الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
قرائنا الكرام،
يصل إلى حضراتكم، العدد الجديد من مجلة أقلام الهند، في وقت يواجه العالم جائحة ووباء عالميا يعرف بفيروس كورونا قلما نجد له نظير في تاريخ الأوبئة والأمراض التي واجهتها البشرية. ومعظمنا في مثل هذه الأوضاع نسكن في حجر صحي وعزلة اجتماعية لمنع واحتواء تفشي هذا الفيروس في مجتمعنا، ومنطقتنا، ودولتنا، وهنا ينشأ سؤال بأنه كيف يمكننا أن نستبدل نقمة كورونا بنعمة عن طريق استغلال عزلتنا، فنحن ندلكم إلى طريق حيث نستفيد أكثر من لحظات عزلتنا، وأوقات فراغنا، والبقاء في منازلنا الذي ربما كان يوما ما من أسمى أمانينا.
كلنا نعرف أن نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ وإن كنا لم نصب بفيروس كورونا فلنحمد الله على إتمام نعمة الصحة علينا وبسبب إغلاق الأماكن العامة حتى المساجد فنتمتع بنعمة أخرى وهي الفراغ فبدلا من الفزع وهلاك أنفسنا من خلال رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي ومعظمها شائعات بشأن كل مستجدات كورونا في كل بقعة من بقاع العالم، لابد أن نخطط شيئا لجعل هذا الفراغ نافعا لنا ولأمتنا.
أولا: دخلنا في شهر شعبان فلندع الله سبحانه تعالي أن يبلغنا شهر رمضان بدون أن نفقد أي قرابة منا وفراق غال لنا من هذا الوباء ونستعد أنفسنا لاستقبال رمضان كما كان يفعل رسول الله ولنهتم بصيام كي نتمرن ونتعود بها استقبالا للشهر القادم.
ثانيا: هذه فرصة غالية للفراغ ان نبتهل الى الله ونستغفر ذنوبنا لأننا نفروا الى الله الذي قال في كتابه : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسكم لا تقنطوا من رحمة الله. في حياتنا الوظيفية ومليئة بالأشغال الدنيوية لا نجد فرصة لتلاوة القرآن ولمحة لتوبة نصوح ونسرف في كثير من الأحيان على أنفسنا وأهلينا ومن لهم علاقة بها. فهذه فرصة أن نرجع الى الله والعباد لنتوب اليه من كل ما ارتكبنا من المعاصي والأخطاء في حياتنا المليئة بالأشغال الكثيرة.
ثالثا: نخطط لقرأة الكتب حول السيرة النبوية وسير الصحابة وأعلام الأمة لكي نأخذ أسوة من حياتهم وقدوة من فضائلهم وعبرة من سلوكهم وأعمالهم، إضافة الى ذلك، نقرء كتبا قيمة حول التاريخ الإسلامي وتاريخ العالم وتاريخ الأقوام والأمم لكي نكون من أولي العقل والأبصار ونعتبر من قصصهم.
رابعا: إذا عندنا رغبة في أي فن من الفنون أو ترغب في تعلم أشياء جديدة مثل المام بلغة جديدة أو تريد قراءة أواستماع الكتب والمحاضرات القيمة من مهرة مجال رغبتنا فأبواب الإنترنت مفتوح ويمكن لنا الاستفادة الكاملة بهذا الفراغ.
خامسا: إذا وهبنا الله بموهبة خاصة أو مهارة في أي فن من فنون الدنيا أو الآخرة فيمكن أن نعم ونشترك هذه الموهبة مع الآخرين عبر الإنترنت ونعلمهم وفيه كسب مالي وثواب أخروي في آن واحد.
سادسا: نمر بأوقات صعبة ونشهد مستجدات غير مسبوقة في الأوقات العادية فيمكن لنا أن نسجل كل ما نشاهد في مذكرة يومية للأجيال القادمة وهذا يكون لهم بمثابة تاريخ فريد من نوعه وفي هذا السياق يمكننا أن نذكر مكانة كتاب “Diary of a Young Girl” الذي كتبته أيني فرينك والتي سجلت حياتها وأسرتها في حالة خفاء من الاحتلال النازي بهولندا لسنتين في الأربعينيات من القرن الماضي.
سابعا: ركز الإسلام على صلة مع الأقرباء حتى البعيدين منهم. فهذه فرصة ذهبية ان نجرى محادثات هاتفية مع الأصدقاء القدماء والأقرباء البعيدين الذين لهم لايوجد لدينا وقت كاف في حياتنا المليئة بالأشغال والأعمال.
ثامنا: نغتنم هذه الأوقات وإذا في بيوتنا اخوة والأخوات صغار فنتكلم ونلعب معهم ونعرف مشاغلهم وهوياتهم وتطلعاتهم ونناقش أهدافهم في حياتهم الوظيفية وإذا فيه إمكانية ونرشد الى الأشخاص والمواقع الالكترونية يتستفيدونها في حياتهم المستقبلية.
تاسعا: في الحياة المدنية قلما نجد فرصة للتكلم والتشاور مع الآباء والأمهات ونسئل عن صحتهم ونطلب منهم أن يسردوا لنا خلاصة حياتهم وتجاربهم. يحب الوالدان أن يقص قصصهما من الطفولة والشباب وفي حياتنا لانجد فرصة لكل هذه الأعمال الهامة فهي هبة من الله وفرصة لكي نستفيد من فراغنا الذي قلما نجد في حياتنا.
عاشرا: نعيش في حجر صحي فهذا ليس بمثابة احتفالات وبرامج جماعية نتمتع ونتلذذ بها فهذه عزلة صحية لابد أن نتجنب كل ما يضرنا ويجعلنا متعرضا لهذا الفيروس التاجي لأننا نعرف أن الوقاية خير من العلاج. فبهذه المناسبة يمكن لنا أن نمارس الرياضة البدنية مع أهل أسرتنا لكي لانمل من طوال عزلتنا ونقضي هذه الأيام الصعبة مع فوائد دينية ودنيوية.
فهذه عشرة كاملة، ويمكنكم أن تضيفوا إليها حسب رغبتكم وخبرتكم وتتمسكوا بها وتعضوا عليها بالنواجذ في أيام العزلة والحجر الصحي.
كتبه للمجلة الأخ محمود عاصم
Leave a Reply