ملخص البحث:
لعبت الهند مع كونها بعيدة عن الجو العربي نائية عن خليجها دورا بارزا في تطوير العلوم الإسلامية والآداب العربية. فقد أنجبت من الشعراء العظام والأدباء الكرام من جاروا شعراء العرب الخلص وباروا أدباءها، وتلك حديث كتب كثيرة، ومن هؤلاء الشخصيات الفذة والرموز المرموقة غلام علي آزاد البلكرامي المعروف بحسان الهند الذي ساهم مساهمة فعالة وقام بخدمات رائعة في المديح النبوي وكتب فيه مئات القصائد بالإضافة إلى ما صنف من كتب التراجم والسير وما نظم من أشعار وقصائد ودواوين في الموضوعات المختلفة والمجالات المتنوعة.
الكلمات المفتاحية: البلكرامي، الهند، المديح النبوي
نشأة الشاعر وأسرته وبيئته:
ولد غلام علي بن السيد نوح الحسيني البلكرامي في يوم الأحد 25صفر 1116هـــ (الموافق 30يونيو 1704)، ببلكرام وهي قرية من أعمال مديرية هردوئي بالإقليم الشمالي الهندي وهي مدينة عظيمة تعد من أعظم مراكز الثقافة العربية وأكبر منابع الفكر الإسلامي بالهند منذ القرن السابع الهجري، ويصل نسبه إلى حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
كانت أسرة آزاد واسطية عر اقية الأصل يرجع نسبها إلى علي العراقي من ذرية الشهيد زيد بن علي بن الحسين السبط رضي الله عنهم. وقد قادها السيد صغرى بن السيد علي بن السيد حسين الحسيني (ت645هــ) فدخل الهند من جهة خراسان وفتح بلكرام قسرًا سنة 614هـــ في عهد السلطان شمس الدين التمش أحد سلاطين المماليك في الهند والذي حكمها من 607هـــــ/1211م إلى 633هـــ /1235م وعمل في بلاطه فكلفه هذا السلطان على حملة لتأديب حاكم بلكرام الهندي الذي كان يعادي الإسلام فدارت خارجها معركة حاسمة أسفرت بقتل الراجا الهندي ودخول محمد الصغرى بلكرام فاتحاً 614هـــــــ/1317م فعمرها وأقام بها، ومن سلالته شاعرنا غلام على آزاد.
كانت هذه الأسرة تحرص على تربية أبنائها تربية دينية عربية عريقة . ولذا فقدخرّجت الأسرة في بلكرام شيوخا ذاع صيتهم وشاع شهرتهم. منهم : السيد مرتضى الزبيدي[1] (1145-1205ه) من أبناء عمومة شاعرنا آزاد ومعاصره أيضا- صاحب تاج العروس في شرح القاموس، واتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، وغيرهما من أمهات الكتب وأحد أساتذة الشيخ المؤرخ الجبرتي، ومن هذه الأسرة أيضا السيد عبد الجليل البلكرامي[2] (1071- 1137ه) جد شاعرنا الذي كان يتقن أربع لغات هي العربية والفارسية والتركية والهندية وله فيها أشعار وقد قال عنه السيد علي خان المدني صاحب سلافة العصر: ” ما رأيت لهذا السيد بالهند نظيراً ، ونظرا لتفوقه فقد فوض إليه السلطان أورنكزيب عالمكير[3] عمل كاتب الوقائع أمانة المال في إقليم السند ، ثم رغب فيه السلطان فرّخ سير[4] عن هذا العمل فولاه لابنه محمد وجعل السيد من مستشاريه”.
ومن أعلام بلكرام أيضا: أمير حيدر حسين مؤلف “سوانح أكبري” ومفتي صدر ديوان عدالت في كلكتة ، ونواب عماد الملك سيد حسين البلكرامي، و هو أول مسلم عيّن وزيرا بالهند عام 1907م ومن مشائخ بلكرام الذي استقروا فيها قبل السادة المتقدمين جماعة من المشاهير أمثال روح الأمين خان نائب حاكم كجرات وشيخ يار الله الذي قتل في أحمد آباد سنة 1730م و ولده مرتضى حسين والشخ يار الله ثاني صاحب كتاب” حديقة الأقاليم”.
حياته التعليمية:
نشأ العلامة في أسرة علمية أدبية فقرأ الكتب الدراسية المتداولة على السيد ” طفيل أحمد” الأترولوي، ثم لازم جده لأمه السيد”عبد الجليل بن مير أحمد” البلكرامي فأخذ عنه الحديث والفقه واللغة والسير والفنون والعربية والفارسية حتى برع فيها، ثم لزم خاله السيد محمد بن عبد الجليل فتعلم منه العروض والقوافي وبعض الفنون الأدبية، وفي سنة 1150هــ تاقت نفسه لزيارة الحرمين الشريفين، فرحل في نفس السنة إلى الحجاز للحج والزيارة، حيث أقام فيها سنةً كاملةً وبضعة شهور قضاها كلها في التعلم والأخذ والاستفادة من علمائها، فاستفاد الحديث النبوي الشريف من الشيخ المحدث “محمد حيات السندي” [5]، وأخذ عنه إجازة الصحاح الستة وسائر مقروءاته، كما يقول بنفسه في “سبحة المرجان”: وقرأت أيام إقامتها صحيح البخاري على شيخي ومولاي محمد حيات السندي المدني، قدس سره – وأخذت عنه إجازة الصحاح الستة وسائر مقروءاته، واقتطفت ثمارا أيانع من غصون بركاته”ص:302، واستفاد أيضا في هذا الفن من الشيخ عبد الوهاب الطنطاوي المصري[6] (م 1157هـ) وأخذ عنه معلومات جمة، و لما أراد الرجوع إلى الهند أتى إلى روضة النبي صلى الله عليه وسلم وأنشد بها:
عليك سلام الله يا أشرف الورى وما أنا إلا كالذي جاء منهلا |
لقد سال دمعي في فراقك فانيا فذاق ولكن عاد ظمآن باكيا[7] |
أساتذته وشيوخه:
لقد تلمذ آزاد على كثير من علماء زمانه و شيوخ عصره فأخذ منهم واستفاد، من أبرزهم: السيد طفيل محمد الحسيني الاترولوي البلكرامي (1073- 1151هـ)، والسيد عبدالجليل البلكرامي جده لأمه (1071-1143) تعلم منه العروض واللغة العربية والأدب والشعر والتفسير والحديث ،والسيد محمد بن عبد الجليل بن أحمد البلكرامي ، خاله (1101- 1185هـ) أخذ منه الأدب خاصة والفارسية والسنسكريتية ، والسيد لطف الله الحسيني الواسطي البلكرامي الصوفي، خاله (ت1143هـ).، وعبد الوهاب الطنطاوي، و محمد حياة السندي أخذ منهما الحديث في مكة المكرمة.
خدماته وآثاره:
لقد خلّف شاعرنا غلام علي وراءه خدمات جليلة ومساهمات جبارة في التراجم والسير الأدب والشعر في العربية والفارسية، نذكر منها:
سبحة المرجان في آثار هندوستان: وهو من روائع خدماته وغرر آثاره كتب فيه تراجم علماء الهند العظام وشعرائها الكرام.
شمامة العنبر في ما ورد في الهند من سيد البشر: ألفه قبل كتابة السبحة ثم جعله الفصل الأول منها، لها عدة مخطوطات في الآصفية(حيدرآباد) برقم 853، ورقم 857، بخط زيد البلكرامي من أحفاد المؤلف سنة 1292هـــــ ، ورقم 859 وفي هذا المخطوط ورد قوله في مدح الهند:
قد أودع الخلاق آدم نوره والهند مهبط جدنا ومقامه فسواد أرض الهند ضاء بداية |
متلئلئاً كالكوكب الوقاد قول صحيح جيد الإسناد من نور أحمد خِيرة الأمجاد |
ضوء الدراري في شرح صحيح البخاري: لم يستوعب الصحيح كله بل شرح إلى آخر كتاب الزكاة، وقد فكر عن شرحه هذا في الحجاز حين قرأ الصحيح على الشيخ محمد حياة السندي (1163هــ) .
شفاء العليل في الإصلاحات على أبيات أبي الطيب المتنبي أورد فيها بعض اعتراضاته على المتنبي مع إصلاحاته .
تسلية الفؤاد في قصائد آزاد
السبعة السيارة: وهي دواوينه السبعة جمعها في مجلد واحد سماه (السبع السيارة).
مظهر البركات: وهو مجموعة شعرية كتبها ونظمها بأسلوب المثنوي الفارسي باللغة العربية يناهز عدد أبياتها 3700 وهي في التصوف والأخلاق والسلوك، وقد رتبه على سبعة دفاتر.وهي في غاية الرقة والحلاوة، ومظهر البركات تعد مجموعة شعرية قصصية صوفية واجتماعية تقع في سبعة فصول أصغرها يتكون من خمس عشرة حكاية، وكان آزاد قد قرض في كل صنف من الشعر الفارسي فأنشد الرباعي والمثنوي والمستزاد وما هو دون ذلك، والأرجوزة العربية المزدوجة هي تضاهي الرباعي الفارسي من ناحية القوافي ولكنها تختلف عن الرباعي نظرا إلى البحور والأوزان، فاختار آزاد أوزان المثنوي الفارسي للاراجيز المزدجة العربية، فكتابه” مظهر البركات” مثنوي عربي أنشده على أوزان فارسية واعتبر نواب صديق حسن خان هذا المثنوي عملاً مجيداً من آزاد ، وفي أبجد العلوم ص 922 قال : مظهر البركات مجموعة لسبعة دفاتر على وزن الشعر المزدوج (مزدوجة في البحر الخفيف ، وفي غاية السلاسة والعذوبة، ولم ينظم أحد مثله مزدوجة عربية في هذا البحر، والدفتر السابع منها نظم سنة 1196ه).
وفي بعض المصادر أنه بعث بديوانين إلى المدينة المنورة وقرآ أمام روضة الرسول الكريم الشريفة صلى الله عليه وسلم وكلاهما يشتملان على ثلاثة آلاف بيت.
روضة الأولياء(تراجم لبعض الأولياء).
إلى غير ذلك من الكتب المهمة والمصنفات الهامة.
شعره:
كان شاعرنا آزاد البلكرامي شاعرا مفلقا مطبوعا أصيلا فقد نظم في معظم أغراض الشعر من الوصف والرثاء والغزل والنسيب والمديح والحب،و قد كان يجيد الشعر في الفارسية والهندية كما كان يجيد في العربية وقد ذكر في السبحة:” أنا صاحب الديوانين العربي والفارسي، ومالي في الهند ديوان، ولكني ماهر بالشعر الهندي” وقال: أيضا: وما ظهر في الهند قبلي من يكون له ديوان عربي، ومن يكون له شعر عربي على هذه الحالة”.
يعتبر شعره ثروة أدبية قيمة في تاريخ الشعر العربي الهندي، وقد اعتنى به أصحاب النقد والتاريخ، فاعترفوا بعلو كعبه في قرض الشعر، ونظرا إلى ارتجاله الذي كانت قريحته تجود به عدّوه بين معاصريه من الشعراء الممتازين من الناحية الفنية، لذلك فإن شعره يتسم بجزالة اللفظ وروعة الأسلوب وبلاغة المعاني والبيان، يقول الدكتور عبد المقصود محمد شلقامي: وإذا نظرنا إلى شعره بالمقارنة إلى معاصريه وجدناه قمة لا يتسامى إليها أي شاعر معاصر سواء في الأساليب أو المعاني أو الأخيلة، ولكنه لما كان بعيدا عن بلاد العرب هندي المنشأ والموطن واللسان فإن الأضواء لم تستطع أن تعبر إليه الخليج، وبالتالي لم يعرف عنه الكثير ولو أنه عاش في بلاد العرب لصار رائدا من طراز البارودي”[8]
يقول عبد المقصود شلقامي: الواقع أن آزاد قد اشترك مع حسان بن ثابت رضي الله عنه فإذا كان الأخير دافع عن الدعوة الإسلامية ومدح صاحبها فإن آزاد قد اقتفى أثره وأكثر في المديح وإن يبلغ ملبغ حسان إجادة وشمولا، وإذا كان الفرس قد أطلقوا لقب حسان العجم على شاعرهم الخاقاني[9] وتعارفوا على ذلك فإن آزاد بلا شك يستحق لقب حسان الهند في نظر أهلها على الأقل”.
و له قصائد كثيرة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرجوزة طويلة تبلغ نحو 3500 بيت، وقد منحه الله تعالى قدرة عجيبة على نظم الشعر فقد كان ينظم قصيدة كاملة في يوم واحد أو أقل منه: يقول السيد عبد الحي الحسني[10]: ” كلما يتوجه آزاد إلى النظم تحضر المعاني لديه صفاً صفاً وتتمثل بين يديه فوجاً فوجاً[11] “.
وقد قال بعض أصحابه فيما كتبه في ترجمة آزاد وجعله مقدمة لديوانه الرابع: ” إنه حسان الهند ومداح النبي صلى الله عليه وسلم أوجد في مدحه معاني كثيرة نادرة لم يتفق لمثلها لأحد من الشعراء المفلقين، وأبدع في قصائده المدحية خاصة لم يبلغ مداها فرد من الفصحاء المتشدقين، وله في التغزل طور خاص يعرفه أصحاب الفن ومنحه الله قدرة على النظم بحيث ينظم قصيدة كاملة في يوم واحد بل في بعضه على كيفية يراها الناظرون وكلما يتوجه إلى النظم تحضر المعاني لديه صفا صفا وتتمثل بين يديه فوجا فوجا وهو قرر نصاب القصيدة في التغزل أحدا وعشرين بيتا وهي الدرجة الوسطى التي تريح الأسماع ولا تمل الطباع وإنما يميل خاطره إلى النظم في أيام الربيع وأما في غيره هذه الأيام فيصدر الشعر من قريحته قليلا لأن الربيع فيه تخضر المراتع وتهتز الطبائع” .
وهو أول من تغنى في العربية بأمجاد الوطن الهندي، وابتكر في الشعر العربي أشياء كثيرة مثل المردف ، والمستزاد، والمزدوجة وغيرها من الأنواع الشعرية الفارسية، كما ألبس بعض الأفكار والأخيلة الهندية ثوبا عربيا، وصاغها صياغة عربية.
طبيعته الشعرية الخاصة
إذا رأينا إلى طبيعة آزاد الشعرية نرى فيها طبيعة الشعراء الجاهليين الخلص فقد سلك آزاد في شعره مسلك الشعراء القدامى من الجاهليين والإسلاميين وسار على نهجهم وطريقتهم في الوقوف على الأطلال والبكاء على الرسوم والديار، ومع هذا فقد ابتكر في الشعر العربي معاني جديدة و ألبس بعض الأخيلة الهندية والسنسكريتية ثوبا عربيا وأبدع أكثر من الشعراء الهنود الذين مضوا من قبله.
وكان لآزاد طبيعته الخاصة في قرض الشعر ونظمه فكان ينظم ويقرض الشعر في شهر الربيع حيث يصفو الجو والسماء وتزدهر الحدائق وتشدو البلابل والعنادل وتصدح الطيور والعصافير و تلبس الطبيعة أبهى حلة الحسن والجمال أما في غيره فكان لا ينظم إلا قليلا ويسيرا.
مديحه ومنهجه
أكثر أشعار آزاد وقصائده في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وقد كتب غير ذلك من الأشعار والقصائد التي تبلغ المئات والآلاف، منها أشعاره التي تصف حسن المرأة وجمالها والمعروفة بـ”مرآة الجمال” يصف في تلك القصيدة أعضاء المعشوقة من الرأس إلى القدم ومنها ما تتناول غير ذلك من الموضوعات والمناسبات والمجالات من الرثاء والمدح والوصف والإخوانيات.
ومنهج آزاد في مديحه منهج الشعراء القدامى من الجاهليين والإسلاميين فهو دائما يستهل قصيدته بالنسيب والغزل ووصف النساء كما نرى هذه السمات واضحة جلية في قصائد حسان بن ثابت وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك رضي الله عنهم .
فمثلا نرى كعب بن زهير رضي الله عنه يبدأ قصيدته البردة التي أنشدها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم بوصف النساء وتشبيبهن فيقول:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول وما سعاد غداة البين إذ رحلو |
متيم إثرها لم يفد مكبول إلا أغن غضيض الطرف مكحول |
ولم يكن هذا المنهج خاصا بالمديح النبوي في ذلك العصر، بل كان عاما شاملا لكلا العصرين الجاهلي والإسلامي باديا في قصائدهم وأشعارهم، وقد ساد هذا المنهج كل أشعارهم وقصائدهم التي غنّوها وأنشدوها في مدح ملوكهم وأمرائهم وأشرافهم ونقبائهم.
مدائحه النبوية:
لقد قرض آزاد قصائد عديدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ونظم أشعارا كثيرة التي سارت بها الركبان في البلدان وطارت في الآفاق من أشهرها لامية الهند التي عارض بها لامية القاضي عبد المقتدر الكندي الدهلوي .
و منها همزيته الشهيرة التي تبتدئ بهذه الأشعار:
لمحت إلى بعينها الكحلاء ولقد ثملت بلحظة سمحت بها وعلمت آراء العليل صحيحة أسرت قلوب العاشقين فطوقت |
فمرضت طول العمر بالسوداء من نرجس ريّان بالصهباء لما رأيت من العليل شفائي أجيادها بعيونها النجلاء |
ثم يقول ممتدحا النبي صلى الله عليه وسلم:
بات الفؤاد بصدغها متجرعا فأتيت بالقلب السليم مناديا برهان رب العالمين حبيبه من معشر الإنسان إلا أنه هو خير من وطئ التراب وخيرمن |
من سم تلك الحية السوداء غوث الورى في شدة ورخاء في الأمة الأمية العرباء إنسان عين المجد والعلياء صعد السماء وخيرة الشرفاء [12] |
إلى غيرها من الأبيات الممتعة العذبة الرقيقة.
ومنها قصيدته الرائية التي يستهلها بهذه الأبيات :
أترجو من العشّاق كتم السرائر تذيب أناشيد الحمام قلوبهم متى يترائى البرق يصفرّ لونهم |
وتنطق سيماهم بما في الضمائر وتوحشهم سر الظباء النوافر ويغمي عليهم بالرياح العواطر |
ثم ينتقل إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:
أياعارض البطحاء أضحكت دائما أفضت على العطشى مياها معينة أبي القاسم النور المضيئ محمد ثمال الورى قطميرها ونقيرها أما كان رد الشمس بعد غروبها تولى جنود الفيل والطير فوقهم أشار إلى أولاده وكتابه هو القمر الوقاد في فلك الهدى |
لأنت رءوف بالغصون النوافر وأظللت رأس المصطفى في الهواجر مشنف أسماع الورى بالبشائر أجار الذي ينمو بأرض المشاعر[13] لأكرم كرّار سني المـــــــــــــــــــــآثر و طــــــــــــــــــــــائرهم مع هؤلاء المعاشر فساواهما في هدي أهل الشعائر وأصحابه عقد النجوم الزواهر[14]
|
ومن مدائحه التي طار ذكرها في الآفاق:
من أي ناحية مجيئك يا صبا أنا يا نسيم على نوالك شاكر أو ما رأيت غزالة وحشية هو أفضل الرسل الكرام جميعهم لا غرو إن ذابت جهنم حسرة آزاد في لهب الجوى متضرم أهدى المهيمن من خزانة لطفه |
إن جئت من واد العتيق فمرحبا شرفتني متفضلا متحببا هجماء كلمت النبي المجتبى وأجلهم قدرا وأرفع منصبا هو بالشفاعة لا يغادر مذنبا فأفض عليه من العناية صيّبا لجناب سيّدنا سلاما طيّبا[15] |
ومن أعذب مدائحه وأرقها وأجملها هي التي يستهلها بقوله :
ترنمت الحمامة في الشجون ألم تر أنها أبكت عيوني علام بجنة الوعساء تبكي عديم المثل في حسن التغني ثم يبدأ في مدح النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله فخر بني نزار سرى ليلا إلى فلك محيط ولولا نوره الأعلى مقاما لقد فاضت أصابعه زلالا وما قبل القساة هداه جهلا وإن لم تقبل الأحجار نبتا أبوا بقراء والسبع المثاني |
نعم كم من فنون للجنون وشنفت المسامع باللحون وتذكي النار بالنفس الرنون وقاها الله عن ريب المنونلمن خشى العدى خير الحصون ونور سوح يثرب بالسكون لماظهرت خُفيّات الشيون رويا فارتوت غلل العطون وما فازوا بصادقة الظنون فليس النقص من قبل الفنون وفاهوا بالخلاعة والمجون |
ثم يتوسل بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ويستغيث منه فيقول :
أغثني يارسول الله فضلا ركنت إلى جنابك مستعينا |
وخلصني من الدهر الحزون أجل نظرا إلى هذا الركون |
إلى غير ذلك من المدائح الرقيقة والقصائد العذبة التي يروي غليل العشاق والمحبين.
هوامش المقال:
[1] صاحب تاج العروس في شرح القاموس وإتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين.
[2] مولانا السيد عبدالجليل بن السيد أحمد الحسيني ولد ونشأ بببلكرام من علماء الهند المشهورين ولد سنة 1071هـ كانت ماهرا بارعا في جميع العلوم والفنون لاسيما الفقه والأصول والعربية .
[3] أورنكزيب عاللم كير (1027-1117هـ / 1619- 1707م)ترجمته في كتب الشيعة في العصر المغولي/244 وما بعدها.
[4] فرخ سير بن عظيم الشان ابن شاه عالم بهادر (ت1121هـ 1718م) غلب على جهان دار شاه وتبوأ عرش الحكومة وعزل عنه سنة 1131،ترجمته في كتب الشيعة في عصر المغولي / 303 وما بعدها.
[5]. هو الشيخ محمد حيات بن ابراهيم السندي المدني،وكان من أساتذته محمد أمين التتوي السندي، أخذ الإجازة عن أبي طاهر محمد بن براهيم الكردي المدني وحسن بن علي العجمي وغيرهما، صاحب الإيقاف في سبب الإختلاف:راجع النزهة 6/201
[6] . هو عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الأحمدي الطنطاوي المصري الشافعي من رجال القرن الثاني عشر، فقيه له بذل العسجد في شيئ من أسرار محممد
[7]. سبحة المرجان في آثار هندوستان، ص- 8
[8] “الآداب العربية في شبه القارة الهندية” للدكتور زبير أحمد، ص:251 ،
[9](فرهنك دانش وهنر) هو أفضل الدين إبراهيم بن علي الخاقاني الشرواني ولد 520ه/1126م في قرية دربند من قرى شروان وتوفي 595هـ/1197م
[10] هو عبد الحي الحسني والد أبو الحسن علي الحسني الندوي صاحب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر
[11] نزهة الخواطر ، للدكتور عبد الحي الحسني، ج6، ص-211
[12] الديوان الأول لغلام على آزاد البلكرامي ص 1،2، مطبوعة كنز العلوم حيدرآباد دكن
[13] سبحة المرجان في آثار هندوستان ص -31
[14] المرجع السابق نفسه ص 23،24
[15] المرجع السابق نفسه ص 10،11
*جامعة دارالهدى الإسلامية، مالابورم، كيرلا، الهند
Leave a Reply