“ليس” من الأفعال الناقصة التي تدخل على الجملة الاسمية فتضمّ المبتدأ وتنصب الخبر إذا لم تدخل على الأخير حرف الجرّ (الباء). هذا وهو من الأحرف التي تدخل على الفعل المضارع أيضًا فينفي الفعل نفيًا باتًّا مثل “ليس يفعل” أي “لن يفعل”. لنشاهد هذا الأصل البديع في ضوء كلام العرب، ولنعرف الفرق الكبير بين “لا يفعل” و”ليس يفعل”.
كثر في كلام العرب ذكرُ عدم إمكانية رجوع الشيء الماضي فقال أبو صخر الهذلي:
هل القلبُ عن بعضِ اللجاجة نازعُ | وهل ما مضى من لذة العيش راجع[1] |
وقال الرماح ابن ميادة:
وتذكارُ عيشٍ قد مضى ليس راجعًا | لنا ابدًا أو يرجعَ الدرَّ حالبُه[2] |
وقال الشاعر الحماسي:
ألا طرقتْنا آخرَ الليل زينب | عليكِ سلامٌ، هل لما فات مطلب[3] |
فـ”هل” في البيت الأخير للنفي.
يعبّر عن هذه الحقيقة امرؤ القيس فيقول:
أجارتنا ما فات ليس يؤوبُ | وما هو آتٍ في الزمان قريب[4] |
فـ”ليس يؤوب” يعني “لن يرجع”.
وكذا نجد ذكر تكريم الجار واحترام حليلته في الشعر العربي، يقول عنترة بن شداد العبسي:
وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي | حتى يواري جارتي مأواها[5] |
وقال طفيل الغنوي:
ولا أقول لجار البيت يتبعني | نفِّسْ محلَّك إنّ الجوَّ محلول |
ولا أخالف جاري في حليلته | ولا ابنَ عمّي غالتني إذا غُول[6] |
وقال الأعشى الكبير:
ولا تقربنّ جارةً إنّ سرَّها | عليك حرامٌ فانكِحَنْ أو تأبَّدا[7] |
وقالت الخنساء تمدح أخاها:
ولا يقوم إلى ابن العم يشتمه | ولا يدبّ إلى الجارات تخويدا[8] |
وقال الكميت الأسدي:
ولا حليلةُ جاري لستُ زاعمَها | تصبو إليّ، وَسَاءِ الصدقِ والكذِبِ[9] |
وأما حاتم الطائي فلا تسأل عنه ويكأنه رسولٌ بُعِثَ لصيانة الجارات فننقل فيما يلي طرفًا من أبياته: قال يمدح بني زياد:
وجارتُهم حصانٌ ما تُزَنّى | وطاعمةُ الشتاء فما تجوع[10] |
وقال أيضًا:
وما أنا بالماشي إلى بيتِ جارتي | طُروقًا أحيّيها كآخرِ جانب[11] |
ولو شهدتْنا بالمِزاج لأيقنتْ | على ضُرِّنا أنّا كرامُ الضرائب[12] |
وقال أيضًا:
وما تشتكيني جارتي، غير أنني | إذا غاب عنها بعلُها لا أزورها |
سيبلُغُها خيري ويرجعُ بعلُها | إليها، ولم يُقصَرْ عليّ ستورُها[13] |
يشير إلى هذا الخلق العربي المعروف زهير بن أبي سلمى بما يلي:
وجاري ليس يخشى أنْ أرنّي | حليلتَه بسرٍّ أو عِلانِ[14] |
فـ”لي يخشى” أي “لن يخشى”.
وكذا لم يخف العرب لومة لائم في أمر حبائبهم وتركوهن حينما وجدوا أيّ نشوز منهن فيقول امرؤ القيس:
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل | وإنْ كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجملي[15] |
وقال تأبط شرًا:
فإن تصرميني أو تسيئي لعِشرتي | فإني لصرّامُ القرين، مُعاشر[16] |
وقال عروة بن أذينة:
لا بديعٌ صرمُ غانيةٍ | أصبحتْ بالصرم معتزمة[17] |
وقال طرفة بن العبد:
والإثمُ داءٌ ليس يرجى بُرؤه | والبِرُّ بُرءٌ، ليس فيه مَعطَب[18] |
وقال زهير بن أبي سلمى في هذا المعنى:
والإثم من شرّ ما يُصالُ به | والبر كالغيث، نبتُه أمِر[19] |
وقال حسان بن ثابت الأنصاري:
فإن تك ليلى قد نأتْك ديارُها | وضنّتْ بحاجات الفؤاد المتيّم |
وهمّتْ بصرم الحبل بعد وصاله | وأصغت لقول الكاشح المتزعّم |
فما حبلها بالرثّ عندي ولا الذي | يغيّره نأي وإن لم تكلّم[20] |
وقال الأعشى الكبير:
رحلتْ سميّةُ غدوةً أجمالَها | غضبى عليك فما تقول بدا لها |
سفهًا، وما تدري سمية ويحها | أنْ ربّ غانية صرمتُ وصالَها[21] |
وقال المخبل السعدي (مخضرم):
إني وجدتُ الأمرَ أرشدُه | تقوى الإله وشرُّه الإثم[22] |
واختار النمر بن تولب العكلي أسلوبًا آخر فقال:
فأوصِي الفتى بابتناءِ العُلا | وأنْ لا يخون ولا يأثما[23] |
لنقرأ هذه القصة في شعر عدي بن زيد العبادي الذي يقول:
لستُ أدري وقد بدأتم بصرمي | أعدوٌّ يلومني أم صديق[24] |
فـ”لست أدري” يبيّن تلك الحقيقة بشدة.
وهكذا يؤمن العرب الجاهليون ومن تبعهم أنّ الذكر حسنًا كان أو سيئًا يبقى ما بقي الدهر فيقول حاتم الطائي:
أ ماويَ إنّ المالَ غادٍ ورائحٌ | ويبقى من المال الأحاديثُ والذكر[25] |
وقال أيضًا:
وتُذكَرُ أخلاقُ الفتى، وعظامُه | مُغَيَّبَةٌ في اللحد، بالٍ رميمُها[26] |
وقال عنترة بن شداد العبسي:
ولي قلبٌ أشدُّ من الرواسي | وذكري مثلُ عرفِ المسك نامي[27] |
وقال زهير بن أبي سلمى:
أثني عليك، بما علمتُ، وما | سلّفتَ، في النجدات والذكر[28] |
وقال حسان بن ثابت الأنصاري:
وقد ضاربت فيه بنو الأوس كلهم | وكان لهم ذكر هناك رفيع[29] |
وقال عبيد الله بن قيس الرقيات:
وكان أبو أوفى إذا الضيفُ نابه | تُشَبُّ له نارٌ وتُنضَى له قِدر |
فيمسي ويُضحي الضيفُ شبعانَ والقِرى | حميدٌ ويبقى بعدها الحمدُ والذكرُ[30] |
يبيّن هذه الفكرة المطردة عنترة بن شداد العبسي فيقول:
فذاك الذكر يبقى ليس يفنى | مدى الأيام في ماضٍ وآت[31] |
فـ”ليس يفنى” زائد لم يأت إلا لتوضيح “يبقى”.
وكذا كثر استعمال هذا التعبير لدى عنترة فننقل طرفًا من أبياته، قال:
وليس يعيبُ السيفَ إخلاقُ غمده | إذا كان في يوم الوغى قاطعَ الحدّ[32] |
ومن ذا يردّ الموتَ أو يدفع القضا | وضربتُه محتومة ليس تعثر[33] |
لو كان قلبي معي، ما اخترتُ غيرَكم | ولا رضيتُ سواكم، في الهوى، بدَلا |
لكنه راغبٌ فيمن يعذّبه | فليس يَقبَل لا لَومًا ولا عذَلا[34] |
فؤادٌ ليس يثنيه العَذول | وعينٌ نومُها أبدًا قليل[35] |
وأطمع من دهري بما لا أناله | وألزَمُ منه ذلَّ من ليس يرحم[36] |
ما ليس يوصَف أو يقدَّر أو يفي | أوصافَه أحدٌ بوصف لسانه[37] |
وكذا مارس البشر أنّ الشباب شيء يفنى ولم يخلد لأحد من بني آدم فيقول الأعشى الكبير:
فاعرفي للمشيب إذ شمِل الرأ | سَ فإنّ الشبابَ غيرُ حليف[38] |
وقال كعب بن زهير:
بان الشبابُ وأمسى الشيبُ قد أزِفا[39] | ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلفا |
عاد السوادُ بياضًا في مفارقه | لا مرحبًا هابذا اللون الذي ردِفا[40] |
وقال لبيد بن أبي ربيعة العامري:
تبكّي على إثر الشباب الذي مضى | ألا إنّ أخدان الشباب الرعارع[41] |
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
تولّى الشبابُ كأنْ لم يكن | وحلّ المشيبُ كأنْ لم يزل |
فأما المشيبُ كصبحٍ بدا | وأما الشباب كبدرٍ أفل[42] |
حذفت فاء “أما”.
وقال بشر بن أبي خازم الأسدي:
وكلُ غَضارةٍ لك من حبيبٍ | لها بك أو لهوت بها متاع |
قليلًا، والشبابُ سحابُ ريحٍ | إذا ولّى فليس له ارتجاع[43] |
وقال الكميت بن زيد الأسدي:
هل للشباب الذي قد فات من طلبِ | أم ليس غائبُه الماضي بمنقلِب[44] |
لنشهد بيان هذا الواقع في قول الأقيشر الأسدي الذي يقول:
تمتّعْ من شبابٍ ليس يبقى | وصِلْ بعرَى الصبوح عرَى الغبوق[45] |
فـ”ليس يبقى” أي “لن يخلد”.
ولنقرأ بعض الشواهد الأخرى على دعوانا هذه فيقول الأعشى الكبير:
في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا | أنْ ليس يدفع عن ذي الحيلة الحِيَلُ[46] |
وقال عمرو بن معديكرب الزبيدي:
وليس يُعاب المرءُ من جبنِ يومه | إذا عُرِفتْ منه الشجاعة بالأمس[47] |
وقال عمر بن أبي ربيعة العامري:
ليالي تجري بأسرارنا | أمينٌ لنا ليس يُفشي بسر[48] |
وقال عمر بن أبي ربيعة أيضًا:
ليس يقتات ذو المودة عندي | ويرى الكاشحون أنفًا اشمّا[49] |
اطلبنْ لي صاحِ وصلًا عندها | إنّ خيرَ الوصل ما ليس يُمَن[50] |
وقال عبدة بن الطبيب (مخضرم):
والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليس يدركه | والعيشُ شحٌّ وإشفاق وتأميل[51] |
وقال عقيل بن عُلّفة المري:
الشرّ يبدؤه في الأصل أصغره | وليس يصلى بنار الحرب جانيها[52] |
وقال عقيل بن عُلّفة المري:
تمنّى لي الموتَ المُعجَّلَ خالدٌ | ولا خيرَ فيمن ليس يُعْرَفُ حاسدُه |
فخلِّ مقامًا لم تكن لتسدّه | عزيزًا على عبس وذبيان ذائده[53] |
وقال الأخطل:
بلمعٍ كطرف العين ليست تريثه | وركضٍ إذاما واكل الركضَ ثايب[54] |
وقال الأخطل أيضًا:
ولقد مننتَ على ربيعة كلها | وكفيتَ كلَ مواكلٍ خذّال |
كزمِ اليدين عن العطية، ممسِكٍ | ليستْ تبضُّ صَفاتُه ببلال |
مثلِ ابنِ بَزْعَةَ أو كآخرَ مثله | أولى لك ابنَ مُسَيمةَ الأجمال[55] |
وله ما يلي:
وإذا هَمَمْنَ بغدرة أزمعنَها | خُلُفًا فليس وصالُهن يدوم[56] |
وقال أعشى همدان:
وضاق عن الساق خلخالُها | فكاد مُخَدُّمُها يندرُ[57] |
فَتورُ القيام رخيمُ الكلا | م يُفَزِّعُها الصوت إذ تُزجَر |
وتُنمَى إلى حسبِ شامخٍ | فليست تُكَذَّبُ إذ تفخرُ[58] |
وقال الربيع بن أبي الحقيق اليهودي:
وكلُّ شديدةٍ نزلتْ بحيّ | سيأتي بعد شدتها رخاءُ |
فقل للمتي غرضَ المنايا: | توقَّ وليس ينفعك اتقاء |
فما يُعطَى الحريصُ غنًى بحرصٍ | وقد ينمي لدى الجود الثراء |
يريدُ المرءُ أنْ يلقى نعيمًا | ويأبى الله إلا ما يشاء[59] |
وقال قيس بن الملوّح:
أ أقطع حبلَ الوصل فالموتُ دونه | وأشربُ كأسًا منكم ليس يُشرَب[60] |
وقال الحارث بن خالد المخزومي:
عليّ لإخواني رقيبٌ من الصفا | تبيدُ الليالي وهو ليس يبيد[61] |
وقال نصيب بن رباح:
ومثلي في رجالكم قليلٌ | ومثلُك ليس يُعدَم في النساء[62] |
فـ”ليس يعدم” أي توجد كثيرًا.
وقال القطامي:
فسلّمتُ والتسليم ليس يسرّها | ولكنه حقّ على كلّ جانب[63] |
فردّتْ سلامًا كارهًا ثم أعرضتْ | كما انحازتِ الأفعى مخافةَ ضارب |
فقلتُ لها لا تفعلي ذا براكب | أتاك، مصيبٍ ما أصاب فذاهب |
فلما تنازعنا الحديثَ سألتُها | مَن الحي؟ قالت: معشرٌ من مُحارب |
من المشتوين القدّ مما تراهم | جياعًا وريفُ[64] الناس ليس بناضب |
فلمّا بدا حرمانُه الضيفَ لم يكن | عليّ مناخُ السوء ضربةَ لازب[65] |
فقمتُ إلى مُهريّةٍ قد تعوّدتْ | يداها ورجلاها خبيبَ المواكب[66] |
وقال أبو النجم العِجلي:
ليستْ مجالسُنا تُقِرُّ لقائلٍ | زيغَ الحديث ولا نثا الفحشاء[67] |
وعلى هذا فقد قرأ ابن عباس رضي الله عنه “لَا تُسَۡٔلُ” في قوله تعالى: “إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسَۡٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ ١١٩”. (سورة البقرة) بـ”لَسْتَ تُسْأَلُ” وقرأه عبد الله بـ”لَنْ تَسْأَلُ”.[68] والقرءات عندي تفاسير. فـ”لَسْتَ تُسْأَلُ” يعني “لَنْ تُسْأَلُ” مما فهمه عبد الله.
وفي قليل من الأحيان “ليس” يعني “لا” ولكنه أيضًا يستخدم لنفي الشيء تمامًا فقال الفند الزماني:
ليس يغني القولُ إلا لامرئ | صادقٍ بالقول يومًا أو مُطيق[69] |
وقال أمية بن أبي الصلت:
وليس يبقى لوجه الله مُختَلَقٌ[70] | إلا السماءُ وإلا الأرضُ والكَفَر[71] |
وقال بكر بن النطاح:
كأنّ المنايا ليس يجرين في الوغى | إذا التقت الأبطال إلا برأيه[72] |
وقال نهشل بن حري (مخضرم):
وليس يهلك منا سيدٌ أبدًا | إلا افتلينا غلامًا سيّدًا فينا[73] |
وقال إبراهيم بن هرمة القرشي:
وللفتى مُهلةٌ في الحبّ واسعةٌ | ما لم يمتْ في نواحي رأسه الشعر |
قالتْ: مشيبٌ وعشقٌ رحتَ بينهما | وذاك في ذاك ذنبٌ ليس يُغتَفَر[74] |
“مات” أي ابيضّ.
وقال الفرزدق:
أحمَوا حمًى بطعانٍ ليس يمنعه | إلا رماحُهم للموت من حانا |
الأحلمون فما خفّت حلومُهم | والأثقلون على الأعداء ميزانا[75] |
وقال روبة بن العجاج:
فليس يُلفَى حاضر ولا باد |
إلا قهرناه بملك حدّاد[76] |
وأما ما روى البخاري (4251) عن النبي ﷺ في يوم الحديبية “— فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتابَ، وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله —“. ففيه سحر تعبيري معجز ففي جانب نهى الإحسان فدلّ به على الشدة في النهي وفي جانب آخر جاء بالحال الذي أكّد ذلك النهي، فكأنه مزج أسلوبين أولهما نفيُ أجودِ فعلٍ للدلالة على نفيِ أسوأه والثاني مجيءُ الحال للدلالة على ذلك الفعل. فمثلًا جاء في سورة البقرة:
“وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠”.
فهذا لا يعني أنه تعالى ولو لا يحبّ ولكنه يسمح عنهم بل هذا يعني أنه يبغضهم كما جاء في نفس السورة:
“وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥” و”يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ٢٧٦”.
وجاء في سورة آل عمران: “وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥٧”.
ومنه قوله تعالى:
“وَٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَمۡ يَخِرُّواْ عَلَيۡهَا صُمّٗا وَعُمۡيَانٗا ٧٣” (سورة الفرقان) أي تفكّروا وتدبّروا آياته كما قال: “كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٢٩” (سورة ص).
وقال حسان بن ثابت الأنصاري يرثي عمر الفاروق رضي الله عنه:
وفَجَّعَنا فيروز لا دَرَّ درُّه | بأبيض يتلو المحكمات منيب |
رؤوفٍ على الأدنى غليظٍ على العدا | أخي ثقة في النائبات نجيب |
متى ما يقل لا يكذب القولَ فعلُه | سريع إلى الخيرات غيرِ قطوب[77] |
فـ”غير قطوب” أي مسفر وجهه و”بأبيض” أي برجل أبيض.
وقال سويد بن كراع العكلي (مخضرم):
وذاك مني هوًى قد كان أضمره | قلبي فما ازداد من نقص ولا نفدا[78] |
“فما ازداد من نقص” أي زاد ونما وثرى.
وقال ذو الرمة:
حوراءَ عجزاءَ لم تُقذَف بفاحشة | هيفاء رعبوبة ممكورة القصب[79] |
فـ”لم تقذف بفاحشة” أي هي عفيفة أحصنت فرجها.
وملخص القول أنّ هناك فرقًا كبيرًا بين “لا يفعل” و”ليس يفعل” فالأول يدلّ على مجرد النفي في الحال أو المستقبل بينما الثاني ينفي ما سيقع أو يمكن وقوعه نفيًا باتًّا.
هوامش المقال:
[1] شعراء أمويون، ص 63
[2] ديوانه، ص 71
[3] شرح ديوان الحماسة، 2/102
[4] ديوانه، ص 49
[5] شرح ديوانه، ص 208
[6] ديوانه، ص 78
[7] ديوانه، 1/341
[8] ديوانها، ص 38، تخويد: إسراع
[9] ديوانه، ص 77
[10] ديوانه، ص 21
[11] والجانب: غريب
[12] ديوانه، ص 58
[13] ديوانه، ص 89-90
[14] ديوانه، ص 133
[15] ديوانه، ص 113
[16] ديوانه، ص 97
[17] ديوانه، ص 99
[18] ديوانه، ص 12، معتب: سوء وضرر
[19] ديوانه، ص 62، يصال به: يفتخر به. أمر: كثير
[20] شرح ديوانه، ص 323
[21] ديوانه، 1/152، ويروى قطعتُ وصالها، وصرمتُ حبالها.
[22] ديوان المفضليات، ص 118
[23] ديوانه، ص 116
[24] ديوانه، ص 76
[25] ديوانه، ص 64
[26] ديوانه، ص 136
[27] شرح ديوانه، ص 188
[28] ديوانه، ص 56
[29] ديوانه، ص 211 والذكر الرفيع هو الصيت الطائر كما قال تعالى: “وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ ٤”. (سورة ألم نشرح)
[30] ديوانه، ص 168
[31] شرح ديوانه، ص 39
[32] شرح ديوانه، ص 59
[33] شرح ديوانه، ص 78
[34] شرح ديوانه، ص 114
[35] شرح ديوانه، ص 116
[36] شرح ديوانه، ص 140
[37] شرح ديوانه، ص 201
[38] ديوانه، 2/598
[39] أزِف: اقترب كما في قوله تعالى: “أَزِفَتِ ٱلۡأٓزِفَةُ ٥٧ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ ٥٨”. (سورة النجم)
[40] ديوانه، ص 45
[41] ديوانه، ص 90
[42] ديوانه، ص 83 والأبلغ كليل رحل، فإنّ الليل يشبه الشباب حيث يكون شعر الرجل مسودًّا كما أنه يتغير فيصير أبيض كالصبح.
[43] ديوانه، ص 88
[44] ديوانه، ص 92
[45] ديوانه، ص 98
[46] ديوانه، 1/215
[47] شعره، ص 129
[48] ديوانه، ص 299
[49] ديوانه، ص 522
[50] ديوانه، ص 540
[51] ديوان المفضليات، ص 142
[52] شرح ديوان الحماسة، 1/154
[53] شرح ديوان الحماسة، 1/157
[54] ديوانه، ص 59
[55] ديوانه، ص 258
[56] ديوانه، ص 304
[57] مخدم: خلخال، يندر: يسقط
[58] ديوانه، ص 119-120
[59] كتاب الأشباه والنظائر، 1/72
[60] ديوانه، ص 119
[61] شعره، ص 52
[62] شعره، ص 59 والقليل هنا معدوم.
[63] حق: واجب، جانب: أجنبي
[64] ريف: سعة في المآكل والمشارب
[65] كما في قوله تعالى: “فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَهُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَم مَّنۡ خَلَقۡنَآۚ إِنَّا خَلَقۡنَٰهُم مِّن طِينٖ لَّازِبِۢ ١١”. (سورة الصافات)
[66] ديوانه، ص 48
[67] ديوانه، ص 59
[68] معاني القرآن، 1/75
[69] عشرة شعراء مقلّون، ص 17
[70] مختلق: تامّ الخلق، كفر: عقاب من الجبال
[71] ديوانه، ص 386
[72] عشرة شعراء مقلّون، ص 278
[73] عشرة شعراء مقلّون، ص 130 والبيت ينسب إلى بعض بني قيس، شرح ديوان الحماسة، 1/26
[74] شعره، ص 125
[75] ديوانه، ص 634
[76] شرح ديوانه، 3/64
[77] شرح ديوانه، ص 40-41
[78] عشرة شعراء مقلّون، ص 90
[79] ديوانه، ص 32، حوراء: جميلة العينين، ممكورة القصة: ممتلئة الساق
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم
- ديوان أبي النجم العِجْلِي، جمع وشرح وتحقيق: محمد أديب عبد الواحد جمران، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 2006م
- ديوان أعشى همدان، تحقيق: د. حسن عيسى أيو ياسين، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، ط1، 1983م
- ديوان الأخطل، شرح: مهدي محمّد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1994م
- ديوان الأعشى الكبير بشرح محمود إبراهيم محمد الرضواني، وزارة الثقافة والفنون والتراث، إدارة البحوث والدراسات الثقافية، الدوحة، قطر، 2010م
- ديوان الأقيشر الأسدي، صنعة: د. محمد علي دَقَّة، دار صادر، بيروت، ط1، 1997م
- ديوان الخنساء، اعتنى به وشرحه: حمدو طمّاس، دار المعرفة، بيروت، 2004م
- ديوان الرماح ابن ميادة، جمع وتحقيق: د. حنا جميل حداد، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1982م
- ديوان الفرزدق، شرح الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1987م
- ديوان القطامي، تحقيق: إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب، دار الثقافة، بيروت، ط1، 1960م
- ديوان الكميت بن زيد الأسدي، جمع وشرح وتحقيق: د. محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م
- ديوان المفضليات للمفضل الضبي، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون، دار المعارف، ط6
- ديوان النمر بن تولب العُكلي، شاعر مخضرم، جمع وشرح وتحقيق: د. محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م
- ديوان الهذليين، الجمهورية العربية المتحدة، الثقافة والإرشاد القومي، طبعة دار الكتب، 1996م
- ديوان امرئ القيس، ضبطه وصحّحه: الأستاذ مصطفى عبد الشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م
- ديوان أمية بن أبي الصلت، جمع وتحقيق ودراسة: د. عبد الحميد السطلي، دمشق، 1974م، د.ت.
- ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (جمع وترتيب: عبد العزيز الكرم)، ط1، 1988م
- ديوان بِشر بن أبي خازم الأسدي، تقديم وشرح: مجيد طراد، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1994م
- ديوان تأبط شرًا وأخباره، جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1984م
- ديوان حاتم الطائي، دار صادر، بيروت، 1981م
- ديوان حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي، شرح: ضابط بالحربية، مطبعة السعادة، مصر، د.ت
- ديوان ذي الرمة، تقديم وشرح: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1995م
- ديوان زهير بن أبي سلمى، شرح وتقديم: الأستاذ علي حسن فاعور، دار التب العلمية، بيروت، ط: 1، 1988م
- ديوان طرفة بن العبد، شرح وتقديم: مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط3، 2002م
- ديوان طفيل الغنوي، تحقيق: حسّان فلاح أوغلي، دار صادر، بيروت، ط1، 1997م
- ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات (ت 75ه)، تحقيق وشرح: د. محمد يوسف نجم، دار صادر، بيروت، د.ت.
- ديوان عدي بن زيد العبادي، تحقيق وجمع: محمد جبار المعيبد، شركة دار الجمهورية للنشر والطبع، بغداد، 1965م
- ديوان عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر.
- ديوان قيس بن الملوّح- مجنون ليلى، دراسة وتعليق: يُسري عبد الغني، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1999م
- ديوان كعب بن زهير، تحقيق: الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997م
- ديوان لبيد بن أبي ربيعة العامري، دار صادر، بيروت، د.ت.
- شرح ديوان الحماسة للعلامة التبريزي، دار القلم، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى
- شرح ديوان روبة بن العجاج، تحقيق: د. ضاحي عبد الباقي محمد، جمهورية مصر العربية، مجمع اللغة العربية، ط1، 2011م
- شرح ديوان عنترة بن شداد العبسي، للعلامة التبريزي، دار الكتاب العربي، ط1، 1992م
- شعر إبراهيم بن هرَمة القرشي، تحقيق: محمد نفاع وحسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1869م
- شعر الحارث بن خالد المخزومي، جمع وتحقيق: الدكتور يحيى الجبوري، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، ط1، 1972م
- شعر عروة بن أذينة، تحقيق: د. يحيى الجبوي، دار القلم، الكويت، ط2، 1981م
- شعر نُصَيب بن رَباح، جمع وتقديم: داود سَلّوم، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1967م
- شعراء أمويون، د. نوري حمودي القيسي، مكتبة النهضة العربية، بيروت، ط1، 1985م
- عشرةُ شعراء مقلّون، صنعة: أ.د. حاتم صالح الضامن، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، العراق، 1990م
- كتاب الأشباه والنظائر للخالديين، تحقيق: د. السيد محمد يوسف، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، د.ت.
- معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء، عالم الكتب، بيروت، ط3، 1983م
*مدير تحرير “مجلة الهند” وأستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند
Leave a Reply