ للأعمال المنزلية أو تمارس مهنة الخياطة. صديقات المرحلة الدراسية كن من البنات المسلمات والمسيحيات والأرمن والشام. لذا الأثر الاجتماعي كان مختلطاً.
في المناسبات مثل عيد الفطر كنت أقوم بزيارة صديقاتي المسلمات وكنا نتبادل ما يسمونه كعك العيد والمشروبات والحلويات وكانت الاحتفالات تستمر مع أيام، وبالمثل في المولد النبوي الشريف كان هناك ميدان كبير يعرف باسم ميدان المولد وكانت الاحتفالات هناك تقام لمدة 12 يوما. كنت أذهب برفقة الوالدين والأخوات والصديقات إلى ميدان المولد. في المساء كنا نشتري الحلويات خاصة حلاوة ” السمسم” التي تعرف هناك باسم “السمسمية”.
ولا يفوتني هنا أن أذكر العم يسين رحمه الله الذي يبعث إلينا كمية وافرة من الحلويات والسمسمية والفولية. كان ذلك له أثر كبير على نفسي ونمو شخصيتي وكذلك بقية أخواتي وأخي الوحيد، بهذه المناسبة أذكر هنا الأفراح في السودان. عندما نصل إلى منزل العروس كنا ننتظر مجيء المأذون الذي يحضر لحصول موافقة الفتاة على الزواج وبعدها نشارك في الحفل الذي يلي “كتب الكتاب” للحصول على موافقة الطرفين. المثل كان يحدث في المناسبات الأخرى.
بالنسبة لصديقاتي المسيحيات نتبادل الزيارات في الأعياد ونحضر حفلات الزفاف إضافة إلى تبادل الزيارات الاجتماعية حيث الجميع كانوا يحضرون إلى منزلنا في أعياد هولي ودوالي. جميع الأسر الصديقة كانوا يدركون أننا نباتي ولذا كانوا يعدو لنا أطباقا نباتية فاخرة. الود والمحبة والصداقة والاحترام كل تلك الصفات نمت في ذهني وفي نفس أسرتي. وكان والدي دوماً يعلمنا أننا كلنا بشر لا فرق بيننا أي ما كان المذهب أو الديانة. لذا علينا احترام جميع الأديان والمذاهب.
كيف تعلمت اللغة العربية؟ هل يمكن ذكر أسماء بعض الأساتذة البارزين الذين علموك هذه اللغة الحبيبة؟
بعض الأساتذة البارزين الذين علموني اللغة العربية أذكر منهم المعلمة فوزية صالح عبد الله في المرحلة الأولية والأستاذ عباس محمد طه في المرحلة الوسطى والاستاذ الطاهر محمد في المرحلة الثانوية، لذا أعتقد أن العربية بالنسبة لي هي اللغة الأم الثانية.
كيف كان التنافس والجو لتعلم اللغة العربية في زمن درست العربية؟
الجو لم يكن جوا تنافسيا حينذاك، إنما نحن الطالبات وكذلك الطلبة كان علينا أن نتذكر دروسنا حتى ننال أعلى الدرجات خلال الامتحانات التي كانت تجري مرتين في السنة الدراسية.
من هي الشخصيات التي أثرت في تكوين شخصيتك؟
الشخصيات التي أثرت في تكوين شخصيتي أذكر منها المعلمة الأخت اريه أنجيلينا التي كانت دوما ترشدني إلى كل ما هو صحيح وكذلك العمل بجد وانجاز كل عمل أود القيام به، كما كان هناك الأستاذ عبيد بسادة الذي كان يضخ في الطالب والطالبة النشاط والحرارة للتحدث بصدق وبرهان النقطة المقتنعة بها وعدم الخضوع إلى أي تخويف أو مجادلة دون أي فائدة.
كيف ومتى بدأ اهتمامك مع الصحافة العربية؟
بدأ اهتمامي بالصحافة العربية في عام 1969م بعد نيل البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية. التحقت بالسفارة الهندية في الخرطوم كموظفة محلية حيث سنحت لي الفرصة للعمل مع السكرتير الثقافي لدى السفارة الذي كان لا يجيد العربية وحينها كنت أقرء له الجرائد العربية المحلية وأترجمها له باللغة الانجليزية. كما عملت كمترجم باللغتين العربية والانجليزية حيث كنت أرافق وفوداً هندية تحضر إلى السودان لإنجاز المهام. وهكذا بدأت أهوي الصحافة العربية.
متى بدأت الوظيفة في إذاعة عموم الهند؟ وكيف كان تجربتك؟
التحقت بالقسم العربي لإذاعة عموم الهند الخارجية في شهر مارس 1976م ومبدئيا كنت غير مرتاحة بالعمل خاصة في وظيفة مذيعة وهذه الوظيفة في القسم العربي كان يسوده الزملاء المسلمون ذلك لأني لم يكن لي أي تفاعل سابق مع المسلمين في الهند. المسلمون في السودان حينذاك كانوا يتمتعون بذهن مفتوح وليس هناك أي تفرقة بين مسلم وغير مسلم. وكان ذلك أحد المخاوف التي كنت أشعر بها لكنني كما ذكرت كنت جريئة ولذا لم أجد صعوبة في كسب معرفة زملائي واحترامهم لي بداية من رئيس القسم حتى الموظف الصغير. كان هناك جو من الود والاحترام يسود بين الزملاء وجميع أعضاء القسم.
وهل من الممكن ذكر تجربتك القيمة بقدر من التفصيل في مجال الصحافة العربية الهندية خاصة في وظيفة أغلب موظفيها من الرجال والمسلمين نظراً إلى انتماءك إلى دين غير دين الاسلام؟
عملي مع إذاعة عموم الهند ترك في نفسي كثيراً من الاحترام والتقدير لجميع العاملين بالقسم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين وساعدني ذلك في بناء المودة والمعرفة والاحترام مع الجميع.
كيف أثرت الوظيفة في إذاعة عموم الهند على شخصيتك؟ ومن كانوا من الزملاء البارزين معكم؟ اذكري موجزا عنهم إذا أمكن؟
من بين الزملاء معي في ذلك الوقت أذكر المرحوم محمود الحسن الندوي، رئيس القسم والدكتور محسن عثماني والدكتور زبير أحمد الفاروقي والدكتور معين الدين. ومن بين الآخرين الذين كانوا يحضرون أحيانا للتسجيل في الإذاعة الدكتور المرحوم سليمان أشرف من جامعة دلهي والأستاذ عميد الزمان الذي “اعتقد” انه كان يعمل بالسفارة السعودية. ولا يفوتني ذكر اسم زميلتي بالقسم الأخت المحترمة ممدوحة ماجد التي أجد فيها حتى هذا اليوم مثل الأخت الكبيرة.
ما هي البيئة والأوضاع وطبيعة العمل كانت عندكم في الإذاعة؟
طبيعة العمل في الإذاعة كانت تتضمن الترجمة أساساً من الإنجليزية إلى العربية وإعداد ورقة قائمة التوجيهات التي تعرف باسم “cue- sheet” والتي تسمح بما يتم إذاعته والتي قبل بداية البرنامج تقدم إلى الموظف المسؤول عن البرنامج Duty Officer حتى يمكنه تسجيل كل ما يذاع في دفتره للمراجعة حينما تدعو الحاجة وكذلك كان على المذيع أو المذيعة ترجمة مختلف الأحاديث التي تناولت مواضيع ثقافية أو سياسية أو علمية أو اجتماعية باختصار جميع نواحي الحياة في الهند. وأذكر أيضاً الاستعراض للصحف الهندية وأحياناً تغطية مباشرة لمختلف المناسبات مثل عيد الجمهورية وعيد الاستقلال والمناسبات الوطنية الأخرى.
أحياناً كانت الإذاعة توفدني للعمل في مؤتمرات دولية مثل مؤتمر عدم الانحياز خلال ولاية رئيسة الوزراء الراحلة السيدة انديرا غاندي وكذلك مؤتمر منظمة العمل الدولية لترجمة فورية لمداولات المؤتمر وكان يرافقني أحد الزملاء لإنجاز تلك المهمة حيث نقوم بالترجمة الفورية بالتناوب.
هل ترين هناك تغير في معيار ومحتوى وأسلوب تقديم البرامج العربية من القسم العربي؟ من هو المسؤول لهذا الانحطاط؟ الموظفون أم المسؤولون؟ كيف؟
نعم هناك تغير كبير في معيار ومحتوى وأسلوب تقديم البرامج العربية. سنح لي الوقت مرة للاستماع إلى برنامج القسم العربي المسائي وما لفت انتباهي هو أن المذيع أحياناً لا يذكر اسم المقرئ الذي تلا القرآن الكريم في مقدمة البرنامج. وأحيانا أيضاً لا يذكر اسم السورة وحدث ذلك كثيراً من المرات التي استمعت فيها للبرامج المسائية وأحيانا الصباحية أيضاً. ثم أنه لا يذكر اسمه في بداية إذاعة نشرة الأخبار كانت تلك الصباحية أو المسائية.
الموظفون هم المسؤولون عن هذا الانحطاط لأن الموظف عليه أن يعمل داخل إطار ارشادات تصدر عن المسؤولين الذين أحيانا كثيراً لا يعلمون عن الجهات التي يتم البث فيها وأحيانا هناك قيود رسمية أخرى. ثم مؤخراً القسم العربي ليس له مشرف يراعي البرامج التي تتم إذاعتها. وفي البداية وحتى أواسط العقد الأول من القرن العشرين أو بالضبط حتى عام 2009م كان يتم اعداد جدول برامج كل 3 أشهر ويرفع للمسؤولين الذين يوافقون عليه.
وإذا تمت الموافقة تذاع تلك البرامج حسب التواريخ المجدولة ولذا كان المحتوى جيد والبرامج مختلفة وجذابة للمستمعين. ولكن مع مرور الوقت تقلص عدد المسؤولين والموظفين المنتظمين ولذا تدهور الانتباه وكذلك الرغبة في تقديم ما هو الأحسن. لدى تقديم الأغاني مؤخراً المذيع لا يذكر اسم الفيلم أو حتى اسم المطرب/ المطربة أو اسم مؤلف الأغنية أو الملحن. كل ذلك يجعل المستمع يفقد الرغبة في الاستماع إلى الأغاني حيث أنه يتوقع أن يتم ذكر كل ذلك لمعلوماته. عندما كنت أعمل بالإذاعة كانت هناك مختلف البرامج أذكر منها برنامج ما يطلبه المستمعون كان يقدم 4 مرات في الأسبوع لكثرة الرسائل التي كانت تصل للقسم لتلبية طلبات المستمعين.
وبرنامج لحن وأغنية مرة في الأسبوع حيث كان على المذيع تقديم الأغنية مع إيجاز عن المطرب أو الملحن أو حتى لمؤلف الأغنية. كل ذلك يتلاشى تدريجياً ولا أدري السبب لذلك، إضافة إلى كل ذلك مجيء الكمبيوتر أثر أيضاً. ولو أن الكمبيوتر يؤدي إلى تسهيل العمل ولكن على المذيع أن يبذل بعض الجهود ليضيف نوعا من الجاذبية للبرامج. وبالطبع للمسؤولين لهم ضلع في انحطاط البرامج لأنهم لا يعرفون اللغة.
سمعت كانت هناك مكتبة زاخرة بالكتب النادرة باللغة العربية؟ كيف استفدتم من هذه المكتبة وماذا فقدنا من عدم الاهتمام بها لاحقا؟
نعم كانت هناك مكتبة زاخرة بالكتب باللغة العربية النادرة ولكن لم يستطع القسم الاستفادة منها تماما لأنه أولا لم يكن لدينا أمين مكتبة ولذا اتلاف كتاب ما كان يشكل مشكلة أمام مدير القسم أو الموظف المسؤول. ثانيا لم يتم إدراج جميع الكتب حسب ما تتطلبه أي مكتبة. أحياناً كانت الكتب موضوعة في خزائن محكمة القفل وتمضي عليها سنون دون فتحها مما ساهم في إتلاف كثير من الكتب النادرة والقيمة. عدم الاهتمام هذا جعلنا نفقد الكثير من المعرفة القيمة والتي كان بإمكاننا الاستفادة منها في إخراج وتقديم البرامج.
هل كان يصدر القسم العربي من الإذاعة مجلة عربية؟ ما هي وما كانت أهدافها؟ كم مدة استمرت صدورها من متى إلى متى؟
كانت هناك مجلة باسم صوت الشرق وعلى ما اعتقد كان يتم اعدادها وطبعها بالسفارة الهندية في مصر ولكن لا أوكد على ذلك لأنها توقفت فجأة. الهدف من هذه المجلة كان نشر الثقافة الهندية من مختلف النواحي إلى القراء العرب حتى يحصلوا على معلومات عن ثقافة الهند وعاداتها وتقاليدها. المحتوى كان يضم كل المواضيع من علمية وفنية وثقافية واجتماعية واقتصادية.
نسمع من حين لآخر بأن الحكومة الهندية توقف بث الخدمات الأجنبية في اللغات الأجنبية المختلفة كيف ترى إلى هذه الخطوة – إذا وقعت – لا قدر الله؟
نعم كانت هناك أنباء أن الحكومة الهندية قد توقفت الخدمات باللغات الأجنبية ولكن عندما كان يبدو حديث غير رسمي حول هذا الموضوع. وجهة نظري أنا شخصياً هي لا يجب على الحكومة اتخاذ مثل تلك الخطوة أولاً لأن القسم العربي له أكبر فترة للبث باللغة العربية بالنسبة للغات الأخرى في إذاعة عموم الهند الخارجية. ولذا يجب الأخذ في الاعتبار علاقات الهند مع الدول العربية وكذلك التجارة مع تلك الدول والتبادلات الثقافية معها. لذا لا أجد أي داع حتى للتفكير في مثل تلك الخطوة.
ما رأيك عن كل الأنشطة من إصدار مجلات وجرائد وكتابة مقالات فى الهند جزءا من الصحافة العربية؟ هناك أناس ينكرون وجود صحافة عربية فنية فى الهند ومن ثَم لا يعتبرون استخدام مصطلح الصحافة العربية فى الهند صحيحا. هل تتفق معهم؟
أنا لا أعتقد أن كل الأنشطة من إصدار مجلات وجرائد وكتابة مقالات في الهند هي جزء من الصحافة العربية. وبدلا عن ذلك يكفيني أن أصف ذلك كأعمال أعدها هنود يجيدون العربية ولهم معرفة وافرة عن اللغة العربية. بدلا عن وجود صحافة عربية فنية في الهند يتحسن أن نصفها كأعمال الهنود تم إعدادها باللغة العربية. كما أن مصطلح الصحافة العربية في الهند ليس صحيحاً لأن الصحافة تتضمن عدة نواحي من الكتابة والتعليق والمراجعة والإعداد والطبع والنشر والتحرير……..الخ ….
كيف تقييمك للصحافة العربية الموجودة فى الهند فنيا؟
من الناحية الفنية للصحافة العربية (أو الأعمال) العربية الموجودة في الهند هي ممتازة لا بأس بها ولكن عليها أن تقطع شوطاً طويلاً لتصل إلى المستويات العربية الدولية.
ما هي المشكلات والتحديات التي تواجهها الصحافة العربية فى الهند؟
المشكلات والتحديات التي تواجهها الصحافة العربية في الهند هي كثيرة. على سبيل المثال ليس هناك أي منهج أو تدريب لاحتراف الصحافة العربية كمهنة مثل ما يحدث في الصحافة الانجليزية. وليس هناك أي تدريب لتغطية الأنباء حيث هذه الأيام الصحافة المرئية هي أكثر شيوعاً وحتى الصحافة المرئية لا تكون باللغة العربية لأن الهند تتحدث بالإنجليزية كاللغة الرسمية الثنائية في المعاملات.
هل ترين أن الصحافة العربية تعالج قضايا المسلمين الهنود الجادة، تنجح فى إبلاغها إلى العالم الإسلامي، وتمثل دور الجسر بين الهند والعالم العربي؟
الصحافة العربية على وجه العموم تعالج قضايا المسلمين الهنود الجادة وهي تنجح إلى درجة كبيرة في إبلاغها إلى العالم الاسلامي. نعم ذلك يعمل كجسر بين الهند والعالم العربي وذلك لأن العالم العربي لا يدرك الكثير عن أحوال المسلمين في الهند وأحيانا يسيئ فهم ما يقال ويكتب عن أحوال المسلمين الهنود. ولذا الصحافة العربية في الهند لها دور إيجابي في تفهم العالم العربي للمسلمين في الهند والدور الذي يقومون به في تطور المجتمع الهندي من جميع النواحي كان ذلك الجانب السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الأدبي الخ … المسلمون في الهند هم ركيزة قوية لتطور البلاد ولا شك في ذلك.
هل تعتبرين جهود الحكومة الهندية لترويج اللغة العربية وصحافتها جادة وإيجابية، عن طريق الأقسام العربية فى الجامعات وإذاعة عموم الهند مثلا؟
لا شك أن الحكومة الهندية تبذل جهدها لترويج اللغة العربية وصحافتها وهي جهود جادة وإيجابية حيث تجد أن تقريبا جميع الجامعات البارزة في الهند لها قسم للدراسات العربية. كما أن إذاعة عموم الهند الخارجية تلعب دورا كبيراً في ذلك خاصة لأن برامج القسم العربي بإذاعة عموم الهند الخارجية لها أكبر قسط من الوقت مخصص للبرامج العربية (الصباحية والمسائية) وهو أكبر من أي وقت مخصص للغات الأجنبية الأخرى. وذلك دليل على أن حكومة الهند تولى أولوية لبرامج القسم العربي بالإذاعة.
إضافة إلى ذلك، عدد الخريجين من الأقسام العربية من مختلفة الجامعات الهندية يزداد عاما بعد عام وذلك هو دليل آخر على أن الطلبة الهنود ينجذبون نحو تعليم اللغة العربية نسبة لما توفره من فرص للتوظيف والعمل إما داخل البلاد أو خارجها حيث يعملون مع شركات وهيئات هندية تنجز أعمالها في البلدان العربية. وهناك أيضاً السلك الدبلوماسي حيث يلتحقون للعمل كمترجم أو ملحق ثقافي وأريد أن أذكر هنا أن هناك من غير المسلمين يلتحقون بالجامعات لدراسة هذه اللغة الحبيبة.
هل هناك أي فرق بين الجيل القديم من علماء اللغة العربية وصحافتها والجيل الناشئ الجديد من الباحثين؟
هناك فرق بين الجيل القديم من علماء اللغة العربية وصحافتها والجيل الناشئ الجديد من الباحثين ويكمن الفرق في الجوانب الفنية والمعلوماتية حيث الجيل القديم من العلماء كان يرهق نفسه في البحث في مختلف الكتب والمعلومات والمصادر ثم يقوم بتدوينها لإعداد البحث أو الرسالة. وأما الجيل الناشئ من الباحثين يمتلك المقدرة لتشغيل الكمبيوتر الذي يحتاج إلى التشغيل فقط ثم يقوم بتخزين المعلومات وذلك يترك له وقت كاف لمتابعة بحثه واعداد رسالته. أريد أن أذكر هنا أن هذا الموضوع واسع جدا ولا يمكنني تلخيصه في بضعة أسطر ولذا أكتفي بهذا القدر من الإجابة على هذا السؤال.
ما رأيك عن مستقبل الصحافة العربية فى الهند؟
مستقبل الصحافة العربية في الهند إذا حصل على الانتباه والعناية اللازمان من الجهات الرسمية المعنية قد يكون مزدهراً. ذلك لأن الصحافة العربية في الهند لاتزال في طور ناشئ لأنها فرع من صحافة غير رائج في الهند. السبب لذلك كما أعتقد هو أن الصحافة العربية لن يتم الاعتراف بها كمهنة رسمية مثل الصحافة باللغات الهندية الأخرى. ثم إن الصحافة المقروءة فقدت إلى درجة شعبيتها لأن الصحافة المرئية طغت عليها. الصحافة العربية إذا كانت مرئية ربما قد تكون أكثر ازدهاراً. على المهتمين بالصحافة العربية في الهند بذل جهود كبيرة لجعلها مهنة معترف بها مثل بقية اللغات الهندية وحتى تنال مرتبة تليق بها من الصحافة في البلدان العربية ومن كل الجوانب اللغوية والتغطية والتصوير المباشر وما يتعلق بجميع نواحي الصحافة البصرية.
Leave a Reply