المقدمة:
كتب الأديب والروائي المصري الشهير علاء الأسواني عديداً من الروايات التي تحمل في طيها كثيراً من القصايا الاجتماعية والسياسية، ومنها رواية “نادي السيارات” التي نشرتها دار الشروق في مصر في عام 2013م.
ترجمت هذه الرواية إلى لغات مختلفة ومن أهمها الإنجليزية والفرنسية ومنحتها مجلة الناشرين الأميركيين رواية “نادي السيارات” لقب رواية الأسبوع على مستوى الولايات المتحدة الأميركية في عام 2015م ، وقدعالج الكاتب في هذه الرواية الأحداث المتعلقة بأربعينيات القرن الماضي وألقى الضوء على دخول السيارات في مصر وأحوال الشعب المصري آنذاك مع ذكر القضايا والمسائل التي تحدث في ذلك المجتمع.
قبل أن أدخل في صلب الموضوع أرى من المناسب أن أذكر بعض الجوانب المهمّة من حياته بالإيجاز، ليقف القارئ على ترجمته ومأثره.
نبذة عن المؤلف:
وُلد علاء الأسواني في مصر يوم 26 مايو عام 1957م([1]) في أسرة مثقفة حيث كان جده شاعراً وعم والدته محمد باشا العشماوي كان وزيراً للتعليم آنذاك، أما والده عباس الأسواني فقد انتقل من مدينة أسوان إلى القاهرة في سنة 1950م وكان محامياً وصحافياً وإذاعياً وروائياً وفنّاناً، كان يكتب مقالات في مجلة “روز اليوسف” تحت عنوان “أسوانيات” وحصل على جائزة الدولة التقديرية للرواية والأدب في عام 1972م([2]).
يتمتع الأديب بألقاب مختلفة بين الناس بسبب تناول الموضوعات المختلفة وترجع أسباب شهرته إلى تناوله للموضوعات السياسية والاجتماعية خاصة ومن أهم ألقابه: كاتب صحفي، وروائي مصري، ومعارض سياسي، وجراح مجتمع وذاعت شهرته بعد صدور روايته الأولى “عمارة يعقوبيان” في عام 2002م، التي تم تحويلها لفيلم سينمائي، بعدها كتب روايتي شيكاغو ونادي السيارات، وكتب المقالات السياسية المجمعة، لماذا لا يثور المصريون؟، وهل نستحق الديمقراطية؟، وغيرها من المقالات ولقد عالج قضايا عديدة مهمة من خلال أعماله مثل الكرامة والحرية والعدل والنفاق الاجتماعي والتطرف الديني والانحلال الخلقي ونال شهرة واسعة في مصر والعالم وحصل على جوائز عدة آخرها وسام الفنون والآداب الفرنسي بدرجة فارس.
ولا تقتصر شهرة الأسواني على الأوساط الأدبية والثقافية فقط بل تتعداها إلى الأوساط الشعبية، خاصة وأن الترجمة الإنجليزية لروايتيْه الشهيرتيْن “عمارة يعقوبيان” و”شيكاغو” قد دخلتا في قائمة “أفضل المبيعات” في الولايات المتحدة.
اكتسب علاء الأسواني شهرة سياسية، إلى جانب شهرته الثقافية، عندما دخل في مواجهة تلفزيونية مع الفريق “أحمد شفيق”، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك في شهر مارس عام 2011م وهذه المواجهة قد أجبرته إلى تقديم استقالته من منصبه في اليوم التالي وترشح أحمد شفيق للرئاسة، لكنه خسر في جولة الإعادة أمام محمد مرسي، المرشح الرئاسي، وقتها والذي أطاح به الجيش في شهر يوليو عام 2013م من منصبه كرئيس للجمهورية ([3]).
يمتد نضال علاء الأسواني لسنوات قبل الثورة المصرية وحاول من خلال مقالاته السياسية لكشف العورات السياسية والاجتماعية والدينية التي أضحت ظواهر ملازمة للمجتمع المصري([4]) وكتب علاء الأسواني عموداً صحفية منتظمة مع تسليط الضوء على القمع، والإساءات، والفساد وكذلك كتب الكثير من المقالات المعادية لنظام حسني مبارك، هو أيضاً ناشط سياسي، وواحد من أقوى وأقدم أعداء نظام المخلوع حسني مبارك، يكتب مقالات سياسية تخاف منها أنظمة الحكم في مصر، وينتظر عشرات الآلاف من القراء أسبوعياً لهذه المقالات، وتسببت هذه المقالات إلى إقلاع نظام المجلس العسكري والإخوان ومن حكمونا بعد 30 يونيو، وإلى الآن تشكّل مقالاته وآراؤه مصدر قلق لأنظمة الحكم القمعية في مصر والوطن العربي.
ينتمي علاء الأسواني إلى فئة المثقفين الذين يفنون أنفسهم من أجل قضية سامية، وهدفهم الوحيد هو الدفاع عن حقوق البسطاء بدون أي مبالاة المهاجمين والناقدين وظل نشاطه الأدبي جزءاً لا يتجزأ عن نشاطه المجتمعي ويحاول من خلال كتاباته إرجاع كرامة الإنسان المصري والدفاع عن الديمقراطية.
القضايا الاجتماعية في الرواية:
هذه الورقة البحثية تحتوي على القضايا الاجتماعية التي عالجها المؤلف في روايته “نادي السيارات”ولقد تناول الكاتب في هذه الرواية القضايا الاجتماعية العديدة ومنها: توقعات الزوجة من الزوج قبل الزواج، وشكوك المرأة في زوجها، وخيانة الزوج مع الزوجة، ومساعدة الزوجة زوجها في حال يتركه الجميع بعد فشله في أي مشروع، ورغبات الجنس لدى المسنّات، وعون الصديق صديقه الحميم في الحالات الصعبة، والخلافات بين الأب والبنت، وإشارة إلى شخصية سهلة للجنس ولكنها تساعد المجاورين في الحالات الصعبة، وعلاقة الابن مع الأم بعد الزواج، وتفادي القوانين في التعذيب من قبل المسؤولين، وقسوة الرئيس على مرؤوسيهم إلخ.. ولا يمكن لي إلقاء الضوء على جميع القضايا في هذه الورقة ولذا اقتصر بحثي على القضية الرئيسية في هذه الرواية.
ويجدر بيأن أوضح لكم معنى ومفهوم القضايا الاجتماعية قبل أن أذكر القضايا والمسائل بالتفصيل خلال روايته.
لا شك أن كل مجتمع صغيراً كان أو كبيراً يعاني عديداً من المشاكل الاجتماعية التي تؤثر عليه وتحيط به من كل جانب ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الأمية، والفقر، وعمالة الأطفال، وترويج المخدرات، والتسرب المدرسي وغيرها.
وإن قضية اجتماعية هي قضية اعترف بها المجتمع كمشكلة تمنع المجتمع من العمل على المستوى الأمثل ومن المهم أن نفهم أنه لا يتم رفع كل الأشياء التي تحدث في المجتمع إلى مستوى المشاكل الاجتماعية ولذا تم تحديد أربعة عوامل لاعتبار أي قضية كقضية اجتماعية. وتشمل هذه على:
1. يجب أن يعتبر الجمهور الوضع كمشكلة.
2. أن يكون الوضع ضدّ القيم العامة المقبولة من قبل المجتمع.
3. شريحة كبيرة من السكان تعترف بأن المشكلة تشكل مصدر قلق صحيح.
4. يمكن تصحيح المشكلة أو تخفيفها من خلال العمل المشترك للمواطنين و/ أو موارد المجتمع.
ولا نجد تعريفاً محدداً عن القضايا الاجتماعية بسبب اختلاف آراء العلماء والمفكرين وقد قدّموا تعاريف مختلفة حسب نظريتهم وفكرتهم، مراعين الأحوال الاجتماعية ومن الممكن أن تختلف المشاكل الاجتماعية من مجتمع إلى مجتمع آخر، مثلاً في مجتمع يشرب الناس الخمور بشكل كبير، ولكننا نجد في مجتمع آخر أن الناس مدمنون على المخدرات، وفي مجتمع آخر لا يمكن تصور الزواج بدون المهور الغالية وغيرها من المشاكل، وهذه كلها تندرج ضمن قائمة القضايا الاجتماعية والآن أذكربعض التعريفات عن القضايا الاجتماعية التي عرف بها العلماء:
1. قد ذهب فرانك إلى أنَّ المشكلة الاجتماعية هي أية صعوبة أو سوء تصرف لعدد كبير من الناس نسبياً من مما ترغب في إزالته أو إصلاحه. وأنَّ حل المشكلة الاجتماعية يعتمد بشكل واضح على اكتشاف وسيلة لهذه الإزالة أو الإصلاح ([5]).
2. وعرفها واينبيرك على أنَّها أنماط سلوكية أو حالات تعد مرفوضة أو غير مرغوب فيها من قبل عدد كبير من أعضاء المجتمع وإنَّ هؤلاء الأعضاء يعترفون بضرورة وضع الخطط والبرامج وتقديم الخدمات الإصلاحية في مجابهة هذه المشكلات والحد من مفعولها ([6]).
3. وعرفها الدكتور الطاهر على أنها انحراف واقعي أو خيالي عن القاعدة الاجتماعية التي يعتز بها عدد كبير من الناس أي إنها تتعلق بالقيم التي يقدسها الناس ولا يمكن الإحاطة بها دون الإحاطة بتلك القيم فهي إذن صراع قيمي بين قيم كانت سائدة ومقدسة في المجتمع تمارس شيئاً من السيطرة على ضمائر الناس وتوجه سلوكهم وبين قيم أخرى جديدة متصاعدة تريد أنْ تشق لها طريقاً جديداً في الوجود مثل النزاع القائم بين مؤيدي المشروبات الكحولية ومعارضيها فهي إذن شطط قليل من الناس عما ألفه الباقون من أفراد المجتمع ولهذا يتوجه المجتمع إلى تذليل تلك المشكلات أو القضاء عليها ([7]).
ويُفهم من التعاريف المذكورة أن المشكلة الاجتماعية انحراف عن قيم وعادات اجتماعية التي لا تتجزأ عن أي مجتمع.
والآن أدخل في صلب الموضوع مع ترك القضايا الأخرى التي تناولها الكاتب في هذه الرواية.
تبدأ هذه الرواية من قصة كارل بنز الذي يحاول اختراع العربة لتسيير السفر ويتناول الكاتب تواريخ اختراع السيارات عبر العصور ووصولها إلى مصر لأول مرة في عام 1890م، وكانت السيارة فرنسية الصنع من طراز “ديون بوتون” جلبها حفيد الخديوي إسماعيل، الأمير عزيز حسن الذي كان يعشق المغامرة والتجديد([8])، وافتتح نادي السيارات الملكي رسمياً لأول مرة عام 1924م([9]) وتم تعيين جيمس رايت مديراً لنادي السيارات والكوو اسمه الكامل “قاسم محمد قاسم” رئيساً للخدم الملكي وبحر البارمان و ركابيالشيف و المتر شاكر و يوسف طربوش رؤساء الخدم بنادي السيارات وتم وضع قوانين لعضوية نادي السيارات.
كان الكوو يقرّر القواعد لتقديم الخدمات في القصر ويعلّم العاملين طريقة المخاطبة ويعذّبهم في حالة تفادي هذه القواعد، ولا يجرؤ أحد أن يتفوّه ضده رغم قسوته عليهم في حين كانوا يقدّمون البوناس في كل شهر إليه ولكن هذا البوناس لا يفيدهم في أي حالة لأنه كان يؤاخذ الخدم في حال تواجد أي خطأ والمثال على ذلك ضرب الكوو عبدالعزيز الذي مات مع ترك أولادهم يتامى ولم يجرؤ أحد أن يعترض على الضرب بل هم كانوا يساعدون في تنفيذ العقوبات حتى على أصدقائهم كأنهم يحاولون إثبات ولائهم وإخلاصهم مع جناب الكوو.
ففي يوم تحضر زوجة عبدالعزيز مع أولادها للمعاش في النادي ولكنهم يرفضون ويقولون حسب اللائحة لا يتم توفير المعاش للمصريين ويجري الحوار حول هذه القضية بينهم وتُهدّد زوجة عبدالعزيز لرفع القضية في المحكمة في حال عدم توفير المعاش لأولادها فيعرض كومانوسوظيفتَيْن لأولاد عبدالعزيز لكي لا ترفع القضية في المحكمة وحدثت حادثة أخرى في تاريخ نادي السيارات مع إلحاق عبدون في نادي السيارات من قبل مدير النادي جيمس رأيت لإرضاء عشيقته أوديت فتال بدون إبلاغ الكوو ففي البداية حاول الكوو أن يجد أي خطأ من عبدون ويحضر في مكتب جيمس رايت لإخراجه ولكن كان عبدون ينجز جميع الأعمال بدقة ولا يبدو من أي طريقة كأنه شخص جديد في النادي، ففي يوم يحضر الكوو في مكتب جيمس رايت ويخبره أن عبدون يعترض على الضرب ويلتمس منه للسماح لتنفيذ العقوبة على ما قاله ولكن يرفض رايت طلبه ويقول لا تعتمد على الوشايات فيرجع الكوو من مكتبه بدون أي فائدة ويؤدّي عبدون خدماته في القصر بدون أي خوف في حين كان يتوقّع جميع الخدم أن جناب الكوو لا يتركه بدون عقاب وفي المساء بعد خروجه من المكتب يشرب رايت ويسكي ويفكّر عن حواره مع الكوو عن عبدون فيجد أن الكوو هو على الحق لكنه يتسامح مع عبدون لإرضاء عشيقته أوديت، يصل رايت إلى شقة أوديت ويخبرها عن جريمة عبدون فهي تعترض وتقول هذه جريمة قانونية في بريطانيا ويجري بينهما الحوار بين المصري والبريطاني فتهرب أوديت من الشقة بعد المناقشة مع رايت وتقول أنت شخص عنصري وتفرّق بين المصري والبريطاني حتى في التعذيب، رايت لم يستطع أن يبقى بدون أوديت فيرجع إلى شقتها بعد يوم ويقدّم الاعتذار عن الخطأ الذي ارتكبه ولم يسمح رايت لتنفيذ العقوبة على عبدون لأنه لم يكن يرغب في إغضاب عشيقته رغم أنه كان يعرف الحقيقة، في حين إلى جانب آخر كان الموظفون يتوقّعون أن جناب الكوو لا يترك عبدون بدون عقاب ولكن مضت الأيام ولم يتخذ الكوو أي إجراءات صارمة ضدّه كما كان يحدث في نادي السيارات فبدأوا يظنّون أنه جاسوس من قبل الكوو.
وكذلك حدثت حادثة ثالثة مع انتشار الكوليرا في نادي السيارات الذي فيه مات عبد الملاك ومرعي فتحضر أسرتهما للمعاش ولكن يتم منعهما عن توفير المعاش فيعترض عم سليمان ويفكّر لو لم نرفع أصواتنا ضدّ هذا القانون فسوف يعاملون نفس المعاملة مع أسرهم أيضاً ولا يعرف أحد متى يموت بعد أن انتشر الكوليرا في النادي كما هو حزين بعد وفاة أصدقائه فيأمر حميد الخدم لاعتقاله ولكن لم يتحرّك أحد من مكانه لأن عم سليمان هو أكبر بينهم ويفكّرون ماذا سيحدث معهم لو لم يترك حميد شخصاً في عمر أبيه ويصيح حميد مرةً أخرى أنا قلت لكم اعتقلوه فيعتقلوه الخدم وينفّذ حميد العقوبات عليه،حاول الخدم إخفاء تأثرهم لئلا تصدر منهم صيحة تنم عن استنكار أو تعاطف، والآن لم يتمكن عبدون ويسأل بقية الخدم إلى متى أنتم تحملون هذه الذلة وأنتم تُضربون؟ ولكن لا يجرؤ أحد أن يظهر موافقته مع عبدون فهو يقول أنا أقابل الكوو وألتمس منه إلغاء الضرب، فيحضر عبدون أمام الكوو ويلتمس منه إلغاء الضرب فهو يلغي الضرب في النادي رغم ذلك تحسنت أداء العاملين من الماضي، كل شيء كان يجري على ما يُرام إلى أن تُلتقط صورة ملك مصر والسودان مع عشيقته الذي يلعب القمار في النادي ويتم توزيعه على عامة الناس فيتم انقطاع البقشيش عن العاملين في حين هم كانوا مضطرّين لهذا البقشيش وإلا سوف يموت أبناءهم بالجوع لأن الراتب لا يكفي لهم حتى للإيجار، بدأ الضباط يحققون مع موظفين للحصول على معلومات عن نصب الكاميرا في النادي والتقاط صورة الملك وانقطع زيارة الملك من النادي بسبب عدم الحفاظ على خصوصيته في النادي، وكلّف مدير النادي الكوو بإرجاع الملك في النادي لأنه كان يعرف جميع مزاجه، ففي يوم نظراً إلى مزاجه الرائع قال الكوو إن مدير النادي جيمس رايت يقدّم المعذرة إليك ويريد الحضور في خدمتك لتقديم المعذرة بنفسه، لو سمحت فيسمح له للحضور فهويقول “إن عداء سمو الأمير شامل للعرش مسألة معروفة لكن الذي جعله يتجرأ ويقول هذا الكلام في نادي السيارات أن جلالتك لم تعد تسهر في النادي، الأمير شامل لا يجرؤ على الظهور في النادي وجلالتك هناك”([10])نظراً إلى حساسية القضية بدأ الملك يسهر في نادي السيارات وبدأ العاملون يتوقعون أنه سوف يُرجّع البقشيش ولكن لم يتم إرجاع البقشيش ففي يوم قام ثمانية عاملين بمن فيهم عبدون بإضراب العمل ولم يرجعوا للعمل حتى بعد تهديد الكوو فلجأ الكوو إلى الشرطة فتم حبسهم وتعذيبهم من قبل الشرطة وبعد مرور من الزمن تم إرجاع المسجونين في عباءات النساء في الناديوالرسالة كانت واضحة أنه يتم نفس المعاملة مع الجميع الذين يتمرّدون ضد النظام، رجع الجميع إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام ولكن قرّر الخدم الذين واجهوا التعذيب في السجن الانتقام من الكوو فبعد نوم الملك رجع الكوو إلى جناحه في قصر عابدين فجأة، يسمع صوتاً في الحجرة، حدق في الظلام فخُيّل إليه أن عدة أجسام تتحرك عند النافذة، يصيح بصوت محشرج:
من؟
من أنتم وكيف دخلتم؟([11])
عندئذ ضربوه على رأسه وصفعوه وركلوه وهو يلتمس أمامهم أن يتركوه وسوف ينفّذ كل ما يريدون ولكنهم يقولون “لن تخدعنا مرة أخرى” ([12]) ولا يمكن أن نُوجد معاً، إما نحن أو أنت، وأطلقوا عليه الرصاصة فمات الكوو أكبر شماشرجية الملك.
في الحقيقة هذه الرواية تدور حول القضايا الاجتماعية والسياسية على حد سواء حيث يحاول الكاتب إلقاء الضوء على حالة ملك مصر والسودان الذي يسهر في نادي السيارات ويلعب القمار هناك إلى متأخر الليل وبعد يقضي الليلة مع امرأة جديدة تم اختيارها من قبل بوتشيللي الذي هو المسؤول لاصطياد وانتخاب المرأة التي سوف تبيت الليلة مع ملك مصر والسودان.
حاول الكاتب إرسال رسالة واضحة إلى الديكتاتور العرب الذين يظنّون أن عروشهم لن تهتزّ أبداً لأن الكاتب ينتمي إلى حركة كفاية المعارضة في مصر التي تعارض الحكومة وتدعو إلى الديمقراطية وتقول لا يمكن المساواة بين الناس في حكومة استبدادية ويُبلغ من خلال هذه القصة أن الكوو لم يكن يتخيّل عن فقد سيطرته على الخدم ولكن جاء شخص وبدأ يطالب بحقوقه وكرامته ويرفض بالأساس إضراب العاملين في القصر، حاول الكوو إسكاتهم مع تسجينهم وتعذيبهم ولكن لم يرجع تعذيبهم بأي فائدة بل نفخ فيهم نار الانتقام فيطلقون الرصاص على الكوو حتى يموت، وكذلك انتشرت شرارة الثورة بين المصريين فلا تفيد الحكومة تعذيب المواطنين أو تسجينهم بل يُشعل فيهم شرارة الانتقام ويطالبون حقوقهم بكل طاقاتهم وحتماً ستنتهي الديكتاتورية ويأتي نظام جديد يتمتّع فيه المواطن بكل حقوقهم وكرامتهم.
ومن الضروري أن ننتبه على أن الكاتب كتب هذه الرواية بعد اندلاع الثورة في مصر وهو متفائل للغاية أن هذه الثورة سترجع بنتائج مثمرة في العالم العربي ويقول علينا أن نتعلم من الثورات في جميع البلدان التي جاءت بنتائج مثمرة بعد مرور من الزمن فعلينا أن ننتظر الثمرات ولا نيأس من الأوضاع السائدة في العالم العربي وخاصة في مصر حيث تحاول الحكومة كبح الأصوات ضدّها وتحاول تسجين المواطنين الذين حضروا في الثورة مع إلصاق التُّهَم المزيفة إليهم كما تريد تسجين هذا الكاتب الشهير مع إلصاق التُّهم المزيفة إليه، الذي أيضاً حضر في الثورة المصرية ولكم فشلت الحكومة مراراً بسبب شهرته العالمية رغم ذلك تم إيقافه على المطارات لساعات طويلة للتفتيش عن أسفاره إلى الخارج واضطرّت الحكومة إلى إخلاء سبيله للذهاب بعد نشر الأخبار على حساب تويتر وكذلك تم منع ظهور هذا الكاتب على التلفاز المحلي بعد تولي الرئاسة من قبل عبد الفتاح السيسي ولكن هذا الكاتب الجريء يكتب كل أسبوع مقالة ينتقد فيها سياسات الحكومة ويهذّب المواطنين مع إخبارهم عن فوائد الديمقراطية التي فيها يمكن إبداء آرائه ضد الحكومة بدون أي خوف لأن الدستور يعطي حقاً كاملاً لكل مواطن.
وفي الأخير أريد أن أردّد شعار الكاتب الذي يكتبه في نهاية كل مقالاته “الديمقراطية هي الحل”.
الهوامش:
- مقتبس من سيرة الكاتب الذاتية التي بعثها لي عبر الإيميل.
- Rachel Cooke, “The Interview” The Guardian, 31 May 2009
- شبكة عربية حقوقية: انتهاكات واسعة ضد حقوق حرية التعبير بمصر، صحيفة القدس العربي، 08 ديسمبر 2015م
- دعاء إبراهيم، علاء الأسواني طبيب أسنان برتبة أديب مناضل، موقع “نريد مصر كما نتمنى”،
- غني ناصر حسين القريشي، تعريف المشكلة الاجتماعية وأنواعها، نشر هذا المقال على موقع كلية الآداب بـ “جامعة بابل” في العراق، 03/ يناير 2012م.
- نفس المرجع
- غني ناصر حسين القريشي، تعريف المشكلة الاجتماعية وأنواعها، نشر هذا المقال على موقع كلية الآداب بـ “جامعة بابل” في العراق، 03/ يناير 2012م
- الأسواني، علاء، نادي السيارات، ص 52
- نفس المرجع
- الأسواني، علاء، نادي السيارات، ص 556
- المرجع نفسه، ص 664
- المرجع نفسه، ص 666
*الباحث في الدكتوراه، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي، الهند
Leave a Reply