يعد البروفيسور شبير أحمد الندوي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة لكناؤ سابقاً والحائز على الجائزة التقديرية من فخامة رئيس الجمهورية الهندية عام 2009م من أهم الأساتذة البارعين في الهند الذين ذاع صيتهم بين الأوساط العلمية والأدبية والفكرية بفضل ما يملكون من خبرات واسعة وقدرات فائقة على العلوم العربية والدراسات الإسلامية، وله العديد من الكتب العربية الأدبية والمقالات القيمة والبحوث الأكاديمية ومن أهمها : “كتاب نفحات من الأدب العربي في الهند” وكتاب “ترويج اللغة العربية وآدابها في الهند” وكتاب ” مساهمة الهنود في تطور اللغة العربية وآدابها خلال العصر المغولي” وغيره الكثير، والأهداف الأساسية من هذا الحوار إبراز جوانب مختلفة من حياة البروفيسور الدكتور شبير أحمد الندوي الذي كان أستاذاً بارعاً في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة لكناؤ وعرض خبراته العميقة في المجالات الشتى من العلوم والفنون والترجمة للإفادة العامة وهي كالآتي : –
1-السؤال: يا سعادة الأستاذ! قبل كل شيء أخبروني من فضلكم عن أسرتكم الكريمة والبيئة التي نشأتم فيها، وكذلك أخبروني عن الأسرة التي تنتمون إليها؟
الجواب : أسرتي كانت أسرة دينية، وكان جدي المعظم رحمه الله رجلاً مثقفاً دينياً وعالماً تقياً وكان رجلاً متديناً معروفاً بالصلاح والتقوى والتنحي عن المنكرات والأعمال التي لا علاقة لها بالإسلام عن بعيد، وكان شهيراً يُدْعَى “صوفياً” في الأسرة وفي المجتمع أيضاً قبل ثمانين أو تسعين سنة، وكان يواظب دائماً على الصلوات الخمس، ويتلو القرآن الكريم، وكذلك كان كل من إخواننا وأخواتنا يواظب على الصلوات الخمس، ودرسنا منه القرآن الكريم وحفظنا عدداً من آي القرآن الكريم، هكذا نستطيع أن نقول إن بيئة أسرتي كانت بيئة دينية حقاً، ووالدي الكريم محب الله رحمة الله عليه أيضاً كان رجلاً دينياً مثقفاً وعالماً تقياً وخطيباً بارعاً كان يلقي خطبة مرتجلة رائعة بالأردية في شتى المساجد، كان حافظاً للقرآن الكريم، وأنه حفظ القرآن الكريم في أوائل عمره، وكان له باع طويل في الدراسة والتدريس وكان يتقن اللغتين : الأردية والفارسية ويجيدهما، وأما والدتي رحمها الله فلم تكن قارئة شأن السيدات العقائل في مجتمع ذلك العصر.
2-السؤال: يا سعادة الأستاذ! ولدت كما عرفنا من خلال سيرتكم الذاتية عام 1948م أي بعد سنة واحدة لتقسيم بلادنا الهند، فسؤالي هنا كيف كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت فيها؟
الجواب: عزيزي الكريم! مما لا شك فيه أن الأوضاع كانت قاسية جداً، وكانت الهند تمر بمرحلة عنيفة، وتواجه أزمات وقضايا شديدة في عام 1948م، وكان المسلمون متفرقين منضوين تحت رأيات مختلفة، بينما هاجر عدد كبير من السراة الأثرياء إلى باكستان، ولم يبق في الهند من المسلمين إلا من كان يعاني البؤس والشقاء، ويقاسي مرارة الفقر، وقضوا فترة من الزمان يخافون فيها على أنفسهم القتل وعلى أموالهم النهب والسلب مما أدى بالأمة الإسلامية الهندية إلى الشعور بالهوان ومركب النقص واليأس، فانقطع من جراء ذلك ما كانوا يتمتعون به من التقدم والازدهار، وتخلف المسلمون عن العلوم والمعارف ولاسيما العلوم العصرية، ولا تزال آثار ذلك ملموسة إلى يومنا هذا.
3-السؤال: يا حضرة الأستاذ! حدثوني من فضلك على الأقل كيف بدأت مسيرة التعليم الابتدائي والثانوي والعالي بقدر من الإيجاز؟
الجواب: شكراً لك عزيزي الكريم! من حسن حظي أني ولدت في أسرة علمية نبيلة أدت دوراً بارزاً ملموساً في تاريخ الهند، هذه هي الأسرة التي تسمى بأسرة الشيخ عبد الجبار رحمه الله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وأما بالنسبة لطلب العلم فتلقيت التعليم الابتدائي من والدي الجليل وغيره من نساء البيت، وقرأت “القاعدة البغدادية” وتعلمت اللغة الأردية قراءة وكتابة، وأكملت حفظ القرآن الكريم في المدرسة المسماة بـ” أنجمن محمدي” الواقعة في أترولة بمديرية غوندة بولاية أترابراديش (الهند) حيث شرعت في تعلم اللغة العربية، ومن السعادة الكبرى أن الله سبحانه وتعالى قد أتاح لي فرصة غالية جداً، وقد منَّ عليَّ خاصة بأنه وفقني للحصول على العلوم الدينية الشرعية والدراسات الإسلامية، ومن الجديد بالذكر أني درست في دار العلوم التابعة لندوة العلماء، لكناؤ الهند التي هي جامعة عالمية إسلامية شهيرة تحمل أهمية كبيرة وصيتاً عميماً .
4-السؤال: كما قلت مسبقاً تلقيت التعليم الابتدائي في مدرسة “أنجمن محمدي” ودرست اللغة العربية وآدابها بدار العلوم التابعة لندوة العلماء لكناء (الهند) كما تلقيت التعليم العالي بجامعة لكناؤ، فهل يمكنك مشاركة معي عن هذا السفر الميمون من دار العلوم إلى جامعة لكناؤ (الهند)؟
الجواب: نعم! توجهت من غوندة إلى لكناؤ، والتحقت بدار العلوم لندوة العلماء في عام 1960م وأكملت الدراسة في مرحلة العالمية والفضيلة وشمرت عن ساق الجد للالتحاق بجامعة لكناؤ، والحمد لله قد فزت في ذلك الجد، ولا يعود الفضل في ذلك إلا إلى الله تبارك وتعالى، وحصلت على شهادة البكالوريوس والماجستير في الفنون والآداب، وشهادة الدكتوراة من جامعة لكناؤ في عام 1978م، ونجحت في جميع الاختبارات بتقدير ممتاز، وأكرمتني جامعة لكناؤ بالميدالية الذهبية.
5–السؤال: حصلت على شهادة العالمية بدار العلوم التابعة لندوة العلماء، لو سمحت هل يمكن لي أن أسأل متى التحقت بهذه الجامعة العريقة الشهيرة في العالم؟ وكيف تعلمت اللغة العربية وآدابها، ومن هم الأساتذة الممتازون الذين قد استفدت منهم استفاداً تامة؟
الجواب: حصلت على شهادة العالمية من دار العلوم التابعة لندوة العلماء لكناؤ التي هي القطب التي تدور حوله رحى المنى والأماني. وأما التحاقي بهذه الدار فكان في عام 1960م، وكنت تعلمت اللغة العربية بكل رغبة شديدة وجد كبير وجهد عظيم، وما قصرت في الحصول على هذه اللغة المذكورة بل اغتنمت الفرصة وبذلت كل ما في وسعي في هذا السبيل، أما أساتذتي الكبار الذين كنت قد استفدت منهم استفادة كبيرة تامة فأخص بالذكر منهم : سعادة العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله، والأستاذ محبوب الرحمن الأزهري، والأستاذ السيد محمد الرابع الحسني الندوي أطال الله عمره ، والدكتور سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وفضيلة الشيخ محمد أويس الندوي، والدكتور السيد محمد اجتباء الحسيني الندوي، والمفتي محمد ظهور الندوي، والشيخ محمود الحسن اللكهنوي.
6-السؤال : هذه حقيقة جلية أن دار العلوم التابعة لندوة العلماء أنجبت العديد من الأعلام الكبار والمشايخ الإعظام والمؤلفين المثقفين البارزين في كل ميدان من العلوم والفنون، فإلى أي مدى وأنت تأثرت بهؤلاء العلماء البارزين، ومن هم الذين قاموا بمساهمات فعالة في بناء شخصيتك الفذة علمياً وأدبياً وثقافياً عامة وفي مجال الترجمة خاصة ؟
الجواب : أنا موافق على رأيك مائة بالمائة بأن دار العلوم ندوة العلماء أنجبت العديد من العلماء الكبار الذين ما زالوا ولا يزالون يخدمون العلوم الشرعية من التفسير والحديث والفقه ويكشفون القناع عن أسرار الشريعة، ويتولون شرح العلوم العقلية من الفلسفة والمنطق وعلم الكلام والعلوم اللغوية من النحو والصرف والبلاغة وفقه اللغة، وأما الشخصيات العباقرة الذين قاموا بخدمات جليلة عظيمة مرموقة في مجالات شتى، فمنهم العلامة الشيخ أبو الفضل عبد الحفيظ البلياوي، وسعادة الشيخ محمد أويس الندوي، والعلامة شبلي النعماني، والعلامة السيد سليمان الندوي، والشيخ عبد الحي الحسني، والعلامة أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمهم الله وغيرهم، وهناك كثير من العلماء الكبار الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل نشر العلوم الفكرية والفنون الأدبية، وأما الأساتذة الذين قد استفدت منهم بطريقة مباشرة وخاصة في مجال الترجمة فمنهم الأستاذ الكبير والمدير الشهير سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، والأديب الأريب العلامة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي، والأستاذ السيد محمد اجتباء الحسيني الندوي.
7-السؤال: قضيت العمر الطويل في الدراسة والتدريس، كما عملت كأستاذ ممتاز للغة العربية والدراسات الإسلامية في مختلف الجامعات والكليات الهندية مثل جامعة لكناؤ ودار العلوم، كيف كانت تجربتك فيها كطالب وأستاذ التي شعرتها خلال الدراسة والتدريس؟
الجواب: أما تجربتي كطالب للعلم فلا يسعني في هذا الصدد إلا أن أقترح على كل طالب أن يقبل على مطالعة الكتب ودراستها إقبالاً كلياً، ولا يضيع وقته الثمين، ويغتنم هذه الفرصة للاستزادة من العلوم والمعارف. وأما تجربتي كأستاذ فأشير على كل من يمارس التدريس ألا يبخل بما عنده من علم ويضطلع بمسئولية نشره.
8-السؤال: إن مدينة لكناؤ التي لا تزال تقيم مع أسرتك الكريمة تعد من منبع العلوم والفنون، ولقد أنجبت هذه المدينة عدداً هائلاً من الأعلام الكبار والكتاب البارزين والمشايخ النابغين والمؤلفين المثقفين الباحثين في كل ميدان من العلوم والفنون فإلى أي مدى تأثرت بهؤلاء العلماء البارزين؟ ومن هم الذين قد استفدت منهم استفادة تامة؟
الجواب: مما لا شك فيه أن مدينة لكناؤ تحمل أهمية كبيرة فقد ظلت مهداً للحضارة والثقافة ومركزاً للعلوم والفنون وشهدت فترة طويلة لحكم النواب وتعلمت بفضل إقامتي فيها آداب المجلس وما يدور فيه من الحديث والحوار، وطرق الارتداء ولبس الملابس. وكنت أيضاً استفدت من بيئة هذا البلد العلمية والأدبية الثقافية كثيراً جداً، وأما الشخصيات العباقرة الذين خدموا في هذا المجال فعددهم كبير هائل جداً لا يمكن إحصاءهم، ولكن يحلولي أن أذكر عدداً من هؤلاء العلماء الأعلام الذين كانوا أئمة ربانيين ومرشدين روحيين وزعماء سياسيين في وقت واحد، وقد ارتبط بهم العامة والخاصة على حد سواء، ومن بينهم الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي، والشيخ محمد منظور النعماني، والشيخ عبد الماجد الدريابادي، والشيخ محمد هاشم الفرنجي محلي، والشيخ محبوب الرحمن الأزهزي وغيرهم.
9-السؤال: يا سماحة الدكتور هل لديك أي شخصية علمية أدبية عالمية أو محلية أعجبتكم أكثر، ولماذا؟
الجواب: من ذا الذي يكون خيراً وأحسن من الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي فقد أعجبت به أيما إعجاب.
10-السؤال: كيف ترون الأدباء والكتاب في الهند أمثال غلام آزاد البلغرامي والشاه ولي الله الدهلوي والنواب صديق حسن خان القنوجي والشيخ السيد سليمان الندوي، والعلامة عبد الحي الحسني؟
الجواب : لا شك في أن هؤلاء العلماء الكبار والشعراء العظام كلهم كانوا رواد العربية ومنبعاً ثراً للثقافة الإسلامية في الهند، وهم الذين قادوا حركة التأليف والتصنيف في اللغة العربية والفارسية والأردية فيها، تفتخر الهند بهؤلاء العلماء الكبار الذين بذلوا نفوسهم وأرواحهم لإحياء اللغة العربية وعلومها المختلفة وفنونها المتنوعة، ولعبوا دوراً هاماً في قيادة الأمة الإسلامية قبل استقلال الهند وبعده، ونفخوا في مواطني البلاد روح التعليم، وقاموا بتكوين الطبيعة العلمية في جميع أرجاءها، وإنشاء الكتاتيب والمدارس بكثرة كاثرة في مختلف البقاع والمناطق مما أدى إلى إيقاظ الشعور الديني في المسلمين حتى وسعهم إدراك خطورة الأوضاع في الهند ومقاومتها .
11-السؤال: كيف ترى مسعود بن سعد اللاهوري ومولانا أبا الكلام آزاد والعلامة السيد سليمان الندوي العلامة الشبلي النعماني رحمهم الله، وهل أنت قد استفدت أية شخصية منهم مباشرة وغير مباشرة؟
الجواب: هؤلاء هم العباقرة الذين يشار إليهم بالبنان وتُضرب إليهم أكباد الإبل، ويُعتبرون أعلاماً أفذاذاً ومنائر العلم والعرفان، وحلقات ذهبية من سلسلة المقررات الدراسية لا في الهند فحسب بل في العالم، وعلى كل فإن الأدب العربي في الهند يتجمل تاريخه بهم ويزدان بكتاباتهم، ولكنني لم أتمكن من الاستفادة منهم، لأنني لم أشهد تلك الفترة من ذلك العصر، فهم بالنسبة لي ممن سلف من أكابر العلماء ولكنني قد قرأت كتبهم ومؤلفاتهم وبحوثهم وقد استفدت استفادة تامة وحتى الآن لا أزال أستفيد من أعمالهم العلمية وبحوثهم التاريخية .
12-السؤال: كما سمعت أنك استفدت استفادة تامة من سماحة العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي عندما كنت طالباً مجداً في دار العلوم التابعة لندوة العلماء، الهند، كيف ترى أفكاره الدينية الإسلامية وكذلك مناهجه التاريخية وأساليبه الأدبية العربية الأردية؟
الجواب: أي نعم! قد استفدت من أستاذنا الحبيب العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله رحمة واسعة، وجعله من ورثة جنة النعيم ( آمين) والشيخ الندوي كانت له منزلة رفيعة ومكانة مرموقة بين العلماء الكبار والمشايخ العظام في هذا العصر، قرأت من البداية إلى النهاية معظم مصنفاته الأدبية ومؤلفاته الثقافية والتاريخية والفكرية، وكان أسلوبه علمياً رائعاً جذاباً وخلاباً، وألفاظه لطيفة سهلة وكلماته مختارة بديعة وتراكيبة متينة أنيقة وأساليبه أخاذة، لا جرم أنه كان رجلاً صالحاً وممثلاً للفكرة السليمة الصالحة، وداعياً إلى نظام صالح، فهو غني عن كلمات الإشارة والتنويه والثناء .
13-السؤال: يا سعادة الأستاذ! نحن الهنود نتعلم اللغة العربية وآدابها كلغة دينية إسلامية فقط، ولا نتعلمها كلغة عربية حية جادة ولغة التحدث والتخاطب والتواصل، كيف ترى هذا الاتجاه؟
الجواب: هذا الاتجاه صحيح ولكن يحتاج إلى شيء من التغيير والتطوير، ذلك لأن اللغة العربية حية ونابضة بالحياة، وتغطي جميع جوانب الحياة والمجتمع ابتداء من المسجد ومروراً بالسوق ووصولاً إلى البرلمان، وإن دلَّ اعتبارها محدودة ضيقة النطاق على شيء فإنما يدل على قصور الفهم.
14-السؤال: أعتقد أن اختصاصكم هو في الأدب العربي ا لحديث والقديم في شبه القارة الهندية، كما أنت كتبت العديد من الكتب الأدبية والتاريخية حول هذا العنوان المحدد الشامل مثل: نفحات من الأدب العربي في الهند، وتطور اللغة العربية وآدابها في الهند وغيره، فسؤالي هنا كم كتباً وأنت قمت بالتأليف والتصنيف وعلى أي موضوع؟
الجواب: لقد كان اختصاصي مؤسساً على المناهج والأساليب في الترجمة من اللغة العربية والأردية وبالعكس، والأدب العربي المعاصر وألفت نحو عشرة كتب في هذا الموضوع معظمها قيد الطبع، وعلى كل حال فقد تعرضت في كتبي للبحوث العربية الأدبية، وأوردت فيها كثيراً من المباحث التي تتعلق باللغة العربية وآدابها.
15-السؤال: يا سماحة الدكتور إن كتابك الرائع المسمى بـ “نفحات من الأدب العربي في الهند” يعتبر من أهم الكتب الأدبية لدى الأكاديميين في الهند، وأن هذا الكتاب كما أعتقد داخل في المقررات الدراسية على مستوى الماجستير في جامعة لكناؤ (الهند)، وما هو الشيء الوحيد الذي تجبرك على تأليف هذا الكتاب الشهير، وما هي القضايا الهامة التي تناولتها فيه؟
الجواب : وبالطبع أن هذا الكتاب يعتبر من أهم الكتب الأدبية في الهند، وهو مجموعة من النثر والنظم تعرض نماذج لعدد من نوابغ الهند وعباقرتها الأفذاذ، يشتمل قسم النثر على نصوص الشيخ أحمد بن عبد الرحيم المحدث المعروف بولي الله الدهلوي والعلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي وهما يعتبران من العلماء الكبار والأدباء النابغين الذين اشتهروا في بلاد العرب والعجم بشخصياتهم القوية وأفكارهم القيمة فمنهم من لا يوجد لهم نظير في الكتابة العلمية السلسلة السهلة السائغة، ومن بين الشعراء الذين وقع اختيارنا على نماذجهم الشعرية الشيخ غلام آزاد البلجرامي المعروف بـ” حسان الهند” والمشهور في بلاد العرب والعجم بديوانه الشعري “السبع السيارة” وأستاذ العلامة شبلي النعماني، والشيخ فيض الحسن السهارنفوري الذي كان يعتبر في عصره مرجعاً للأدباء في الهند، والشيخ حميد الدين الفراهي الذي كان شاعراً مفلقاً إلى جانب كونه كاتباً قديراً للنثر الفني، إن أعظم ما حملني على تأليف هذا الكتاب هو الشعور بمسيس الحاجة إلى وضع مجموعة تمثل الأدب العربي- نثراً وشعراً -على الصعيد الدولي: وذلك لأنني لمست من خلال استعراض الأدب العربي على النطاق العالمي أنه يخلو من إنتاجات الأدباء النبغاء الذين أنجبتهم الهند . ولذك نرجو من طلاب المدارس والجامعات العصرية في الهند والمشتغلين بالعربية تعلماً وتعليماً أن يقرأوا هذه المجموعة بشغف ونهامة، ويتمتعوا بالنصوص الأدبية التي أنتجها أسلافهم وآبائهم الأقدمون ويتذوقوا ما فيها من أدب رفيع نزيه حتى يشعروا في داخل أنفسهم بطمأنينة روحية إلى جانب الاعتداد بالنفس ويستطيعوا أن يقولوا:
أولئك أبائي فجئني بمثلهم | إذا جمعتنا يا جرير المجامع |
16-السؤال: هل بإمكانك أن تقول لي ما هي الكتب العلمية والأدبية والفكرية والتاريخية المفضلة لديكم وكذلك ما هي الكتب المؤلفة والمصنفة والمترجمة التي قد استفدت منها كثيراً خلال إعداد كتاب “نفحات من الأدب العربي في الهند”؟
الجواب: أما الكتب التي قد استفدت منها خلال إعداد “نفحات من الأدب العربي في الهند” فكثيرة ويتضمن فهرس المراجع الأدبية والمصادر العلمية أسماء كثير من الكتب، من شاء الاطلاع عليها فليرجع إليها.
17-السؤال: يا فضيلة الأستاذ! قمت بإعداد رسالتك الجامعية كما عرفت من خلال سيرتك الذاتية حول الموضوع “مساهمة الهنود في تطور اللغة العربية وآدابها خلال العصر المغولي” وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 1978م بجامعة لكناؤ، فسؤالي هنا ما هي الميزة البارزة لهذه الرسالة، أخبرني من فضلك بشيء من الإيجاز بعض النقاط الهامة لهذه الرسالة الجامعية؟
الجواب: لقد اشتهر العصر المغولي -بصفة عامة – بازدهار اللغة الفارسية، فلم يكن فيه مجال لتقدم اللغة العربية، لكنه من الواقع أنه عاش فيه نبغاء العربية من أمثال الشيخ عبد النبي، وصدر الصدور، والعلامة محمد بن طاهر الفتني، والشيخ العلامة على المتقي، والشيخ عبد الحكيم السيالكوتي، والشيخ حسن الصغاني اللاهوري وغيرهم ممن اشتغلوا بخدمة الحديث النبوي الشريف.
18-السؤال: يا أستاذنا الغالي أنت أستاذ بارز وكاتب ومترجم شهير في الهند، وأنت لا تزال تكتب البحوث والمقالات في الجرائد والمجلات الدولية والوطنية في اللغات الثلاث، ولا شك فيه القول إن لديك تجربة كثيرة ومهارة فائقة في العلوم والفنون واللغات، لذلك أوجه إليك سؤالاً ما هو شيء مهم واجهته خلال كتابة هذه البحوث والكتابات العلمية والأدبية في اللغة العربية والإنجليزية والأردية كذلك؟
الجواب : مطالعة الكتب ودراستها دراسة عميقة والاستفادة من كل صغير وكبير ومن كل حاف ومنتعل .
19-السؤال: من هم الأدباء الممتازون العبقريون من منظورك الخاص في العصور العربية المختلفة؟
الجواب : أما الأدباء الممتازون العبقريون نخص بالذكر منهم على سبيل المثال عبد الله بن المقفع والأستاذ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ والإمام حسن بن محمد الحسن الصغاني اللاهوري والشيخ علي بن حسام الدين المتقي البرهانفوري، والإمام ولي الله الدهلوي، والسيد مرتضى بن محمد البلجرامي الزبيدي،والأستاذ عبد العزيز الميمني والشيخ أبو عبد الله محمد السورتي والعلامة السيد سليمان الندوي والأستاذ الدكتور أحمد أمين، والسيد قطب والشيخ علي الطنطاوي، والأستاذ مسعود عالم الندوي، والشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي والشيخ محمد ناظم الندوي رحمهم الله وغيرهم .
20-السؤال: تأثرت بالتصوف والسلوك كما سمعت من بعض أصدقائي، فسؤالي هنا كيف ترى التصوف الرائج في هذا العصر في شبه القارة الهندية، وما هو رأيك عن مولانا جلال الدين الرومي، وأمير خسرو، وأشرف على التهانوي وأحمد رضا خان البريلوي، أي تعليقات بهذا الصدد؟
الجواب: التصوف إذا كان قائماً على الأساس الصحيح ويطابق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولا يحيد عنها قيد شعرة فهو أجدر بالاتباع والقبول عند الله، وأما هؤلاء العلماء الذين ذكرتهم فكانوا على درب صحيح وصراط مستقيم ولا نزكي على الله أحداً.
21-السؤال: قمت بترجمة الكتاب المسمى بـ “شبهات حول الإسلام” لسيد قطب إلى اللغة الأردية بعنوان “كيا مذهب أفيم هي”؟ يا أستاذ كيف ترى أن الشيوعيين لا يعتمدون على الله وحده كيف ندعوهم إلى الدين السماوي الذي جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لسائر الأمة، كيف تفسر هذا الاتجاه؟
الجواب: ندعوهم إلى الإسلام بأحسن الأساليب والحكمة والموعظة الحسنة، وكذلك ندعو الناس كلهم جميعاً لا المسلمين وحدهم بل البشرية جمعاء إلى دين الله فالإسلام دين للعالمين.
22-السؤال: ما هي طرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها من وجهة نظركم الخاص؟
الجواب: هذا مما يتعلق بالبيئة ليس من المستطاع حصره في طريق واحد.
23–السؤال: قضيت العمر الطويل في التأليف والكتابة وأنت لاتزال تكتب منذ نعومة أظفارك، الآن فكيف ترى إلى فن الصحافة؟ وما هي الفروق الواضحة التي تلاحظه بين الصحافة في الماضي والصحافة في الوقت الحاضر؟
الجواب: الصحافة في يومنا هذا تختلف عن الصحافة قبل هذا الزمان، بينهما بون شاسع وفرق واضح من مختلف الجوانب والنواحي، لأن الشيء يتغير وإن كان قليلاً على مر الدهور وكر العصور.
24-السؤال: ما هي التحديات والمشكلات التي تواجهها اللغة العربية في الهند الآن؟
الجواب: التحديات أمامنا كثيرة ومتنوعة والمشكلات التي تواجهها اللغة العربية في الهند هائلة جداً ولا بد من السعي الدائب لمواجهة هذه التحديات ومقاومة هذه المشكلات، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
25- السؤال: كيف ترى مستقبل اللغة العربية في الهند؟
الجواب: سيكون مستقبل اللغة العربية لامعاً إن شاء الله، لست قانطاً لأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه والقنوط كفر والعياذ بالله.
26–السؤال: هل يكون الأدب مصدراً قوباً للعيش في هذا الزمان، كيف ترى؟
الجواب: هذا ليس صحيحاً مائة في المائة بل الأدب في أمس حاجة إلى رجالات يحملون عواطف جياشة ومشاعر طيبة نحو اللغة والأدب هكذا يمكن أن يكون الأدب مصدراً قوياً للعيش.
27-السؤال: ما هي النصائح والاقتراحات التي تريد أن تقدم للأجيال القادمة على العموم وللذين يدرسون اللغة العربية والدراسات الإسلامية في المدارس الكليات والجامعات في مختلف أنحاء الهند؟
الجواب: لا أقول لهم إلا ما قاله العلامة أبو الحسن علي الحسني الندوي من التزام الإخلاص والاختصاص الذين يعتبران عاملين مهمين وعنصرين قويين في تكوين الشخصية بالإضافة إلى السعي المتواصل والجهد المستمر.
28-السؤال: هل لديك أي مشورة ونصيحة لطلاب العلم والأدب الذين يرغبون في الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية وبالعكس؟
الجواب: أشير على الطلاب الأعزاء أن يجيدوا اللغة العربية والإنجليزية إجادة تامة، إننا نرى أن الطلاب لا يرغبون في القراءة والمطالعة فعليهم أن يقضوا أوقاتهم الثمينة في الدراسة والكتابة والمطالعة، وفي نهاية المطاف أشكركم على إجراء هذا الحوار معي، وإتاحة الفرصة لأخاطب طلبتنا الأعزاء في الهند، وآمل أن يستفيد منه طلبتنا في كل بقعة من بقاع الهند، وأسأل الله تعالى أن يوفقني للسداد في القول والعمل وأن يقيني الزيغ والزلل، والله ولي التوفيق.
شكراً جزيلاً على إتاحة هذه الفرصة السعيدة يا سعادة أستاذ الأساتذة، بارك الله في عمرك …. مع السلامة.
Leave a Reply